مصر هي دولة تقع على سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر، ولها نهر النيل الذي يعتبر أطول أنهار العالم. هذه الموارد المائية تجعل من مصر دولة غنية بالثروة السمكية، وتمكنها من ممارسة نشاط المصايد البحرية بشكل واسع.
ما هي المصايد البحرية؟
المصايد البحرية هي عملية اصطياد الأسماك والحيوانات المائية الأخرى من البحار والأنهار والبحيرات، سواء للاستهلاك أو التجارة أو التصدير. المصايد البحرية تشكل قطاعاً هاماً في اقتصاد مصر، حيث توفر فرص عمل لآلاف الصيادين والعاملين في صناعة تجهيز وتسويق الأسماك. كما تسهم في تأمين احتياجات السكان من البروتينات الحيوانية، وتدعم السياحة والتنوع البيولوجي.
مصر تنتج سنوياً حوالي 1.5 مليون طن من الأسماك، منها 70% من المزارع السمكية، و30% من المصايد البحرية. أهم أنواع الأسماك التي تصطاد في مصر هي: البوري، والقرش، والسردين، والإسقمري، والجمبري، والروبيان، والكابوريا، وغيرها. أهم المناطق التي تزدهر فيها المصايد البحرية في مصر هي: شمال سيناء، وبرج العرب، والإسكندرية، والسويس، والغردقة، وشرم الشيخ.
مساحة المصايد البحرية في مصر
تمتلك المصايد البحرية في مصر مساحة تزيد عن 11 مليون فدان، تشمل البحر الأحمر والبحر المتوسط. ورغم الكمية الهائلة من المساحة المخصصة للصيد، إلا أن الإنتاج السمكي فيها لا يزال متدنيًا مقارنة بمساحتها.في البحر الأحمر، تبلغ المساحة الصالحة للصيد حوالي 4.4 مليون فدان وتمتد شواطئها بطول ألف كيلومتر. تحتوي على مناطق غنية بالثروة السمكية في محافظة جنوب سيناء والغردقة بمحافظة البحر الأحمر، وداخل وخارج خليج السويس بمحافظة السويس.أما في البحر المتوسط، تبلغ المساحة الصالحة للصيد حوالي 6.8 مليون فدان وتمتد شواطئها بطول ألف كيلومتر. تحتوي على مناطق بورسعيد وعزبة البرج في دمياط، وصيد المكس وأبي قير بالإسكندرية، ومطروح والعريش في محافظة شمال سيناء، ورشيد والمعدية في البحيرة وبلطيم في كفر الشيخ.
تحتل المصايد البحرية المرتبة الثانية بين مصادر الإنتاج السمكي في مصر، حيث تسهم في حوالي 11% من الإنتاج السمكي الكلي. والمنطقة الممتدة من شرق الإسكندرية إلى بورسعيد هي منطقة رئيسية تميزها وفرة الصيد وتبلغ نسبة إنتاجها السنوي حوالي 81.81%.
اسباب انخفاض إنتاجية الأسماك في المصايد البحرية
يعود انخفاض إنتاجية الأسماك في المصايد البحرية إلى عدة أسباب، وهي كما يلي:
- بالنسبة للبحر المتوسط، فإن ضعف الخصوبة يلعب دورًا كبيرًا، حيث تبلغ نسبة الخصوبة فيه نصف خصوبة المحيط. كما أنه بحر مغلق ويتعرض للعديد من الملوثات من الدول المطلة عليه.
- أما في البحر الأحمر، فإن استغلال الاستثمارات السياحية بشكل سيئ يؤدي إلى استنزاف الخلجان الشاطئية واللاجونات التي يمكن استخدامها لإنتاج الأسماك.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن دورة تقليب المياه تنتهي عند الشواطئ الشرقية للبحر الأحمر، مما يقلل من فرص الصيد من شواطئها المصرية. لذلك يعتبر إقامة المزارع السمكية هو الحل الأمثل لتعويض الزيادة السكانية في مصر وتحسين الإنتاجية السمكية.
- زيادة ضغط الصيد بسبب عدم تطبيق قوانين حماية الموارد السمكية والتنظيم الجيد لعملية الصيد، مما يؤدي إلى استنزاف وتدهور المخزونات السمكية.
