عندما تبحث عن شجاعة الصحابة ودفاعهم عن الإسلام،سترى مدى ايمانهم بالله وعشقهم لرسوله صلى الله عليه وسلم.لكن المثير في موضوع بح اليوم عن ام عمارة أن تلك الشجاعة والقوة كانت من إمرأة تدعى نسيبة بنت كعب أو ام عمارة ،والتي عرفت بأنها اول محاربة مجاهدة في الإسلام .كما بشرها النبي صلى الله عليه وسلم برفقته في الجنة.لذا كان من المهم جداً ان نروي تلك السيرة الرائعة المثيرة عن ام عمارة لأولادنا رجالاً ونساء ليعلمو مدى التضحيات التي قامو بها المسلمين الأوائل رجالاً ونساءً دفاعاً عن دينهم (الإسلام).
مقدمة بحث عن ام عمارة
ام عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو المرأة المجاهدة المبشرة برفقة النبي صلى الله عليه وسلم ،شاركت مع الرسول فى الجهاد فى سبيل الله فوهبت نفسها وأولادها لإعلاء كلمة الله ، شاركت فى القتال هى وأبنائها وزوجها فى غزوة أحد ولها مشاهد كثيرة ومشرفة مع النبي ،حيث جرحت فيها جروحا من أجل حماية الرسول صلى الله عليه وسلم ،دعا لها النبي هى وأولادها وزوجها بأن يكونوا رفقائه في الجنة ،قتل مسيلمة الكذاب ابنها حبيب حيث قطعه قطعا لما أرسله الرسول أليه ،فثأرت له فى معركة اليمامة فإنتقمت منه إنتقاماً حيث قتله ابنها عبدالله بن زيد ،فخرجت من معركة اليمامة بأحد عشر جرحًا، وقُطعت يدها فبعث إليها خالد بن الوليد بطبيب كوى لها القطع بالزيت المغلي ،وتوفت ام عمارة بعد معركة اليمامة بعام سنة13هـ ،فكان لابد ان يعرف سيرتها وتضحياتها جميع المسلمين ليأخذوها رمزا وقدوة .
نسبها
هي ام عمارة نسيبة ،(نسيبة بفتح النون وكسر السين وذكر المؤرخون بضم النون وفتح السين )، بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار إلى بني الخزرج وهي القبيلة التى كانت تسكن بالمدينة المنورة بجانب قبيلة الاوس، وبالتحديد من بطن بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد النبي محمد (ص) ،فقد روي البخاري عن ابي حميد عن النبي قال “ان خير دور الأنصار دار بني النجار ….”.
وامها هي الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشم بن الخزرج،وقيل قد شاركت فى غزوة احد.
اخواتها
-
عبد الله بن كعب: أسلم وشهد غزوات النبي محمد (ص) كلها، وتوفي في المدينة سنة 30 هـ، وصلى عليه الخليفة يومها عثمان بن عفان.
-
عبد الرحمن بن كعب: كنيته أبو ليلى وهو أحد البكائين الذين لم يكونوا قادرين على المشاركة في غزوة تبوك، ونزل فيهم قوله تعالى: (وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ).
زواجها
تزوجت ام عمارة قبل الإسلام زيد بن عاصم الأنصاري وهو من الصحابة الذين شهدوا بيعة العقبة وبدر ثم أحد.ثم تزوجت ام عمارة من غزية بن عمرو الأنصاري بعد أن طلقها زيد بن عاصم الأنصاري ، وقيل ان زوجها زيد قد مات بعد بدر فتزوجت من بعده ،وكان أيضًا ممن شهد بيعة العقبة وأحد، وهو أخو سراقة بن عمر.وقيل تزوجت ثالثاً.
اولاد ام عمارة
- حبيب: وهو بن زيد بن عاصم الذى شهد بيعة العقبة الثانية مع أبيه زيد بن عاصم، وأمه ام عمارة، وأخيه عبد الله، وأرسله النبي محمد (ص) إلى مسيلمة الكذاب، فسأله مسيلمة:أتشهد أن محمدًا رسول الله؟، قال: نعم، ثم قال: أتشهد أني رسول الله؟، قال حبيب: أنا أصم لا أسمع، ففعل ذلك مرارًا، فقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا، حتى مات.
