المجزر الآلي هو مكان مخصص لذبح الحيوانات وتحويلها إلى لحوم صالحة للاستهلاك البشري. يتم في المجزر الآلي اتباع مجموعة من المراحل المتسلسلة لضمان جودة وسلامة اللحوم والالتزام بالشروط الصحية والدينية. في هذا المقال سنشرح كل مرحلة من هذه المراحل بالتفصيل.
1- الاستلام والوزن
هذه المرحلة تبدأ عند دخول سيارات النقل التي تحمل الحيوانات الحية إلى المجزر. تقف السيارات بجانب رصيف الاستلام حيث ينزل منها الحيوانات إلى غرفة الوزن. في هذه الغرفة يوجد ميزان إلكتروني يقوم بوزن كل حيوان على حدة وتسجيل بياناته في استمارة خاصة. من هذه البيانات: نوع الحيوان، عدد أسنانه، لون حافره، حالة قاعدة قرنه، حالة حبله السري، وغيرها. تهدف هذه المرحلة إلى التأكد من أن الحيوانات التي ستذبح تتوافق مع قانون المجازر في جمهورية مصر العربية، والذي يضع شروطا لذبح الإناث والذكور وعجول البتلو. وأهم بنود هذا القانون هي:
- عدم ذبح إناث الحيوانات للحفاظ على الثروة الحيوانية بإستثناء الإناث العقيمة.
- عدم ذبح ذكور الحيوانات الأقل من ٣٠٠ كيلوجرام قائم باستثناء الذكور – غير القابلة للنمو.
- ذبح عجول البتلو عند وزن ٤٠-٩٠ كيلوجرام قائم أو بعد ٣٠-٤٠ يوم من الولادة.
2- الكشف البيطري
هذه المرحلة تهدف إلى التأكد من صحة الحيوانات وعدم إصابتها بأمراض خطيرة قد تنتقل إلى الإنسان عن طريق اللحم. يقوم في هذه المرحلة طبيب بيطري بمعاينة كل حيوان على حدة والبحث عن أي علامات أو أعراض تشير إلى وجود مشكلة صحية. من بين الأمراض التي يجب الانتباه لها في هذه المرحلة:
- الحمى القلاعية: وهي مرض فيروسي يصيب الحيوانات المجترة ويسبب لها تقرحات في الفم والأطراف. يمكن التعرف على هذا المرض من جفاف مخطم الحيوان وعدم رغبته في تناول الطعام أو الماء.
- السل: وهو مرض بكتيري يصيب الجهاز التنفسي للحيوانات والإنسان. يسبب هذا المرض تضخم في الغدد الليمفاوية تحت الإبط أو تحت الفخذ، وهزال شديد في جسم الحيوان.
- التسمم الغذائي: وهو حالة تحدث نتيجة تناول الحيوان لعلف ملوث بمواد سامة، مثل المبيدات أو المعادن الثقيلة. يظهر هذا التسمم بسرعة تنفس الحيوان وإرهاقه وارتفاع درجة حرارته. قد تترسب هذه المواد في لحم الحيوان وتسبب التسمم للإنسان عند أكله.
- حمى البحر الأبيض المتوسط (الحمى المالطية): وهي مرض بكتيري يصيب الجهاز التناسلي للحيوانات والإنسان. يؤدي هذا المرض إلى نزول صديد من فتحة البول للحيوان، وقد يسبب عقما أو إجهاضا. يجب إعدام أي حيوان مصاب بهذا المرض فورا.
- الجمرة الخبيثة (الحمى الفحمية): وهي مرض بكتيري يصيب الجلد والأنسجة للحيوانات والإنسان. يتسبب هذا المرض في نزف من جميع فتحات جسم الحيوان، وقد يؤدي إلى موته في غضون ساعات. يجب إعدام أي حيوان مصاب بهذا المرض فورا.
إذا اكتشف الطبيب أن أحد الحيوانات مصاب بأحد هذه الأمراض، فيقوم بإخطار إدارة المجزر وإعدام الحيوان بشكل آمن. كما يجب على كل من يشارك في عملية الفحص أو الإعدام اتخاذ كافة التدابير اللازمة للوقاية من التعرض للعدوى، مثل ارتداء القفازات والكمامات والملابس الواقية، وتنظيف الأيدي والأدوات بعد كل استخدام.
