قامت الفلسفة الإسلامية معتمدة على القرآن الكريم والسنة النبوية بتأسيس منهج تربوي شامل يراعي الفروق الفردية بين المتعلمين وميولهم واهتماماتهم. جعلت من منهج التربية الإسلامية منهج عبادة وفكر وعمل. وقد راعت التربية الإسلامية التلاميذ منذ طفولتهم واهتمت بالأنشطة التربوية التي تنمي القدرات العقلية والمهارات الجسدية لديهم.
أنواع الأنشطة التربوية في ظل الإسلام
تشمل الأنشطة في ظل الإسلام أنواعًا مختلفة من التمارين البدنية والثقافية في مختلف مجالات الحياة. فقد حثَّ الإسلام على ممارسة الرياضة المحمودة سواء كانت باللعب أو بالسهام أو بالرماح أو بأي سلاح يمكن أن نستخدمه للدفاع عن أنفسنا وديننا. كما شجَّع على تعلُّم الشعر والأدب والفنون والعلوم.
أمثلة على الأنشطة البدنية
ورد في الأحاديث النبوية ما يدل على حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشاركة أصحابه في بعض الألعاب والتدريبات. فقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم، فدخل عمر فأهوى إلى الحصى فحصئهم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعْهُمْ يَا عُمَرُ) . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:” كان أبو طلحة يتترس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بترسٍ واحد، وكان أبو صُلاَّح حَسَّانَ الرَّمْىِ، فكان إذا رَمَى تشرف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فينظر موضع نبلته”. وعن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقرأ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]، ثم قال:”إلا أن القوة الرمي، إلا أن القوة الرمي، إلا أن القوة الرمي”.
أمثلة على الأنشطة الثقافية
اهتم الصحابة رضي الله عنهم بالأنشطة الثقافية ودعوا إليها. فقد أثر عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “علِّمُوا أولادكم السباحة والرَّمَايَةَ، ومُرُوهُمْ فَلْيَثْبُوا عَلَى الْخَيْلِ ثَبًّا، وروُّوهُم ما يحفظون من الشِّعْر” . أي: اهتموا بتعليم أولادكم مجالات مختلفة من الحياة، من بينها المهارات البدنية مثل السباحة والرَّمَاية وركوب الخيل، بالإضافة إلى المجالات الثقافية مثل قراءة الشعر وفهمه وحفظه.كما اهتم علماء المسلمين بالأنشطة التربوية وأوصوا بها. فقد قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتابه “إحياء علوم الدين”:”يؤذن للصبي بعد الانصراف من المكتب أن يلعب لعبًا جميلًا يستريح إليه من تعب المكتب، بحيث لا يتعب من اللعب. فإن منع الصبي من اللعب فإن ذلك يؤدي إلى إرهاق في طلب العلم، يُمِّيت قلبه ويُبْطِئ ذكاءه ويُنْغِص عيشه حتى يتَّخذ لذات نفسه حيلة لخلاص نفسه من ذلك” . كذلك قال:”صحَّ بأن يُعودَ الطفل على الخشونة وعدم النوم نهارًا، وعلى المشي والحركة والرِّياضة. كذلك تصحُّ بأن نُعْظِم في النظر إلى العادات القومية، فطالب بأن نعلم الصبيان الجلوس الصحيح”. أي: اهتموا بتنشئة الأطفال على العادات الصالحة والسلوكيات الحسنة التي تناسب شريعتنا وعقيدتنا.
اساليب المنهج الاسلامي في التربية
المنهج الإسلامي في التربية هو المنهج الذي يستند إلى تعاليم الإسلام وقيمه وأخلاقه، ويهدف إلى تنمية شخصية المتربي على جميع الأصعدة: الروحية والعقلية والجسدية والاجتماعية. لتحقيق هذا الهدف، يستخدم المنهج الإسلامي في التربية مجموعة من الأساليب التربوية المتنوعة والمتكاملة، والتي يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع رئيسية: أساليب تعليمية، وأساليب تربوية، وأساليب تقويمية.
