يجب على كل مسلم أن يعرف تفسير سورة الفاتحة ،وا، يغوص فى معانيها لفهم وادراك فضلها وسبب التكثسر من قرائتها وجعلها من فروض الصلاواة الخمس.تعد سورة الفاتحة أو سورة الحمد كما يسميها البعض من جنس الأدعية والتوحيد بالله وحمده، لما فيها من الحمد”الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” ،والثناء “الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ*مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ”،والشكر “إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ”والدعاء بالهداية”اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ” .
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(2)الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ(3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4)إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ(5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ(6)صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ }
فضل سورة الفاتحة
- سورة الفاتحة هي السورة الأولى ترتيبًا في المصحف. مكية وقيل مكية ومدنية لأنها نزلت بمكة مرة وبالمدينة اخرى ، وكان نزولها بالترتيب بعد سورة المدثر.
- هذه السورة يكررها العبد في الصلاة المفروضة في اليوم والليلة سبع عشرة مرة، إلى جانب السنن. مما يدل على فضلها و أهمية ذكرها.
- فيها حمد الله وشكره وسؤاله الهداية والعون على الحياة كلها.
- جاءت عدد من الأحاديث الشريفة تبيين فضل سورة الفاتحة، ومنها: أنها أعظم سورة في القرآن الكريم.لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه: “لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد..”.
- تشتمل سورة الفاتحة على أفضل الدعاء؛ بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم، كما أنّها تشتمل على آداب الدعاء؛ بالحمد أولًا، ثمّ الثناء، ثمّ التمجيد، وإفراد العبودية لله، والاستعانة به دون سواه.
1- تفسير البسملة فى سورة الفاتحة(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
بسم الله
أي بأسم الله ابتدئ قراءتي متبركاً باسم الله مستعيناً به عز وجل ،كما ابتدئ به كافة أموري عند الأكل والنكاح وغيره .كما انها أول الكلمات التي نطق بها الوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت {اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ}. وهكذا كانت بداية نزول القرآن الكريم ليمارس مهمته في الكون، ونحن الآن حينما نقرأ القرآن نبدأ نفس البداية.
وكلمة (بسم الله) في محل رفع خبر، والمبتدأ مقدَّر تقديره (ابتدائي)، ومنهم مَن أضمَر قبلها فعلًا، فكأنهم قالوا: (أبدأ باسم الله) أو (أركب باسم الله)، وقد استغنوا عن هذا الفعل المضمر بالباء الداخلة على (اسم) لكثرة استعمالهم لها؛ لأن الرجل لا يتحرَّك في شيء من أمره إلا قال: (بسم الله).
الرحمن الرحيم
اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء،وهم صفة من صفاته وأسم من أسمائه الحسنى .
الرحمن: مجرورة بالكسرة؛ لأنها صفة لله عز وجل، والصفة تتبع الموصوف وهو الله عز وجل.
الرحيم: مجرورة بالكسرة الظاهرة؛ لأنها صفة لله عز وجل، والصفة تتبع الموصوف وهو الله عز وجل .
وقولنا: {بِسْمِ الله الرحمن الرحيم} هو استعانة بقدرة الله حين نبدأ بفعل الأشياء، إذن فلفظ الجلالة {الله} في بسم الله، معناه الاستعانة بقدرات الله سبحانه وتعالى وصفاته، لتكون عونا لنا على ما نفعل.
2- تفسير الأية الثانية من سورة الفاتحة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
الحمد الله
الثناء على الله بصفات الكمال, وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل, فله الحمد الكامل, بجميع الوجوه.وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه، فهو المستحق له وحده ،فَكَأَنَّهُ قَالَ: قُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ.
” ال ” في الحمد للاستغراق ، أي جميع أنواع المحامد لله وحده ، المحامد على جلب النفع ، وعلى دفع الضرر كله لله .