3- التصويم
تتم هذه المرحلة بعد نقل الحيوانات إلى الكارنتينة (الحظيرة) في المجزر، حيث يتم ترك الحيوان بدون أكل لمدة ٢٤ ساعة ويسمح له بالشرب فقط. والهدف من التصويم هو:
- التخلص من أكبر كمية ممكنة من محتويات الكرش والأمعاء عن طريق التبرز، لأنها تحتوي على كمية كبيرة من الميكروبات التي تسبب تلوث صالات الذبح.
- تخفيف تركيز الدم في جسم الحيوان، لتزداد كفاءة عملية النزف (الإدماء) بعد الذبح.
- التغلب على الحمى المؤقتة التي تصيب الحيوان أثناء نقله للمجزر، والتي تسمى بحمى النقل، والتي تسببها الفلورا الطبيعية الموجودة في جسم الحيوان. وتختفي هذه الحمى بعد ٣-٤ ساعات.
4- الصدمة الكهربية
تتم هذه المرحلة بنقل الحيوان من الكارنتينة إلى غرفة الصدمة الكهربية، عبر ممر صاعد أو أرضية خشنة متعرجة، حتى لا ينزلق الحيوان أثناء صعوده. وبعد دخول الحيوان إلى غرفة الصدمة، وهي عبارة عن صندوق حديدي كبير يتسع لحيوان واحد فقط، ويطلق عليه اسم (الزناقة)، وأحد جوانبه متحرك لأعلى وأسفل ليسمح بدخول الحيوان وإغلاقه بعد ذلك. ثم يتم غرز إلكترود كهربائي في منطقة القطن (العصعص) لمدة ١٥-٣٠ ثانية بفولت يتراوح بين ٤٠-١٠٠ فولت كهربائي، وذلك حسب نوع وعمر وحجم الحيوان (لا تستخدم حاليا في مصر).
والغرض من عملية الصدمة الكهربية هو إحداث حالة شلل مؤقت في الأطراف الخلفية للحيوان، حتى يمكن التحكم فيه وتعليقه تمهيدا لذبحه دون اللجوء لربط وتكتيف الحيوان بالسلاسل. وبذلك نكون قد تلافينا حدوث إصابات للقائمين بعملية الذبح نتيجة مقاومة الحيوان الشديدة.
في بعض المجازر الآلية لا تستخدم طريقة الصدمة الكهربية، ويستعاض عنها بما يسمى بصندوق الذبح، وهو عبارة عن إسطوانة كبيرة تدور داخل إسطوانة أكبر منها. ويدخل الحيوان الإسطوانة الأولى، ونتيجة الدوران تصبح رأس الحيوان لأسفل، فتسهل عملية ذبحه بعد ذلك.
5- مرحلة الذبح
هذه المرحلة تضم عدة خطوات تبدأ بعملية الذبح ثم السلخ ثم تفريغ محتويات الذبيحة ثم الكشف البيطري بعد الذبح ثم ختم الذبيحة.بعد خروج الحيوان من غرفة الصدمة وهو ملقى على الأرض يتم رفعه آليا بواسطة ونش كهربائي من أحد أطرافه الخلفية ويقوم الونش بتعليق الحيوان على السير المتحرك إلى حوض الذبح حيث يقوم الجزار بالتسمية (بسم الله) والتكبير (الله أكبر)،ثم يذبح الحيوان ذبحا شرعيا (النحر الحلال). وذلك بقطع مجرى التنفس (الحلقوم) ومجرى الطعام (المرئ) والودجين. ولكي يكون الذبح حلالاً لابد من أن تتوافر شروط معينة:
- أن تكون السكين المستخدمة حادة قبل الذبح.
- أن يتم الذبح بجرة واحدة أو جرتين بعد التسمية والتكبير.
- أن يتم قطع مجاري التنفس والطعام والودجين بعرض الرقبة كلها.
- أن يتأخر كسر العنق وعملية السلخ إلى أن تبرد الذبيحة وتنتهي حركة الحيوان تماما.
- أن تُعزَلَ الذبيحة عن باقي الحيوانات الحية عند الذبح.
- أن يتم التوجه ناحية القبلة قدر الإمكان.
