فقد العالم الأدبي أحد أعظم رواديه بوفاة الكاتبة الكندية أليس مونرو، الحائزة على جائزة نوبل للآداب لعام 2013، عن عمر يناهز 92 عاماً. رحلت مونرو في دار رعاية خاصة في أونتاريو، تاركة وراءها إرثاً أدبياً غنيّاً من القصص القصيرة التي حفرت عميقاً في وجدان القراء لصدقها وتناولها لمواضيع إنسانية عميقة ببساطة وسلاسة ساحرتين.
نشأة أدبية استثنائية
وُلدت مونرو في جنوب غرب أونتاريو عام 1931، ونشأت في كنف عائلة متوسطة الحال. ومنذ صغرها، أبدت شغفاً بالكتابة، فكانت تسرق اللحظات بين واجباتها المنزلية ورعاية أطفالها الأربعة للتعبير عن أفكارها ومشاعرها من خلال القلم.
لم تحظَ مونرو بمسار تقليدي للكاتبة، فقد تأخر ظهورها الأدبي نسبياً، حيث نشرت مجموعتها القصصية الأولى “رقصة الظلال السعيدة” عام 1968، وهي في سن الـ 37. لكن سرعان ما أثبتت موهبتها الفذة، فجذبت أعمالها أنظار النقاد والجمهور على حدٍ سواء، ونالت إعجاباً واسعاً لقدرتها على التقاط تفاصيل الحياة العادية، خاصةً تجارب النساء، بكل ما فيها من تعقيدات وجمال.
“تشيخوف كندا”: لقبٌ يُجسّد عبقريتها
لقبّت مونرو بـ “تشيخوف كندا” لتشابه أسلوبها مع أستاذ القصة القصيرة الروسي الشهير، أنطون تشيخوف، في قدرتها على صياغة روايات بسيطة تبدو هادئة في ظاهرها، لكنها تحمل في طيّاتها عمقاً هائلاً من المشاعر والأفكار.
تميزت أعمال مونرو بواقعيتها ودقتها في تصوير الشخصيات والمواقف، مستخدمة لغة بسيطة وسلسة تخفي وراءها عبقرية فذة في التعبير عن المشاعر الإنسانية المعقدة.
مسيرة حافلة بالإنجازات
نالت مونرو العديد من الجوائز الأدبية المرموقة خلال مسيرتها، من أهمها جائزة نوبل للآداب عام 2013، وجائزة مان بوكر عام 2009، وجائزة سكوتيابنك جيلر الكندية 3 مرات.
ترجمت أعمال مونرو إلى أكثر من 30 لغة، ونالت إعجاباً عالمياً لقدرتها على التواصل مع القراء من مختلف الثقافات.
اقتباسات خالدة تعكس عبقريتها
تركت مونرو إرثاً من الأقوال الملهمة التي تعكس عمق تفكيرها وفهمها الدقيق للحياة الإنسانية.
من أشهر أقوالها:
- “كانت حياة الناس، في جوبيلي كما في أي مكان آخر، مملة، بسيطة، مذهلة، لا يمكن فهمها – كهوف عميقة مرصوفة بمشمع المطبخ.”
- “هناك أماكن قليلة في حياتك، أو ربما مكان واحد فقط، حدث فيه شيء ما، ثم هناك كل الأماكن الأخرى.”
- “نقول عن بعض الأشياء أننا لا يمكن أن نغفر لها، أو أننا لن نغفر لأنفسنا أبدًا. ولكننا نفعل ذلك – نفعل ذلك طوال الوقت.”
رحيل أيقونة أدبية
برحيل أليس مونرو، فقد العالم الأدبي واحدة من أهم رواده في العصر الحديث. لكن إرثها سيبقى حياً في أعمالها الخالدة التي ستستمر في إلهام القراء وإثراء المشهد الأدبي لسنواتٍ قادمة.
No Comment! Be the first one.