- الأساليب التعليمية: هي الأساليب التي تستخدم لنقل المعارف والمهارات والاتجاهات إلى المتربي، وتشمل مثلاً: الحوار، والقصة، والأمثال، والتشبيه، والتفسير، والإجابة على الأسئلة، وغيرها. هذه الأساليب تعتمد على استخدام اللغة الفصحى، واحترام مستوى فهم المتربي، وتحفيز المشاركة الفعالة، وتوظيف مصادر التعلم المختلفة. يمكنك الرجوع إلى المصدر للحصول على بعض الأمثلة عن كيفية استخدام هذه الأساليب في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
- الأساليب التربوية: هي الأساليب التي تستخدم لتشكيل سلوك المتربي وتطوير شخصيته، وتشمل مثلاً: القدوة، والحث، والإشادة، والإنذار، والإصلاح، والعقاب، وغيرها. هذه الأساليب تعتمد على مراعاة خصائص المتربي، وانطلاق من حاجاته واهتماماته، وإبراز دور الضمير والإرادة في التغيير، وإحداث التوازن بين المحبة والخوف. يمكنك الرجوع إلى المصدر للحصول على بعض الأمثلة عن كيفية استخدام هذه الأساليب في قضية تخلف بعض الصحابة عن غزوة تبوك.
- الأساليب التقويمية: هي الأساليب التي تستخدم لقياس مدى تحقق أهداف التربية، وتشمل مثلاً: الملاحظة، والاستطلاع، والاختبارات، وغيرها. هذه الأساليب تعتمد على وضع معايير واضحة وموضوعية للتقويم، واستخدام أدوات متناسبة وموثوقة، وتقديم ردود فعل بناءة ومحفزة، واستغلال النتائج في تحسين العملية التربوية. يمكنك الرجوع إلى المصدر للحصول على بعض الأمثلة عن كيفية استخدام هذه الأساليب في تقويم الطلاب في المدارس الإسلامية.
ضوابط التربية حسب المنهج الاسلامي
التربية هي عملية تهدف إلى تنمية شخصية الإنسان وتطوير قدراته ومهاراته واتجاهاته وقيمه، وذلك بما يتوافق مع مقاصد الشريعة الإسلامية وأهدافها. والمنهج الإسلامي في التربية هو المنهج الذي يستند إلى تعاليم الإسلام وقيمه وأخلاقه، ويستخدم أساليب ووسائل متنوعة ومتكاملة لتحقيق هذا الغرض.
ولكي يكون المنهج الإسلامي في التربية فعالاً وناجحاً، فإنه يحتاج إلى اتباع بعض الضوابط والمبادئ التي تضمن سلامة العملية التربوية وجودتها. ومن هذه الضوابط ما يلي:
- التوحيد: هو أساس المنهج الإسلامي في التربية، فهو يربط بين التربية والعبادة، ويجعل الله تعالى هو المرجع الأول والأخير في كل شؤون الحياة. فالتربية في الإسلام هي تربية على التقوى والطاعة والخشوع لله تعالى، وتربية على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع سنته، وتربية على احترام كتاب الله تعالى وفهم معانيه.
- الشمول: هو أن يشمل المنهج الإسلامي في التربية جميع جوانب شخصية المتربي، من ناحية الروح والعقل والجسد والنفس، وأن يشمل جميع مجالات المعرفة، من ناحية الدين والدنيا، وأن يشمل جميع مستويات التربية، من ناحية المفاهيم والاتجاهات والسلوك.
- التكامل: هو أن يكون المنهج الإسلامي في التربية متكاملاً مع نظام الإسلام ككل، فلا يتعارض مع أحكام الشريعة أو مقاصدها، بل يؤدي إلى تحقيقها. كما أن يكون المنهج متكاملاً في أجزائه، فلا يفصل بين المادة التربوية والأسلوب التربوي أو بين المحتوى التربوي والغاية التربوية.
- التطور: هو أن يكون المنهج الإسلامي في التربية قابلاً للتطور والتجديد، بحيث يستجيب لمتغيرات الزمان والمكان، ويلبي حاجات المجتمعات المختلفة، ويستفيد من التقدم العلمي والتكنولوجي، مع الحفاظ على الثوابت الإسلامية والقيم الأصيلة.
- التقويم: هو أن يكون المنهج الإسلامي في التربية مقوماً بشكل مستمر وشامل وعادل، بحيث يقيس مدى تحقيق أهدافه وفعاليته، ويكشف عن نقاط القوة والضعف فيه، ويعالج المشكلات والعوائق التي تواجهه، ويحسن من أدائه ونتائجه.
No Comment! Be the first one.