بما ان الدنيا فانية ،يجب ان يفكر المسلم فى وصف الجنة دائماً فى حياته لأنها دار الخلد،لتكون دعماً له فى افعاله التى يجازيها الله لعباده المؤمنين بها .والخلود نوعان نوع عقاب وهو النار ونوع مكافأة وهى الجنة التى لا يمكن لقلب او عقل بشر ان يتصور جمالها وعظمتها، او أن يتخيلها حتى وإن كثرت الاحاديث والأيات عنها ،فما اعده الله لعباده المؤمنين عظيماً .كما ان مفتاح هذه الجنة ليس بالمال والقوة لكن فقط بشهادة أن لا إله إلا الله.
أولاً ما هي الجنة؟
هى المكان الذي أعده الله لخلود عباده الصالحين بعد الموت والبعث والحساب مكافأة لهم،ومن وصف الجنة انها مكان لا يمكن ان يقارن بأي بقعة فى الارض فلا يمكن للعقل ان يتصور جمال وعظمة ما اعده الله لعباده المؤمنين الطائعين فيها. وهي من الأمور الغيبية أي أن وسيلة العلم بها هي القرآن والسنة النبوية فقط. والإيمان بالجنة ووجودها هو جزء من الإيمان باليوم الآخر الذي هو أحد أركان الإيمان الستة في الإسلام.
اين توجد الجنة؟
اجمع العلماء على ان الجنة موجودة ولكن الاختلاف هو وجودها فوق السماء السابعة تحت عرش الرحمن ام في السماء السابعة .
فذهب البعض انها موجودة فوق السماء السابعة تحت عرش الرحمن ،فقد روى البخاري عن أبي هريرة ، عنِ النبِي صلَّى اللهُ عليه وسلم، قال:”إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ” .ومنها ذهب المسلمين على أن الجنة فوق السماء السابعة ، فإذا كان العرش فوق الجنة لزم من ذلك أن يكون العرش فوق السماء السابعة .
وذهب البعض انها موجودة فى السماء السابعة لقوله تعالى : { ولقد رآه نزلة أخرى . عند سدرة المنتهى .عندها جنة المأوى}.((سورة النجم/الاية 13-15))وسدرة المنتهى شجرة سدر عظيمة تقع في السماء السابعة وجذورها في السماء السادسة .
كيف يدخل الانسان الجنة؟
كل من امن بالله وكتبه ورسله وملائكته وشهد انه لا إلا الله دخل الجنة .فبعد ان يموت المسلم ثم يبعث يوم القيامة بعد النفخ فى الصور ليحشر ويمر بأحداث يوم القيامة من الذهاب الى الحوض و عرض الأعمال والحساب وتتطاير الصحف والميزان ،ثم المرور من على الصراط فَيَمُرْ صلى الله عليه وسلم ، وتَمُرُّ أمته على الصراط ، كُلٌ يمر بقدر عمله فمنهم من يمر ماشيا ومنه من يمر حابياً ومنهم من يمر على وجهه ومنهم من يمر كلمح البصر، ولكل منهم ايضاً معه نور أيضاً بقدر عمله حيث انه شديد الظلام ، فيمضي مَنْ غَفَرَ الله عز وجل له، ويسقط في النار من شاء الله عز وجل أن يُعَذبه . ثم يجتمعوا في عَرَصَات الجنة ، يعني في السّاحات التي أعدها الله عز وجل لأن يقْتَصَّ أهل الإيمان بعضهم من بعض ، ويُنْفَى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل . فيدخل الجنة أول الأمر ، بعد النبي صلى الله عليه وسلم : فقراء المهاجرين ، فقراء الأنصار ، ثم فقراء الأمة ، ويُؤَخَّر الأغنياء لأجل الحساب الذي بينهم وبين الخلق ، ولأجل محاسبتهم على ذلك .