6- عملية السلخ
تُتْرَكُ الذبيحة معلقة فوق حوض الذبح لمدة 5-6 دقائق حتى يتم نزف الدم منها نزفا كاملا وجيدا، بعد ذلك تتحرك الذبيحة وهي معلقة على سير حيث يقوم أحد السلاخين بسلخ الأطراف الأمامية ، والآخر بسلخ الأطراف الخلفية،ثم يتم بعد ذلك سلخ جلد الذبيحة كاملا من الرقبة إلى نهاية الذيل بحيث يخرج الجلد قطعة واحدة غير مُمَزَّقة حتى يمكن الاستفادة منه بعد ذلك في المصنوعات الجلدية.والجدير بالذكر أنه في حالة ذبائح الضأن والبتلو أي الذبائح التي تتميز بصغر حجمها بصفة عامة يتم نفخها قبل السلخ أي دفع تيار من الهواء المضغوط داخلها والغرض من ذلك هو:
- تسهيل عملية فصل الجلد.
- إعطاء الشكل المميز للذبيحة بوضوح.
- المساعدة على النزف الجيد حيث يضغط الهواء على الأوعية الدموية.
- المساعدة في عملية الطهي وذلك بخروج هذا الهواء المحتجز بأجزاء الذبيحة ودخول الماء الساخن ليحل محله فيساعد ذلك في عملية طهي اللحم.
تمر الذبيحة بعد ذلك أمام شخص آخر يقوم بتفريغ المحتويات الداخلية للذبيحة وهي الكرش والأمعاء والقلب والكبد والطحال، وتوضع المحتويات أمام الذبيحة الخاصة بها ليقوم الطبيب البيطري بتوقيع الكشف الطبي عليها عند اللزوم.
7- الكشف البيطري بعد الذبح
الكشف البيطري بعد الذبح هو عملية فحص الذبيحة من قبل طبيب بيطري مختص للتأكد من سلامتها وخلوها من الأمراض التي قد تنتقل إلى الإنسان أو تؤثر على جودة اللحم. يتم هذا الكشف بعد إنهاء عملية الذبح.هناك بعض الأمراض التي لا يمكن كشفها قبل الذبح أو تظهر أعراضها بعد فتح جسم الحيوان. من أمثلة هذه الأمراض:
- الإصابة بالديدان الشريطية: هي ديدان طفيلية تنتقل من حيوانات مصابة إلى أخرى أو إلى الإنسان عن طريق تناول لحوم ملوثة. تسبب هذه الديدان أعراضا مثل فقدان الوزن والإسهال والألم في البطن والتقيؤ والصداع والتهابات في المخ. يتم اكتشاف هذه الديدان بفحص رأس وجسم وأحشاء الحيوان بعد ذبحه. إذا وجدت يرقات (برقات) هذه الديدان في رأس الحيوان، يجب إعدام الذبيحة بأكملها لأنها غير صالحة للاستهلاك. أما إذا كان عددها أقل من ١٠ في ربع واحد من جسم الذبيحة، يجب إعدام هذا الربع فقط والسماح باستخدام باقي أجزاء الذبيحة.
- الإصابة بمرض الصفراء (اليرقان): هو مرض يصيب كبد الحيوان نتيجة لعدوى فيروسية أو بكتيرية أو سمية. يتسبب هذا المرض في تغير لون جلد وأغشية وأعضاء داخلية للحيوان إلى لون أصفر نتيجة ارتفاع نسبة مادة (البيليروبين) في دمه. يتم اكتشاف هذا المرض بفحص رقبة وجسم وأحشاء الحيوان بعد ذبحه. إذا ظهر لون أصفر داخل رقبة الحيوان، يجب إعدام الذبيحة بأكملها لأنها غير صالحة للاستهلاك.
- الإصابة بمرض التسمم الصديدي العام: هو مرض يصيب الحيوان نتيجة لعدوى بكتيرية تنتشر في جسمه وتسبب تكون صديد في أعضائه الداخلية مثل الكبد والطحال والكلى والقلب. يتسبب هذا المرض في حمى وضعف وفقدان شهية وتورم في الجسم. يتم اكتشاف هذا المرض بفحص جسم وأحشاء الحيوان بعد ذبحه. إذا وجد صديد في أي من أعضاء الحيوان، يجب إعدام الذبيحة بأكملها لأنها غير صالحة للاستهلاك.
وبالإضافة إلى دور الطبيب في الكشف عن الإصابة بالأمراض السابقة، هناك دور أساسي له وهو كشف الذبح الحيوى، بمعنى هل ذبح الحيوان وهو حي؟ أم تم ذبحه وهو ميت؟ ويمكن للطبيب البيطري كشف ذلك عن طريق:
- محاولة إعادة طرفي الذبح لموضعهما الأصلي أي محاولة ملامستهما معا مرة أخرى، فإذا لم يتمكن من تحقيق ذلك كان الذبح حيويا، أما إذا تمكن من إعادتهما إلى موضعهما مرة أخرى دل ذلك على موت الحيوان قبل ذبحه، ويجب في هذه الحالة إعدام الذبيحة في الحال.
