في صيف عام 1990، شهد العالم أحد أبرز الأحداث التاريخية في منطقة الشرق الأوسط، وهو الغزو العراقي للكويت، الذي أثار ردود فعل دولية واسعة وأدى إلى حرب الخليج الأولى. في هذا المقال، سنتناول أسباب ومجريات ونتائج هذا الصراع، والذي كان له تأثيرات عميقة على المنطقة والعالم.كان للاحتلال تأثير سلبي على الحياة الاجتماعية للشعب الكويتي. فانقسمت الأسر والعائلات بسبب الاعتقالات والقتل والنزوح. وانعزل السكان في أحيائهم بسبب إغلاق الجسور والطرق. وانخفض مستوى المعيشة بسبب ندرة المواد الغذائية والطبية والماء والكهرباء.ولكن رغم هذه التحديات، أظهر الشعب الكويتي روحًا عالية من التضامن والصبر والأمل. فزاد التعاون بين سكان كل حي، وشكلوا مجالسًا شعبية لإدارة شؤونهم. وفرحوا بعودة كل نزيل من المنفى أو من سجون العراق، وأقاموا له حفلات ترحيبية. وزاروا أولادهم في المخافر أو اتصلوا بهم هاتفيآ قبل أن يقطع الاتصال بالخارج.
تأثير الاحتلال على الاقتصاد
أصاب الاحتلال الاقتصاد الكويتي بضربات قاسية، خصوصًا في قطاعي النفط والصناعات التحويلية، اللذين كانا يشكلان أهم مصادر الدخل للبلاد.
قطاع النفط
قام العراقيون بتدمير آبار النفط الكويتية، وإشعال حرائق فيها. وبلغ عدد الآبار المحترقة أكثر من 700 بئر، وعدد الآبار المخربة 749 بئر. وتسبب ذلك في احتراق ما بين مليونين وستة ملايين برميل من النفط يوميًا. وإذا افترضنا أن سعر البرميل الواحد هو 15 دولار، فإن خسارة الكويت تتراوح بين 30 و90 مليون دولار يوميًا.ولم تقتصر الخسائر على المال فقط، بل تجاوزته إلى البيئة. فأثرت حرائق النفط على جودة الهواء والماء والتربة. فغطى دخان أسود سماء الكويت، وتشكلت بحيرات نفطية على سطح الأرض، وانخفضت درجة حرارة المنطقة. وأصبحت التربة غير صالحة للزراعة، إلا بعد تنظيفها من المواد السامة. وهذا قد يستغرق سنوات طويلة.كما تضررت منشآت تصدير وتكرير النفط في الكويت، مثل الموانئ والخزانات وخطوط الأنابيب.
قطاع الصناعات التحويلية
كان قطاع الصناعات التحويلية يسهم بـ 10% من الناتج المحلي للكويت، ويشمل صناعات مثل مواد البناء والأنابيب والأسمدة والأغذية. وأصاب هذا القطاع أيضًا ضربات موجعة من قبل العدو. فسرق أو دمار أغلب المصانع والمعامل، وأخذ معداتها وآلاتها إلى العراق. وأوقف إنتاج باقي المصانع بسبب نقص المواد الخام والطاقة.
قطاع التجارة في الكويت
كانت التجارة منذ زمن سحيق من أهم النشاطات في الكويت، فقبل اكتشاف النفط كانت الكويت تتعامل مع دول افريقيا الشرقية ومدن شبه القارة الهندية وكانت تشتهر باللؤلؤ الذي يستخرج من أعماق الخليج. ومع اكتشاف النفط ارتفع مدخول الكويتيْين وازدهر الاقتصاد.وأذى الاحتلال، بشكل طبيعي، إلى تراجع هذا القطاع. ففضلاً عن استيلاء العراقيين على السلع والمواد الغذائية الموجودة في المخازن، انخفضت قدرة السكّان الشرائية.
خسائر الوطن العربي جراء الحرب
خسر الوطن العربي، بشكل مباشر أو غير مباشر، حوالي ٦٥٠ بليون دولار أميركي من جراء الحرب والتحرير. وأبرز دليل على ذلك ما ورد في تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية للعام ١٩٩٠،الذي أصدرته المؤسّسة العربية لضمان الاستثمار:” … امتدت الأزمة في تداعياتها لتخلق أحداثاً كبيرة وخطيرة ألحقت بالدول العربية خسائر فادحة، وخلقت ضغوطاً مالية واقتصادية أذت إلى تباطؤ النشاط الاستثماري، وحركة التجارة البينية، وتركت انعكاسات سلبية على اقتصاديات الدول العربية وتعاملها مع العالم الخارجي حيث أصبحت المنطقة العربية تمثّل منطقة ذات مخاطر لا توفر الأمان للأموال الأجنبية، كما خلقت نوعاً من القلق الدولي من حقيقة الاعتماد على المنطقة العربية المضطربة كمصدر أساسي للطاقة. وامتدت الآثار السلبية للأزمة أيضاً إلى العملات العربية حيث توقفت البنوك بيعاً وشراء، إلى جانب خروج عملة مهمّة من السوق وهي الدينار الكويتي، الذي كان يساوي ثلاثة وثلث دولار أميركي قبل الاحتلال العراقي للكويت. أذت الأزمة في أبعادها العربية إلى توسّع فجوة الموارد الصعبة في كثير من الدول العربية وبخاصة في مصر والأردن، حيث لم تقتصر الأزمة السلبية على انخفاض التحويلات والنقل. . . “.
تأثيرات الحرب على الاقتصاد المصري
لقد أثّر احتلال العراق للكويت سلباً على الاقتصاد المصري. لقد عاد بسبب الحرب حوالي نصف مليون عامل مصري من الكويت والعراق، ممّا سيضطر الدولة لتشغيل هؤلاء العمّال، مع العلم أنّ الحكومة المصرية تعاني من مشاكل مالية فقرّرت دول الخليج إسقاط ٧ مليارات دولار من الديون التي أقرضتها لمصر لكي تدعمها. أضف إلى ذلك أنّ تحويلات العاملين المصريّين في الكويت والعراق قد توقفت كلّياً بعد الغزو وهي تشكل ثلاثة بلايين دولار أميركي.
تأثيرات الحرب على الاقتصاد الأردني
قدّرت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار خسائر الاقتصاد الأردني بحوالي ٢,١٤٤ بليون دولار أميركي موزّعة على الشكل التالي:
- فقدان الأسواق العراقية التي تمثّل ٥٠٪ من صادرات الأردن.
- خسائر دعم الموازنة من خلال المنح التي كانت تقدّمها الكويت ودول الخليج والعراق.
- خسارة القروض الأردنية للعراق المقدّرة بـ٣١٠ ملايين دولار.
- خسارة الترانزيت والسياحة بمبلغ يُقدّر بـ ٧١٠ ملايين دولار.
- خسارة المنح النفطية من الكويت التي تُقدّر بـ٦٠ مليون دولار سنوياً.
No Comment! Be the first one.