تعتبر شخصية الأسكندر الأكبر من بين أعظم الجنرالات في التاريخ. وقد وصفت قيادته بأنها ماهرة، إذ استطاع أن يحقق انتصارات سريعة واسعة النطاق. كان شجاعًا وكريمًا، وعندما استدعت الضرورة، أظهر صلابة في التعامل السياسي. ووفقًا للسجلات التاريخية القديمة، كان يعاني من إدمان الكحول.ووصفه المؤرخون بأنه حكيم، إذ كان يسعى لبناء عالم يقوم على التآخي بين الشرق والغرب، ودمجهما في إمبراطورية واحدة. قام بتدريب آلاف الشباب الفرس في مقدونيا واستخدمهم في جيشه، وتبنى عادات وتقاليد الفرس وتزوج نساءً فارسيات، بمن فيهن ركسانا التي توفيت في عام ٣١١ قبل الميلاد، وهي ابنة إكسيراتس وذات صلة قرابة مباشرة بداريوس. كما شجع ضباطه وجنوده على الزواج من نساء المناطق التي يحتلها.
مسيرة الإسكندر الأكبر الحربية
تاريخيًا، يُذكر أن الإسكندر الأكبر تَسَلَّمَ عرش مقدونيا في سن العشرين في عام ٣٣٦ قبل الميلاد، بعد وفاة والده فيليب الثاني. وعهد إليه برعاية الجيش ووفاء التزاماته السابقة تجاه اتحاد كورينث للقيادة اليونانية في حربهم ضد الفرس. عندما لم يستطع القضاء على تفوق الأسطول البحري الفارسي، قرر التوغل براً واستهداف قواعد الأسطول الفارسي عبر معبر دردنيلوس في عام ٢٣٤ قبل الميلاد. وفي معركة أسوس في عام ٣٣٣ قبل الميلاد، حقق انتصارًا على الجيش الفارسي. لم يطارد الملك الفارسي حتى بابل، بل فتح طريقه إلى فينيقيا ومصر. وفي مصر، قدم التضحيات لآلهة البلاد وتوج نفسه فرعونًا في مدينة منف، ووضع أسس مدينة الإسكندرية. قام بزيارة معبد آمون في واحة سيوة، وفي ربيع عام ٣٣١ قبل الميلاد، غادر البلاد باتجاه بابل وحقق انتصارًا مدويًا في معركة جاو جميلا، حيث طارد الملك الفارسي وحقق النصر عليه. احتل العواصم الفارسية واستولى على كنوز الإمبراطورية. ومن ثم توجه نحو وسط آسيا وصولاً إلى الهند، حيث اجتاح البنجاب. ومع ذلك، بدأ جنوده يعانون من تعب المعارك المتواصلة والبعد عن وطنهم لفترة طويلة، وأجبروه على التوقف عن مزيد من الفتوحات، وعاد إلى الوطن. أُصيب بمرض وتوفي في بابل عن عمر يناهز الثالثة والثلاثين في عام ٣٢٣ قبل الميلاد.
تاريخيًا، كان الإسكندر الأكبر شخصية استثنائية تستحق المكانة الرفيعة بين أعظم قادة الحضارة في جميع العصور. لم يكن مجرد قائد عسكري بارع وعظيم، بل كان له رؤية واسعة وفكر نبيل وإدراك شامل. شاهد وحشية الحروب والانقسامات التي تفتت الأمم، وعمل جاهدًا لإقامة عالم جديد يتحرر من ويلات الحروب وشرور الانقسامات، حيث يسوده الحب والتعاون والمساواة. كانت رؤيته تتمحور حول إقامة إمبراطورية متحدة تستمد قوتها من تنوعها، وتكون المدن اليونانية جزءًا منها متمتعة بدرجة من الاستقلالية الذاتية والحرية المقدسة، في حين تخضع لسلطة عليا تضمن تجنب التفرقة والتحاقن. وعلى الرغم من هذا، انتفض الأغريق والمقدونيين، بسبب اعتقادهم بأنهم يتمتعون بمصير أعلى ومكانة أفضل من الشرقيين. حدث تمرد في مدينة أوبيس على نهر دجلة في عام ٢٢٤ قبل الميلاد، ولكن تم القضاء على هذا التمرد بسرعة.
الاسكندر يطلب من الاغريق تمجيده وعبادته كإله
الأسكندر الأكبر طلب من الإغريق تمجيده وعبادته كإله قبل وفاته بفترة قصيرة. تم تنفيذ هذا الطلب لأسباب سياسية، ولكنه تم إلغاؤه بسرعة بعد وفاته. من أبرز إنجازاته كان دخوله مدينة الإسكندرية التي سميت باسمه لاحقًا، وقام بتغييرها بشكل جذري. كانت للمدينة اهتمام خاص وكانت توفر الموقع الاستراتيجي المناسب وكمية كبيرة من الماء، مما جعلها مقصدًا للتجار والطلاب والعلماء وجميع الفئات. وبفضل هذه الإنجازات، انتشرت اللغة البونانية وسيطرت على لغات العالم.وعند وفاة الأسكندر في صيف عام ٣٢٣ قبل الميلاد، تم توزيع ولاياته بين قادته لحكمها باسم الأسرة المالكة المقدونية. وكانت مصر من نصيب بطليموس بن لاجوس.لكن لم تدم طموحات هؤلاء الحكام الذين تولوا حكم مصر طويلاً، وقاموا بحروب مدمرة تؤثر في استقرار الإمبراطورية المقدونية. نتج عن ذلك تشكل ثلاث ممالك على أنقاضها، وهي: دولة الأنتيجونيين في مقدونيا، ودولة السلوقيين في سوريا وبابل، ودولة البطالمة في مصر.
الإسكندرالأكبر يحج إلى المعبد العظيم
في ربيع عام ٣٣١ قبل الميلاد، أقام الإسكندر الأكبر حجًا إلى المعبد العظيم. كان المعبد مكانًا مقدسًا لعبادة آلهة الشمس آمون (أو زيوس في الثقافة اليونانية). وقد اعتقد المصريون القدماء أنهم أبناء إله الشمس آمون، وكذلك اعتقد الإسكندر العظيم، كحاكم جديد لمصر، أن حجه إلى المعبد جعله ابنًا لله، إذ كان يعتقد أن أصوله هي أصول إلهية. بعد العودة إلى الشمال، قام الإسكندر بإعادة تنظيم قواته في تايري وجمع جيش مكون من ٤٠٠٠٠ جندي مشاة و٧،٠٠٠ فارس.
No Comment! Be the first one.