- عبد الله : وكنيته ابو محمد وهو بن زيد بن عاصم الذي أخذ بطار اخيه حبيب وأطفا نار أمه بقتل مسيلمة الكذاب بعد أن رماه وحشي بن حرب فى معركة اليمامة .
- ضمرة :وهو بن غزية بن عمرو شهد ضمرة أُحدًا مع أَبيه، وقتل يوم جِسْر أَبي عبيد شهيدًا في قتال الفُرْس، في خلافة عُمَر.
- تميم :وهو بن غزية بن عمرو ويختلف كتاب السير في نسبته إلى زيد بن عاصم أم لغزية بن عمرو.
إسلامها
كانت ام عمارة رضى الله عنها من أوائل أهل يثرب دخولاً في الإسلام،ولما هاجر النبي محمد (ص) إلى يثرب، كانت ام عمارة رضى الله عنها من المخلصات في نشر الدين،وعاهدت الله على السير قدما فى طريق الدعوة فصدقت الوعد والعهد،فجاهدت مع الرسول فى سبيل الله فى كثير من الحروب والغزوات فقال عنها النبي (ص)،فلم تبال بجراحها أو خسارتها التى اصابتها في سبيل اعلاء كلمة الله .
كانت ام عمارة رضى الله عنها تأمل فى ذكر النساء فى القرأن الكريم ذكراً صريحا تنبها من رب العزة على ان النساء شقائق الرجال، فقد روى الترمذي عن السيدة عائشه رضى الله عنها انها اتت رسول الله فقالت :ما أرى كل شيء الا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء،فنزلت هذه الاية “إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا “.
معلومات عن صبرها
وذلك عندما قتل مسيلمة ابنها قالت: “لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته”. وابنها حبيب هو الذي أرسله رسول الله إلى مسيلمة الكذاب وقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا فمات شهيدًا فصبرت على قتله حتى ثأرت له فى معرقة اليمامة فقتل ابنها عبدالله مسيلمة الكذاب .
جهادها ومشاركتها فى أحداث دعوة الاسلام يوم اُحد
خرجت ام عمارة رضى الله عنها مع زوجها غزية بن عمرو وولديها من زيد بن عاصم عبدالله وحبيب فكانت تسقي الجرحى والعطشى كما انها كانت تداوي الجروح الى ان تحول نصر المسلمين الى هزيمة فشاركت فى القتال حتى جرحت جروح كثيرة .
عن قتالها في غزوة احد:
قال ابن هشام: وقاتلت ام عمارة نسيبة بنت كعب المازنية يوم أحد، فذكر سعيد بن أبي زيد الأنصاري أن أم سعد بنت سعد بن الربيع كانت تقول: دخلت على أم عمارة فقلت لها: يا خالة أخبريني خبرك.
فقالت: خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه، والدولة والريح للمسلمين.
فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله ، فقمت أباشر القتال، وأذبُّ عنه بالسيف، وأرمي عن القوس، حتى خلصت الجراح إلي.
قالت: فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور، فقلت لها: أصابك بهذا؟ قالت: ابن قمئة، أقمأه الله، لما ولى الناس عن رسول الله أقبل يقول: دلوني على محمد لا نجوت إن نجا.فاعترضت له أنا، ومصعب بن عمير، وأناس ممن ثبت مع رسول الله ، فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كانت عليه درعان.
الفارس الذى أراد ان يقتلها باُحد:
احد الفرسان أراد ان يقتلها فهم عليها بالسيف ولكن الله درها فصدت ضربته فجعلت سيفه ضعيفا فأراد الفارس أن يهرب فضربت فرسه ضربة كالصاعقة فوقع على ظهره وكان الرسول (ص) يتابع هذا الموقف البطولى فقال بأعلى صوته يا ابن ام عمارة أمك أمك فشاركها أبنها على الاجهاز على الفارس فقتلوه.