” لله ” اللام هنا للاستحقاق ، والاختصاص ، أي : يستحق الله سبحانه وتعالى الحمد الكامل ، ويختص بجميع أنواع المحامد الكاملة .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابته السراء قال: “الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات “. وإن إصابته الضراء قال: الحمد له على كل حال”.فالحمد أَعَمُّ من الشكر؛ لأنّ الشكر لا يكون إلاّ جزاء على نعمة، والحمد يكون جزاء كالشكر.
رب العالمين
الرب يكون بمعنى المالك ، ويكون بمعنى التربية والإصلاح، وكلاهما مراد هنا ؛ فهو سبحانه مالك العالمين ومربيهم ، ولا يقال للمخلوق ” هو الرب ” معّرفاً بالألف واللام ، وإنما يقال له: ” رب كذا ” مضافاً مختصاً بشيء معين، لأن الألف واللام تفيد العموم ، وملك كل شيء لله وحده .
الأعراب : الْحَمْدُ: مبتدأٌ مرفوع وعلامة رفعهِ الضّمة. لِلَّهِ: اللام: حرفُ جرّ. الله: لفظ الجلالة، اسم مجرور باللّام وعلامة جرّه الكسرة، وشبه الجملة في محلّ رفع خبر المُبتدأ. رَبِّ: نعتٌ مجرورٌ وعلامة جرّه الكسرة، وهو مُضاف. الْعالَمِينَ: مضافٌ إليه مجرور (بالياء) لأنّه جمع مذكّر سالم،ورب العالمين صفة لله تعالى على انفراده بالخلق والتدبير، والنعم، وكمال غناه،وتمام فقر العالمين إليه، بكل وجه واعتبار.
3- تفسير الأية الثالثة من سورة الفاتحة ( الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ )
اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل حي، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة، ومن عداهم فلهم نصيب منها.ذكرها مرتين فى البسملة وهذه وهذا يدل على تأكيد وأتساع رحمته ،حيث أن ذكر الصفة مرتين يعطى قوة الصفة للموصوف (الله ).
4- تفسير الأية الرابعة من سورة الفاتحة ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )
أي الجزاء والحساب على الأعمال، وقد بينه الله في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ . ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ . يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}،[سورة الانفطار:17-19].
(مَالِكِ) هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أن يأمر وينهي، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بجميع أنواع التصرفات.
“مَالِكِ” صفة رابعة لله مجرورة وعلامة جرها الكسرة الظاهرة، وهو مضاف وقد تكون معطوفة على رب عطف بيان أيضا.
“يَوْمِ” مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة. وهو ظرف زمان غير مختص متصرف يعامل معاملة أي اسم فيعرب حسب موقعه في الجملة.
“الدِّينِ”: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة ، وجملة (مالك يوم الدين) استئنافية لا محل لها من الإعراب .
وقد أضاف الله تعالى الملك ليوم الدين وهو يوم القيامة يوم يُدان الناس بأعمالهم، أي يُجازون عليها؛ والسببُ في إضافة الملك ليوم الدين أن في ذلك اليوم يظهر للخلق كمال ملكه وعدله وحكمته، وانقطاع أملاك الخلائق، حتى يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا والعبيد والأمراء.
5- تفسير الأية الخامسة من سورة الفاتحة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
أي إنا نخصك وحدك بالعبادة، ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا، فالأمر كله بيدك، لا يملك منه أحد مثقال ذرة. فتقديم كلمة إياك على نعبد وعلى نستعين يفيد الحصر واختصاص العبادة لله، فكأنه قال: نعبدك ولا نعبد غيرك، ونستعين بك ولا نستعين بسواك. وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة كالدعاء والاستغاثة والذبح والطواف إلا لله وحده، وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير الله، ومن أمراض الرياء والعجب، والكبرياء.
إياك نعبد
رجع من الغيبة إلى الخطاب على التلوين ، لأن من أول السورة إلى هاهنا خبرا عن الله تعالى وثناء عليه .
” نعبد ” معناه نطيع ، والعبادة الطاعة والتذلل .( وإياك نستعين) أي نطلب العون والتأييد والتوفيق .