- زيادة درجة حرارة الماء بسبب التغير المناخي، مما يؤثر على نمو وتكاثر وانتشار الأسماك، ويزيد من خطر انتشار الأمراض والطفيليات.
اهم مصايد البحيرات الطبيعية
بحيرات العالم الطبيعية هي موطنٌ لتنوعٍ هائل من الحياة البحرية، وتُعد من أكثر البحيرات ثراءً من حيث الغذاء الطبيعي المتاح للأسماك. تتمتع هذه البحيرات بطقس معتدل وظروف طبيعية مثالية، مما يجعلها مواقع حيوية للكثير من الأنواع الهامة من الأسماك، مثل البوري، الطوبار، الدنيس، القاروص، اللوت، الثعبان، الجميري، وغيرها. ورغم توافر الظروف الملائمة للإنتاج السمكي، إلا أن مصايد هذه البحيرات تتعرض لتحديات جمة.ومن اهم تلك البحيرات الطبيعية بمصر:
1- بحيرة البردويل
تبلغ مساحة بحيرة البردويل حوالي 165 ألف فدان وتمتد لنحو 90 كيلومترًا بعرض يتراوح بين 1 و22 كيلومترًا. تحتوي على مناطق صيد في بئر العبد والعريش بشمال سيناء. شهدت بحيرة البردويل ارتفاعًا غير مسبوق في إنتاج الأسماك خلال عام 2003، حيث وصلت إلى 3,250 طنًا. وتسعى اللجنة المسؤولة عن تطوير البحيرة لتحقيق مبدأ الجودة والنوعية الجيدة عن طريق تعزيز إنتاج أسماك الدنيس، المفضلة للمستهلك الأوروبي. ثم تطهير البواغيز للسماح بتدفق التيارات بينها، وتنظيم عمليات الصيد بالبحيرة ومنع المخالفات، وفرض حظر على صيد بعض الأصناف خلال فترة التكاثر السنوية للحفاظ على توازن النظام البيئي.
2- بحيرة المرة وملاحة بورفؤاد
تبلغ مساحة بحيرة الروة السمنية حوالي 25 ألف فدان وتحتوي على مناطق صيد في ملاحة بورفؤاد بمحافظة بورسعيد. وتشهد بحيرات المرة وبحيرة التمساح في محافظة الإسماعيلية حوالي 76 ألف فدان.
3- بحيرة قارون
تبلغ مساحة بحيرة قارون حوالي 55 ألف فدان وتحتوي على مناطق صيد في قارون بمحافظة الفيوم. تعد بحيرة قارون من أكبر وأجمل المحميات الطبيعية في مصر، وتحتوي على عشرة أنواع من الأسماك الهامة. لكن البحيرة تعاني من تحديات عدة تهدد مستقبلها، منها تجريف الزريعة التي تلقى بها في بداية كل موسم والتي تضر بالمحتوى السمكي بالبحيرة، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التلوث بالمبيدات والكيماويات التي تصب فيها.
يجب تكثيف الجهود للحفاظ على مصايد البحيرات الطبيعية وتنظيم عمليات الصيد ومكافحة الصيد غير المرخص، بالإضافة إلى مراقبة التلوث واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على التوازن البيئي وثروة الأسماك في هذه المناطق الهامة.
4- البرلس
تعتبر بحيرة البرلس واحدة من البحيرات الهامة في مصر، حيث تبلغ مساحتها حوالي 136 ألف فدان وتشمل مناطق صيد بمحافظة كفر الشيخ. وقد كانت المنطقة ذات أهمية كبيرة لصيد الأسماك وتوفير الغذاء للمجتمع المحلي. لكن مساحة البحيرة قلصت تدريجيًا من 700 ألف فدان إلى 323 ألف فدان ثم إلى 130 ألف فدان فقط، حيث أصبحت منطقة الصيد تُقتصر على 30 ألف فدان فقط.لكن أصبحت البحيرة عرضة لتلوث المياه نتيجة مصارف البحار القريبة وزيادة نسب ورد النيل والصيد الجائر للأسماك الصغيرة. هذه العوامل المتراكمة تشكل تهديدًا على ثروة الأسماك والبيئة البحرية بالبحيرة.