موقفها عندما اصيب ابنها عبدالله فى احد:
اصيب ولدها عبد الله بن زيد بجرح فى عضده فتساقط منه دم غزير ،فأسرعت أم عمارة رضى الله عنها على ابنها تمرضه وقالت له بعد معالجته انهض للقتال ،فرأ الرسول (ص) ذالك الفارس الذى أراد ان يقتل ابنها فقال لأم عمارة هذا ضارب أبنك ،فضربته فى ساقيه واوقعته أرضا وقتلته هى ومن حولها فأبتسم الرسول وقال (لقد أخذت ثأرك يا أم عمارة ،الحمد الله الذى ظفرك وأقر عينك من عدوك وأراك ثأرك بعينك).
مدح النبي لأُم عمارة فى قتال اُحد
يقول النبي صلى الله عليه وسلم (ما ألتفت يمينا ولا شمالا الا رأيتها تقاتل دوني ).وعندما جرحت أم عمارة وكان الدم يتقاطر من كتفها فقال لولدها عبد الله (أمك أمك) .
دعا لها النبي (ص) ثم ألتفت الى ابنها وقال (مقام أمك خير من مقام فلان وفلان ،ومقام زوجها خير من مقام فلان وفلان ،ومقامك خير من مقام فلان وفلان ،رحمكم الله أهل البيت).
مشاركتها فى غزوة حمراء الأسد
حين نادى النبي محمد (ص) في أصحابه صبيحة يوم أُحد للخروج لمطاردة قريش لأرهاب العدو، فشدت عليها ثيابها وهمّت ام عمارة رضى الله عنها للخروج معهم وقالت لبيك يا رسول الله على ما بي من جراح، لكنها لم تقو على المشاركة في تلك الغزوة بعد أن أثقلتها جراح يوم أحد وقلبها يتقطع حسرة وألما على عدم المشاركة ،وحين عاد المسلمون من تلك الغزوة، أرسل الرسول (ص) أخاها عبد الله بن كعب ليُطمئنه على ام عمارة لما أبلته من بلاء في أحد، فطمئنه على سلامتها، فسُر النبي (ص) بذلك.
مبايعة الرسول فى بيعة العقبة الثانية
في شهر ذي الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر ، خرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من الأنصار في موسم الحج (الأولى هي أم عمارة نسيبة بنت كعب رضي الله عنها ، والثانية أم منيع أسماء بنت عمرو رضي الله عنها ) ، وبايعوا النبي على نصرته في حرب الأحمر والأسود، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة عليهم، وألا ينازعوا الأمر أهله، وأن يقولوا كلمة الحق أينما كانوا، وألا يخافوا في الله لومة لائم ،وتمت تلك البيعة المباركة ، وبايعت ام عمارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فعادت ام عمارة إلى المدينة وهي تحمل أمانة هذا الدين العظيم ، فما إن وصلت إلى المدينة حتى قامت لتنشر الإسلام بين النساء في المدينة وبين أولادها وأهلها وقومها .
مشاركتها فى غزوة بني قريظة وخيبر
شاركت ام عمارة رضى الله عنها فى السنة الرابعة من الهجرة فى غزوة بني قريظة،وأعطاها رسول الله (ص) من الغنائم .
اشتركت ام عمارة رضى الله عنها فى غزوة خيبر فكانت تداوي الجروح وتسقى العطشان وتناول الأسهم ،وكانت من طبيعتها تشارك فى القتال اذا دعت الحاجة اليها .
بيعة الرضوان وصلح الحديبية
عندما رأى الرسول (ص) فى نومه انه قد دخل البيت الحرام معتمرا ،عزم على ذهابه الى أداء العمرة ،فأخبر الصحابة ففرحو فذهبو مع الرسول ومنهم الم عمارة وزوجها غزية بن عمرو، فأرسل الرسول (ص) عثمان بن عفان يخبر قريش بذهابهم ونيتهم فى الذهاب أي انهم يريدو خيرا وليس شرا أو قتالاً ،فشاع بين المسلمين ان قريش قتلت عثمان بن عفان.