(إِيَّاكَ)( إيا) : ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم، والكاف: حرف خطاب مبني على الفتح لا محل له من الإعراب(المخاطب هنا هو الله).وأيضا تعرب (إياك): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.فإذا تأخر الضمير صار متصلا فيكون: نعبدك، وإذا تقدم كان منفصلا. (نَعْبُدُ): فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره: نحن
وجملة (نعبد) من الفعل والفاعل استئنافية لا محل لها من الإعراب. (وَإِيَّاكَ): الواو: حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الأعراب ، وإياك: معطوف على (إياك) الأولى في محل نصب مفعول به. (نَسْتَعِينُ): فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة،والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره: نحن، وجملة: (وإياك نستعين) معطوفة على جملة (إياك نعبد) استئنافية لا محل لها من الإعراب.
6- تفسير الأيه السادسة من سورة الفاتحة (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
اهْدِنَا
دلنا وأرشدنا فعل أمر يراد به الدعاء والفاعل ضمير مستتر تقديره:انت (أي يا الله ) .
والهداية هاهنا الإرشاد والتوفيق ، وقد تعدى الهداية بنفسها كما هنا اهدنا الصراط المستقيم فتضمن معنى ألهمنا أو وفقنا أو ارزقنا أو اعطنا .
الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
أختلف المفسرين والفقهاء فى معنى الصراط المستقيم ،فقال الإمام أبو جعفر بن جرير أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعا على أن الصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه وكذلك ذلك في لغة جميع العرب ، فمن ذلك قول جرير بن عطية الخطفي ( أمير المؤمنين على صراط) ،وروي أنه كتاب الله ، قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثني يحيى بن يمان ..ألخ عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الصراط المستقيم كتاب الله ” وكذلك رواه ابن جرير ، من حديث حمزة بن حبيب الزيات . وقيل هو الإسلام قال الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : قال جبريل لمحمد ، عليهما السلام : قل : يا محمد ، اهدنا الصراط المستقيم . يقول : اهدنا الطريق الهادي ، وهو دين الله الذي لا عوج فيه ،وقيل انه الحق ،وقيل المراد به النبي .
وكل هذه الأقوال صحيحة وهي متلازمة فمن اتبع النبي صلى الله عليه وسلم ،فقد اتبع الحق ، ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام ، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن ، وهو كتاب الله وحبله المتين ، وصراطه المستقيم فكلها صحيحة يصدق بعضها بعضا .
س – كيف يسأل المؤمن الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها وهو متصف بذلك ؟ فهل هذا من باب تحصيل الحاصل أم لا ؟
ج – أنه ليس من باب تحصيل الحاصل ، فلولا احتياج المسلم ليلا ونهارا إلى سؤال الهداية لما أرشده الله إلى ذلك ، فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ، ورسوخه فيها ، وتبصره ، وازدياده منها ، واستمراره عليها ، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق،وهو مجيب لدعواته وسؤاله.
7- تفسير الأيه السابعه من سورة الفاتحة (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
أي اهدنا يا رب صراط من أنعمت عليهم بالإيمان والقرب منك والتوفيق لطاعتك ومرضاتك، وقد بين الله في سورة النساء من هؤلاء المنعم عليهم فقال عز وجل {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}،[سورة النساء:69].
وقوله : { صراط الذين أنعمت عليهم } إبانة وتوضيح للصراط المذكوره فى الأيه السابقه ، إذ كان كل طريق من طرق الحق صراطا مستقيما فتم تأكيدها وتوضيحها بالذين انعمت عليهم أي اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم من الأنبياء والصديقين , والشهداء , والصالحين سواء كانت النعمة هى الطاعة أو الأسلام أو القرأن كما ذكر سابقا .