وصف مفتاح الجنة
لكل باب لابد له من مفتاح يجب ان تملكه لتفتحه ، ولقد جعل الله لكل مطلوب مفتاحاً يفتح به، فجعل مفتاح الصلاة الطهارة،ومفتاح الحج الإحرام، ومفتاح البر الصدق.وجعل لدخول الجنه وفتح ابوابها هى “شهادة أن لا إله إلا الله”.وينسب لوهب بن منبه: أنه قيل له أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة قال: بلى ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك. رواه البخاري معلقا،ويقصد باسنانه هنا اي الشهادة هى المفتاح ولكن لا يفتح إلا باسنانه وهى الأعمال .
كيف بنيت الجنة
خلق الله تبارك وتعالى الجنة، لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وملاطها المسك،و ترابها الزعفران، حصباؤها اللؤلؤ والياقوت.عن ابن عمر قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنة فقال:”من يدخل الجنة يحيا فيها ولا يموت، وينعم فيها ولا يبأس، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه”. قيل: يا رسول الله ما بناؤها؟ قال: ”لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ملاطها المسك، ترابها الزعفران، حصباؤها اللؤلؤ والياقوت”.
وقال ابن عباس عن خلق جنة عدن ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”خلق الله جنة عدن بيده، ودلى فيها ثمارها، وشق فيها أنهارها، ثم نظر فيها فقال لها: تكلمي، فقالت: {قد أفلح المؤمنون} فقال: وعزتي لا يجاورني فيك بخيل”.رواه الطبراني.
ابواب الجنة
للجنة ثمانية أبواب ولهذه الأبواب أسماء ثبتت بنصوص شرعية، مثل: الصلاة والجهاد والصدقة والريان والأيمن وباب الكاظمين الغيظ، ومنها ما اختاره بعض العلماء لإشارات وإيماءات في النصوص مثل: باب التوبة أو الذكر أو العلم أو الراضين أو الحج.ودليل الأربعة الأولى ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أي أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة”. ودليل الخامس ما رواه البخاري ومسلم أيضاً عن أبي هريرة في حديث شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: فيقال: “يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من باب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب”.واختلفو في أسماء البقية بعد أن اتفقوا على تسمية الأربعة الأولى.
كما ذكر في سعة أبواب الجنة،عن عبد الله بن سلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إن ما بين المصراعين في الجنة أربعون عاما وليأتين يوم يزاحم عليه كازدحام الإبل وردت لخمس ظماء”.رواه الطبراني.
درجاتها
في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين منها ما بين السماء والأرض، فقد روى الترمذي وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس”. صححه الألباني. وفي رواية: “إن في الجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لوسعتهم”.
بيوتها
الجنّة ليست مجرد روضة أو بستان بالمفهوم المتعارف عليه، بل أعد الله فيها قصور ومساكن وبيوت وخيام سيعيش داخلها المؤمنون أثناء حياتهم الخالدة في الجنّة، ووصف القرآن منازل المؤمنين في الجنّة :”وَعَد الله المؤمنينَ والمؤمناتِ جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها ومساكِنَ طيِّبة في جنّاتٍ عدنٍ ورضوان من الله اكبرُ ذلك هو الفوزُ العظيم”.
وأطلق القرآن على مساكن المؤمنين في الجنّة اسم الغرف، ومفردها غُرفة،فقال تعالى: “والَّذين آمنوا وعملوا الصّالحات لَنُبوَّئنَّهُمْ من الجنّةِ غُرَفاً” .((سورة العنكبوت/الأية 58:29))قال تعالى: “وهم في الغُرُفات آمنون” .((سورة سبأ /الأية 37:34)) ففي غرف الجنّة، أي قصورها المعدة للمؤمنين يتوفر الأمان الدائم من الموت والعذاب والأمراض والأحزان، بل ومن الحروب والغزو والنهب والسَّلب والدَّمار.
