بعد قرابة ستة عقود من الزمن، طوى الزمن صفحة واحدة من أبشع الجرائم التي هزت مدينة شيكاغو الأمريكية، حيث كشف فحص الحمض النووي مؤخراً عن هوية القاتل الحقيقي لكارين سنايدر، التي لقيت حتفها في منزلها عام 1966، تاركة وراءها علامات استفهام حائرة ظلت تُخيم على القضية لعقود طويلة.
جريمة بشعة وضحية بريئة
في نوفمبر من عام 1966، هُزّت مدينة شيكاغو بواقعة مروعة، حيث عُثر على جثة كارين سنايدر غارقةً في دمائها داخل منزلها، بعد تعرضها لأكثر من 120 طعنة وحشية. وبينما سادت حالة من الذهول والصدمة بين أهالي المدينة، اتجهت أصابع الاتهام مباشرةً نحو زوجها، بول سنايدر، الذي ادّعى وقتها أنه عاد إلى منزله متأخرًا ليجد جثة زوجته مقتولة.
على الرغم من نفي بول سنايدر أي صلة له بالجريمة، إلا أنّه واجه اتهامات رسمية بالقتل، وظلّ يقبع خلف القضبان لسنواتٍ طويلة حتى تمت تبرئته في النهاية عام 1973. وبينما ظنّ الجميع أنّ القضية قد طويت نهائياً، إلا أنّ القدر كان يُخبئ مفاجأة مدوية بعد مرور عقودٍ من الزمن.
إعادة فتح القضية وكشف الحقيقة
في عام 2022، قررت السلطات إعادة فتح ملف القضية الباردة، مدفوعةً بالأمل في إيجاد العدالة لكارين سنايدر، التي ظلّت روحها تتألم من وراء القضبان. وبفضل التطورات العلمية الحديثة، تمّ إرسال أدلة من مسرح الجريمة، بما في ذلك فستان الضحية وملاءة السرير الملطخة بالدماء، إلى مختبرات التحاليل الجينية لإجراء فحص الحمض النووي.
مفاجأة صادمة:
أثبتت نتائج فحص الحمض النووي عدم مطابقة عينات الدماء الموجودة على الأدلة للحمض النووي لبول سنايدر، ممّا فتح الباب على مصراعيه أمام احتمال وجود قاتل آخر. وبإجراء عملية مطابقة مع قاعدة البيانات الوطنية للحمض النووي، تمّ التوصل إلى هوية القاتل الحقيقي: جيمس باربييه.
اعتقال القاتل الحقيقي
تمّ القبض على جيمس باربييه الأسبوع الماضي، بعد أن كشفت نتائج فحص الحمض النووي تطابق عينات دمه مع تلك الموجودة في مسرح الجريمة. ووجهت إليه الشرطة تهمة القتل العمد من الدرجة الأولى.
إطلاق سراح بول سنايدر
وبعد مرور 58 عاماً على الجريمة، تمّ إطلاق سراح بول سنايدر، الذي أصبح عاجزاً جسدياً. وبينما غادر سنايدر السجن، مُثقلًا بظلم دام لعقود، إلا أنّ شعوراً بالراحة والاطمئنان ملأ قلبه بفضل كشف الحقيقة وإدانة القاتل الحقيقي.
إنّ هذه القضية تُعدّ مثالاً صارخًا على قدرة العلم على كشف الحقيقة، مهما طال الزمن. فبعد عقودٍ من الظلم والتشكيك، تمّت إعادة الاعتبار لاسم بول سنايدر، وحصلت روح كارين سنايدر على بعضٍ من العدالة التي تستحقها.
خاتمة: تُعدّ هذه القضية تذكيرًا مؤلمًا بوحشية الجريمة، وظلم الأحكام المُسبقة، وقوة العلم في كشف الحقيقة. ولعلّ في هذه القصة درسًا هامًا للجميع، بأنّ العدالة قد تتأخر، لكنها لا تُمحى، وأنّ الحقيقة مهما طُمست، ستُشرق شمسها يومًا ما.
No Comment! Be the first one.