فعندما ننظر الى الأعراب ،(صِرَاطَ):بدل من الصراط الأول منصوب وعلامة نصبة الفتحة الظاهرة، وهو بدل الكل من الكل، وهو مضاف ،(الَّذِينَ): اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ،(أَنْعَمْتَ): فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير رفع متحرك وهو التاء، لا محل له من الإعراب ،والتاء: ضمير رفع مخاطب(اي انعمت انت يا الله ) متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية (أنعمت) صلة الموصول(الذين) لا محل لها من الإعراب ،(علَيْهِمْ): على: حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب ،(هم): ضمير جمع متصل مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بالفعل (أنعمت) في محل نصب مفعول به .
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
(غَيْرِ):بدل من الضّمير في عليهم أو من الذين أو نعت للذين مجرور وعلامة جره الكسرة ,وهى تفيد النفي لما بعدها وتأكيد لما قبلها.فكأن العبد يدعو ويقول الى ربه : اهدنى الصراط المستقيم الصراط الذى انعمت به على الأنبياء والصالحين، وليس صراط الذين عليهم غضب من عندك .
(الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ):المقصود بالمخضوب عليهم هنا هم اليهود لأنهم يعرفون الحق وينكرونه، ويأتون الباطل عمدًا فكان الغضب أخص صفاتهم، وعلى هذا فقد بين أن المغضوب عليهم، اليهود قوله فيهم {وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ} [آل عمران:112]، وقوله: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} [المائدة:60]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا} .[الأعراف:152]
واختلف في صفة الغضب من الله جل ذكره فقال بعضهم : غضب الله على من غضب عليه من خلقه إحلال عقوبته بمن غضب عليه ، إما في دنياه ، وإما في آخرته ، كما وصف به نفسه جل ذكره في كتابه فقال : { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين }[سورة الزخرف الأية 55] وكما قال : { قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير } [سورة المائدة الأية 60]وقال بعضهم : غضب الله على من غضب عليه من عباده ذم منه لهم ولأفعالهم , وشتم منه لهم بالقول . وقال بعضهم : الغضب منه معنى مفهوم , كالذي يعرف من معاني الغضب .
” فالْمَغْضُوبِ “: مضاف اليه مجرور و علامة جره الكسر الظاهرة على آخره “وعَلَيْهِمْ ” جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل للمغضوب لأنه اسم مفعول .
وَلَا الضَّالِّينَ
الواو حرف عطف ولا زائدة لتأكيد معنى النفي وهو ما في غير من معنى النفي وهذه الزيادة مطّردة، (الضَّالِّينَ) معطوفة على المغضوب عليهم مجرور وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم و النون للإضافة .
والمقصود بالضالين هنا هم النصارى لأن اليهود علموا الحق ولم يعملوا به فغضب الله عليهم، والنصارى عبدوا الله على جهل فضلوا عن الحق.
وقد جاء الخبر بذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث عدي بن حاتم.. قال الشنقيطي: واليهود والنصارى وإن كانوا ضالين جميعًا مغضوبًا عليهم جميعًا، فإن الغضب إنما خص به اليهود وإن شاركهم النصارى فيه؛ لأنهم يعرفون الحق وينكرونه، ويأتون الباطل عمدًا؛ فكان الغضب أخص صفاتهم، والنصارى جهلة لا يعرفون الحق، فكان الضلال أخص صفاتهم، وقد بين أن الضالين النصارى قوله تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ}.[سورة المائدة:77]
حُكم قول أمين بعد قراءة الفاتحة
أمين فى اللغة العربية أسم فعل أمر بمعنى أستجب لنا ،والسنة للقارئ أن يقول بعد فراغه من قراءة الفاتحة (آمين ) بسكتة مفصولة عن الفاتحة وهو مخفف ويجوز (عند النحويين) ممدوداً ومقصوراً ومعناه: اللهم اسمع واستجب.
وقال ابن عباس وقتادة: “معناه كذلك يكون”. وقال مجاهد: “هو اسم من أسماء الله تعالى” وقيل: هو طابع الدعاء ،عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا: (آمين) فإن الملائكة تقول آمين،وإن الإمام يقول آمين .فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه”.
No Comment! Be the first one.