تفسير كلمة الهكسوس
الهكسوس هو اسم يطلق على الغزاة الأجانب الذين حكموا مصر في فترة من التاريخ. وهو مشتق من كلمتين مصريتين تعنيان “حكام الأقاليم الأجنبية”. وهذا الاسم كان مستخدما في المصادر المصرية منذ الأسرة السادسة وحتى عهد البطالمة. وهذه الفترة هي أطول فترة احتلال للهكسوس في مصر.
ونلاحظ أن بعض ملوك الهكسوس استخدموا هذا الاسم لأنفسهم على آثارهم أو جعارينهم. فقد لقبوا بحقا فاسوت أي “حاكم البلاد الأجنبية”، مثل الملك خيان وسمقن وعنات هر.
ولكن لا يوجد اسم محدد في اللغة المصرية القديمة للدلالة على هؤلاء الغزاة، الذين سماهم مانيتون بالهكسوس. فقد ذكر ورقة سالييه، المؤرخ الغربي، أنهم كانوا يعرفون بالطاعون، لأن المصريين كانوا يعتبرونهم أعداء. وعلى ما يبدو، كان المصريين يطلقون عليهم اسم عامور أي الأسيويين في عهد الهكسوس نفسهم. وفي لوح كارزفون ونقش أحمس بن أبانا، أطلق عليهم اسم منيثو ستت.
ويرى التاريخيون أن الأسرة الخامسة عشرة هي التي أسستها الهكسوس على حساب الأسرة الرابعة عشرة، التي كانت تحكم في طيبة. وفي نفس الوقت، كانت الأسرة الثالثة عشرة تحكم في طيبة أيضا، لكنها كانت خاضعة للهكسوس. فقد ذكر المؤرخ الإنجليزي أدورد مير أن نحسى، ثالث ملك من آخر ملوك هذه الأسرة، ووالده كانا تابعين للهكسوس.
اسباب غزو الهكسوس
الغزو الهكسوس لمصر في العصور القديمة يُعزى إلى عدة أسباب. من بين الأسباب الرئيسية لغزو الهكسوس لمصر:
- الضعف الداخلي: كانت مصر تعاني في تلك الفترة من انقسامات داخلية وصراعات بين الأسر الملكية والنبلاء، مما أضعف وحدة البلاد وقوتها العسكرية.
- التغيرات الاجتماعية: قد يكون هناك تغيرات اجتماعية في مصر، مثل تغيرات في هيكل المجتمع والتوزيع السلطوي، مما خلق فجوات اجتماعية ونزاعات داخلية.
- الاستياء من الحكم الفرعوني: قد تكون هناك عدم رضا من بعض الفصائل أو القبائل على الحكم الفرعوني والضرائب المفروضة عليهم، مما أدى إلى حدوث تمردات وانتفاضات.
- التقدم التكنولوجي للهكسوس: يُعتقد أن الهكسوس كانوا يمتلكون تكنولوجيا عسكرية أفضل وأسلحة أكثر تطورًا من تلك التي كانت متاحة للمصريين في ذلك الوقت. قد تكون هذه التفوق التكنولوجي جذبت الهكسوس للتوغل في مصر.
- الفرص الاستراتيجية: قد تكون الظروف الجغرافية والسياسية المحيطة بمصر قد أتاحت فرصًا استراتيجية للهكسوس للتوغل في البلاد. قد يكونوا استغلوا الفترة الضعيفة التي مرت بها مصر للسيطرة على أراضيها.
تلك هي بعض الأسباب المحتملة لغزو الهكسوس لمصر. يجب ملاحظة أنه لا يوجد اتفاق تام بين العلماء حول الأسباب المحددة، وتلك الأسباب قد تكون نتيجة لتداخل عوامل متعددة وتفاعلها معًا.