5- بحيرة ناصر
بحيرة ناصر هي واحدة من أكبر البحيرات الاصطناعية في مصر، حيث تبلغ مساحتها حوالي 1.2 مليون فدان، وهي تعد أكبر مسطح مائي من المياه العذبة في أفريقيا. تقع بحيرة ناصر في محافظة أسوان وتحتوي على أكثر من 50 نوعًا من الأسماك تتبع 15 عائلة.على الرغم من التحديات التي تواجه بحيرة ناصر، إلا أنها تظل موردًا مهمًا للثروة السمكية في مصر وتلعب دورًا حيويًا في تلبية احتياجات المجتمع المحلي وتوفير فرص عمل للصيادين والمزارعين الذين يعتمدون على المياه العذبة لتربية الأسماك.
6- منخفض الريان
منخفض الريان هو منطقة تشتمل على مناطق صيد الريان 1 و3 بمحافظة المياه العذبة، وتشمل منطقة النيل وفروعه والترع والمصارف بمساحة إجمالية تبلغ 178 ألف فدان. يعد هذا المنطقة من أهم المناطق السمكية في مصر حيث يوجد بها تنوع كبير في الأنواع السمكية ومخزون سمكي غني.
مشروع وضع خريطة للمصايد السمكية
يقوم المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بمهمة مسح شواطئ البحر المتوسط والبحر الأحمر لرسم خريطة للمصايد السمكية بهدف استكشاف مناطق صيد جديدة على أعماق مختلفة وتقدير المخزون السمكي الحالي ورفع إمكانيات الصيد لزيادة توافر الأسماك في الأسواق.تم بالفعل البدء في إجراءات المسح على شواطئ البحر الأحمر في مارس من عام 2004.تستخدم سفن البحث والمسح أجهزة حديثة للرصد لتجنب الصيد الجائر وتحديد الإنتاج الأمثل المستمر دون استنزاف الموارد السمكية. تهدف هذه الدراسات إلى تنظيم المصايد وتحسين الاستدامة البيئية وتجنب التداعيات البيئية السلبية. كما تساعد في رصد أنواع الأسماك وتوزيعها وتحديد المناطق ذات الكثافة الاقتصادية للصيد وتحسين أساليب الصيد ومعداته للحفاظ على موارد الأسماك.إضافةً إلى ذلك، قد تم اكتشاف بعض البكتيريا المعدية في بحيرة إدفو التي تؤثر على الصيادين وتسبب بعض الأمراض. ينصح الصيادون بتجنب الغطس في المياه بأنفسهم وأخذ الاحتياطات اللازمة أثناء التعامل مع الأسماك لضمان السلامة الصحية.
تحديات المصايد البحرية في مصر
لكن المصايد البحرية في مصر تواجه العديد من التحديات والمشكلات التي تهدد استدامتها وجودتها. من أبرز هذه التحديات: التلوث البحري بسبب التفريغات الصناعية والزراعية والمخلفات البشرية، وزيادة درجة حرارة الماء بسبب التغير المناخي، وانخفاض مستوى التنوع الجيني للأسماك بسبب التزاوج غير المنظم، وانتشار الأمراض والطفيليات بسبب ضعف المراقبة الصحية، وزيادة ضغط الصيد بسبب عدم تطبيق قوانين حماية الموارد السمكية.
لذلك يجب على مصر اتخاذ إجراءات فورية لحماية المصايد البحرية من هذه التهديدات، وتعزيز دورها في تحقيق التنمية المستدامة. من أهم هذه الإجراءات: تطبيق سياسات وتشريعات صارمة للحد من التلوث البحري والصيد الجائر، وتوفير التمويل والتدريب والتكنولوجيا لتطوير قدرات الصيادين والمزارعين السمكيين، وتشجيع البحث العلمي والابتكار في مجال تحسين جودة وكفاءة المصايد البحرية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التحديات المشتركة.
على الرغم من التحديات التي تواجه صناعة الصيد في مصر، إلا أنه من الضروري التعاون والتنسيق بين الجهات المعنية والمزارعين والصيادين لتحسين إدارة المصايد وحماية ثروة الأسماك والحفاظ على البيئة البحرية.
No Comment! Be the first one.