- غسل مكان الذبح بماء جاري فإذا ظل المكان محتفظا بلونه الوردي كان الذبح حيويا أما إذا أصبح المكان لونه أبيضا دل ذلك على موت الحيوان قبل ذبحه ويجب إعدامه.
- وجود دم متجلط داخل البطين بالقلب وأيضا داخل الأوعية دليل على موت الحيوان قبل ذبحه والعكس صحيح.
8- ختم الذبيحة
بعد أن يتأكد الطبيب البيطري من سلامة الذبيحة صحيا، يتم منحها تصريحا بالختم. يقوم عامل بإمرار ختم على شكل بكرة حديدية ذات ذراع طويل على الذبيحة من أسفل إلى أعلى في اتجاه واحد. يحتوي الختم على خمس لقم حديدية مدون عليها معلومات مختلفة، وهي: اسم المجزر، وتاريخ الذبح، ورقم عنبر الذبح، والعلامة السرية، ونوع اللحم.وتختلف أشكال وألوان الختم حسب نوع وعمر الحيوان المذبوح. تختم اللحوم طبقا للجدول التالي:
الحيوان | العمر | اللون | الشكل |
---|---|---|---|
أبقار | أقل من 3 سنوات | أحمر | مثلث |
أبقار | أكثر من 3 سنوات | أحمر | سداسي |
جاموس | أقل من 3 سنوات | أحمر | مستطيل |
جاموس | أكثر من 3 سنوات | أحمر | سداسي |
أغنام | جميع الأعمار | أحمر | سداسي |
جمال وماعز | أقل من 5 سنوات | أخضر | مثلث |
جمال وماعز | أكثر من 5 سنوات | أخضر | مربع |
خنازير | جميع الأعمار | وردي | دائرة |
لحوم مستوردة | برتقالي |
9- تقطيع الذبيحة
بعد ختم الذبائح، يقوم عامل بتقطيعها إلى نصفين من أعلى إلى أسفل بواسطة منشار كهربائي. ثم يقسِّم كل نصف إلى ربعين بالطول. تُفصَل الأرباع المتطابقة (الأمامية والخلفية) عن بعضها وتُنقَل إلى ثلاجات التبريد آليا عبر سيور متحركة علوية.تُبرَّد الذبائح لمدة 24 ساعة داخل ثلاجات تبريد تترواح درجة حرارتها بين صفر و4 درجات مئوية. يهدف التبريد إلى:
- خفض درجة حرارة الذبائح.
- تسهيل عملية التشفية (نزع اللحم عن العظام).
10- التشفية والتقطيع
بعد انتهاء مرحلة التبريد، تؤخذ الذبائح المبردة من الثلاجات وتوضع على مناضد أمام عمال ذوي خبرة ومهارة خاصة في عملية التشفية، حيث يقومون بنزع العظام والغضاريف والدهون الزائدة من اللحم. ثم يقطعون اللحم حسب المقاطع المختلفة المطلوبة. يقوم المسؤول المختص بحساب نسبتي التصافي (Dressing percentage) والتشافي (Boneless percentage) لكل حيوان كالتالي:
- نسبة التصافي = (وزن الذبائح / وزن الأحشاء) × 100
- نسبة التشافي = (وزن المقاطع خالية من العظام / وزن الأحشاء) × 100
11- الإعداد للتسويق
هذه المرحلة هي الأخيرة وتشمل العمليتين التاليتين:
- عملية التدريج والتعبئة: يتم تدريج اللحم المشفي إلى قطع ممتازة (مخصوصة)، وقطع عادية، وقطع ثانوية، حسب جودة لحمها وموقعها في الذبيحة. ثم تعبأ القطع في أكياس من البولي ايثيلين، وتمرر على ماكينة لحام الأكياس وهي مزودة بتفريغ هوائي للكيس قبل لحامه، وذلك للمحافظة على لون اللحم من الأكسدة.
- عملية التسمية والتخزين: يتم وضع ملصقات على الأكياس المعبأة تحتوي على اسم المنتج والوزن والتاريخ والشركة المنتجة وغيرها من المعلومات الضرورية. ثم يتم نقل الأكياس إلى ثلاجات التخزين حتى يتم توزيعها إلى الأسواق.
No Comment! Be the first one.