إضافة إلى المساكن والقصور والغرف، ذكر القرآن وجود خيام في الجنّة:”حورٌ مقصوراتٌ في الخيام”.((سورة الرحمن /الأية 72:55))وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم خيام الجنّة فقال: “إنَّ للمؤمن في الجنّة لخيمةً من لُؤلُؤةٍ واحدةٍ مجوّفةٍ. طولها سِتّون ميلاً، للمؤمن فيها أهلٌ يطوفُ عليهم المؤمن فلا يرى بعضُهم بعضاً”.رواه مسلم عن عبدالله بن قيس.
رائحتها
إن في الجنة روائح متنوعة طيبة، لا يداني اليسير منها روائح الدنيا كلها. ولو جمعت أزهار الدنيا ونباتها الطيب، واستخرج من أطيبها أطيب ريح على وجه الأرض، لما بلغ عشر معشار أقل ريح في الجنة.
فأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قتل قتيلاً من أهل الذمة لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد في مسيرة مائة عام”.
وريح الجنة نوعان: ريح يوجد في الدنيا تشمه الأرواح أحياناً لا يدركه العباد، وريح يدرك بحاسة الشم للأبدان كما تشم روائح الأزهار، وغيرها، وهذا يشترك أهل الجنة في إدراكه في الآخرة من قرب وبعد، وأما في الدنيا فقد يدركه من شاء الله من أنبيائه، ورسله.
أنهارها وعيونها
يوجد فى الجنة انواع عديدة من الأنهار ذكر الله بعضاً منها فقال عز وجل : “مثلُ الجنَّةِ الّتي وُعِدَ المتَّقونَ فيها أنهارٌ من ماءٍ غيرِ آسنٍ وأنهارٌ من لَبَن لم يتغيَّر طعمُهُ وأنهارٌ من خمرٍ لذَّةٍ للشَّاربينَ وأنهارٌ من عَسَلٍ مُصفّى ولهم فيها من كُلِّ الثَّمراتِ ومغفرةٌ من رَبِّهم”.((سورة محمد /الأية15:47))
كما أن للجنة عيوناً بجانب الأنهار ،منها عين تسنيم التى تنبثق من أنهار الجنة وتعتبر من اجمل شراب الصالحين والمتقين وتسمي ايضا الرحيق المختوم،وعين سلسبيل وهذه العين كما ورد عنها تكون مخصصة لأهل اليمين .وعين مزاجها الكافور كما وردت في القرآن الكريم ويشرب منها الابرار .ذكرها القرآن في عددٍ من آياته.فقال تعالى: “إن المتَّقينَ في جَنّاتٍ عيونِ”.((سورة الحِجر/ الأية 45:15))وقال تعالى :”إنَّ الأبرار يشربون من كأسٍ كان مزاجُها كافوراً. عيناً يشربُ بها عبادُ الله يفجِّرونها تفجيراً”.
أشجارها وثمارها
إلى جانب الأنهار، فإن الكثير من آيات القرآن تذكر الجنة وتقرن ذكرها بالأشجار والثمرات. وهي أشجار كثير ومتنوعة، منها العنب والنخل والرمان، والسدر والطلح كما قال الله عز وجل فى كتابه:”فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ” كما قال عز وجل:”وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ.فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ.وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ” والسدر هو شجر النبق الشائك ولكنه في الجنة مخضود أي منزوع شوكه، والطلح شجر في الحجاز فيه شوك، ولكنه في الجنة منضود معد للتناول. وأشجار كثيرة لم تذكر، إذ قال عز وجل: “فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ “.
وفي القرآن مايدل على أنها دائمة العطاء لا تنقطع في فصل دون فصل، كما قال عز وجل :”وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ”.
وهذه الأشجار ذات فروع وأغصان باسقة نامية،و شديدة الخضرة مائلة للسواد من شدة خضرتها واشتباك أشجارها. وتكون ثمار الأشجار دانية مذللة للمؤمنين ليأخذوها بيسر وسهولة:”وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا”.كما أن ساق كل شجرة من ذهب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : “ما في الجنة من شجرة إلا وساقها من ذهب”.
No Comment! Be the first one.