تقول ام عمارة رضى الله عنها:عندما بلغه (ص) ان عثمان بن عفان قد قتل ، جلس فى رحالنا ، ثم قال (ان الله أمرني بالبيعة ) فأقبل الناس يبايعونه تحت الشجرة على ان لا يفرو فسميت بيعة الرضوان ،فبايعته هى وزوجها غزية بن عمرو .
وعندما علم قريش موقفهم أسرعو فى ارسال عثمان بن عفان ،وأرسلو سهيل بن عمرو لعقد الصلح ثم اتفقا على شروط الصلح ،فحضرت ام عمارة هذا الصلح الذي سمي بصلح الحديبية.
موقف ام عمارة من عمرة القضاء
فى سنة 7هـ أمر الرسول (ص) أصحابه أن يعتمرو قضاءً لعمرتهم التى صدهم عنها المشركون بالحديبية وألا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية فلم يتخلف أحد الا من أستشهد أو مات فكانت ام عمارة ممن شهدت الحديبية وبيعة الرضوان فخرجت مع الرسول (ص) لأداء عمرة القضاء فتقول :
شهدت عمرة القضية مع رسول الله وكنت قد شهدت الحديبية ،فكأنى أنظر الى النبي حين انتهى الى البيت وهو على راحلته وابن رواحة اخذ بزمام راحلته وقد صف المسلمون له حين دنا من الركن حتى انتهى اليه ، فاستلم الركن بمحجنه،مضطبعاً بثوبه على راحلته والمسلمون يطوفوف معه قد اضطبعوا بثيابهم.
مشاركتها فى غزوة حنين
شاركت ام عمارة فى غزوة حنين سنة 8هـ فتقول: “لَما كان يوم حنين، والناس منهزمون في كلّ وجه، وأنا وأربع نسوة في يدي سيف صارم، وأم سُليم قد حزمت وسطها، وهي يومئذ حامل، وأم سليط، وأم الحارث، فجعلت أسل السيف، وأصيح بالأنصار: أية عادة هذه؟! ما لكم وللفرار؟! وأنظر إلى رجل مشرك من هوازن على جمل، معه لواء، يريد أن يوضع جمله في أثر المسلمين، فأعترض له فأضرب عُرقوب الجمل، فوقع على عجزه، وأشد عليه، فلم أزل أضربه حتى أثبته، وأخذت سيفا له، ورسول الله قائم مصلت السيف بيده، قد طرح غمده، ينادي: يا أصحابَ سورة البقرة،فأنتهت بالنصر للمسلمين .
بحث عن ام عمارة في معركة اليمامة
بعد وفاة النبي محمد (ص)، ارتدت بعض القبائل عن الإسلام، فقرر خليفته أبو بكر الصديق قتالهم فبعث خالد بن الوليد لقتال بني تميم ومن بعدهم بني حنيفة ومتنبئهم مسيلمة،فشاركت ام عمارة في معركة اليمامة مع كبر عمرها (توفت بعد المعركة بعام ) لاشتياقها للجهاد والثأر من مسيلمة لقتل ابنها حبيب فشاركت أم عمارة ومعها ابنها عبد الله بن زيد في القتال وأبلت فيها بلاءً حسنًا، ونجح ابنها عبد الله في الثأر لأخيه، وقتل بسيفه مسيلمة،وأصيبت ام عمارة في تلك المعركة بأحد عشر جرحًا، وقُطعت يدها فبعث إليها خالد بن الوليد بطبيب كوى لها القطع بالزيت المغلي.
وفاة ام عمارة اول محاربة في الإسلام
توفيت ام عمارة رضى الله عنها بعد معركة اليمامة بعام سنة13هـ ،متأثرة بجراحها في خلافة عمر بن الخطاب، ودفنت في البقيع وفى جسدها علامات الجهاد من الجروح والقطع .فوداعاً أيتها المرأة المجاهدة الصابرة الرافعة لمكانة المرأة رمز الأمومة فى الاسلام ، قال الرسول لأبنها(مقام أمك خير من مقام فلان وفلان ،ومقام زوجها خير من مقام فلان وفلان ،ومقامك خير من مقام فلان وفلان ،رحمكم الله أهل البيت) ،دعا لهم النبي محمد أن يكونوا رفقائه في الجنة.