متى بدأت هجرة الهكسوس لمصر
بدأت هجرة الهكسوس من منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط حوالي بداية القرن التاسع عشر قبل الميلاد. لم يدخل الهكسوس البلاد في موجة واحدة، بل جاءوا بشكل متفرق في مجموعات صغيرة. تزايد عدد هذه المجموعات حتى أصبح لديهم قوة كبيرة في البلاد نتيجة لتسربهم بهذه الطريقة. وهكذا، كانوا مثل الكاسين الذين استولوا على بابل بنفس الطريقة. وبالفعل، أصبحت هذه العناصر المختلفة من الجنسيات عاملاً سياسيًا قويًا في مصر، مما أدى إلى استيلائهم على السلطة في البلاد. وعلى هذا الأساس، ظهرت الأسرة الخامسة عشرة في مصر.
ديانة جماعة الهكسوس
ديانة جماعة الهكسوس تركزت حول عبادة الإله “سوتخ”، والذي يعتبر إحدى تجليات الإله “ست” المصري الذي كان يُعبد في شرق الدلتا منذ الدولة القديمة، ولم يكن غريبًا على البلاد. رأى الهكسوس في هذا الإله تشابهًا أو صورة للإله الآسيوي “بعل”، وبالتالي قبلوا عبادته وجعلوه الإله الأعظم في البلاد. وقد أحدثت هذه الخطوة بعض الاضطراب في مشاعر السكان الذين كانوا يعبدون آلهة أخرى.
وكان للحمار دورٌ مهم في ديانتهم، سواء كان يمثل الإله سوتخ أو رمزًا لإله آخر، إذ كانوا يحتفظون به ويدفنونه في مقابرهم. وكان الهكسوس يصوّرون الإله سوتخ بمظهرٍ أكثر تشابهًا مع الآلهة الآسيوية مثل “بعل” و”رشب” و”تشوب”. إذ كانت زيّه وطريقة تزيين رأسه التي تظهر منه القرون تُشبه تمامًا الآلهة الآسيوية.
علاقة الهكسوس بالإله ست
عندما احتل الهكسوس مصر وأخذوا سيطرتهم عليها ، وجدوا أن الإله (ست) هو الإله المحلي للمكان الذي أقاموا فيه قلعتهم الرئيسية ، التي كانت مركز اتصالهم بين أجزاء دولتهم الكبيرة ، التي شملت مصر وفلسطين وسوريا. مثل هؤلاء المهاجمين ، كانوا يعتنقون الديانة المصرية بعد دخولهم إلى البلاد. لذلك ، لم يكن من المستغرب أن يختاروا الهكسوس الإله المحلي للمكان الذي توقفوا فيه ، وبنوا عاصمة مملكتهم ، كإله لهم. اختاروا الإله (ست) كحامٍ لدولتهم الجديدة. بعض الناس يفسرون اختيارهم لهذا الإله بالتشابه بين (ست) وإلههم (بعل) أو الإله (تشب) في بعض الخصائص.
ذكر المؤرخ المصري القديم مانيتون أنه على الرغم من تقديس الهكسوس للإله “ست”، إلا أن هذا الإله كان له سمعة سيئة منذ القدم. ومع ذلك، استمرت عبادته في بعض المدن حتى أقل تقدير، مثل أمبوس (كوم أمبو) والمقاطعتين الحادية عشر والثانية عشرة من مقاطعات الوجه القبلي، وأيضًا في الشمال الشرقي من الدلتا.
وعلى الرغم من رفع الهكسوس للإله “ست” إلى مرتبة الإله الأعلى وإله دولتهم، إلا أن هذا الأمر كان يشكل صدمة قاسية لسكان مدن طيبة ومنف وهليوبوليس. فقد كانت هذه المدن تمجد آلهة أمون وبتاح ورع على التوالي باعتبارهم أعظم الآلهة سلطانًا ونفوذًا في مصر، بالإضافة إلى ارتباطهم الوثيق بحكومة البلاد.ومع ذلك، عانى الإله “ست” من هزيمة قاسية بعد طرد الهكسوس من مصر، وبالرغم من رواج سيادته ونفوذه خلال فترة ارتباطه بالغزاة الهكسوس، إلا أنه فقد هذه السيادة الإلهية على مصر بعد ذلك.
No Comment! Be the first one.