يقول أحمد شلبي في كتابه المعروف “الموسوعة الإسلامية”، إن هناك طوائف في إيران تدبر المكائد ضد الإسلام والمسلمين. تعود جذور هذه الطوائف إلى الفترة التي تعرضت فيها إيران للاحتلال الإسلامي، حيث تحولت العبادة في إيران من عبادة النار والملوك إلى عبادة الله الواحد الأحد. وفي إيران آنذاك كانت هناك بقايا يهودية، وتحالفت هذه البقايا مع الأشخاص الذين نجوا من الحكام، وتظاهروا بالانتماء إلى الإسلام وشكلوا ما يسمى “مدعي التشيع”.
وأشار شلبي إلى أن هؤلاء الأشخاص بذلوا جهودًا كبيرة لتفكيك العقيدة الإسلامية، تمامًا كما فعل البولسيون بالمسيحية عن طريق تحويلها إلى مفهوم الثالوث وتحويل عيسى إلى إله. وقد أرسلت هذه الطوائف أحد أشرارها ليثير الفتنة، خاصة بعد سماعهم عن اضطراب الحاكم، وقدم إلى مصر في عام 408 هـ وقد حاول أن ينشر فكره الضال، واسمه محمد بن إسماعيل الدرزي الملقب بـ “أنو شتكين”.
وتواصل هذه الشخصية مع الحاكم الذي كان في حاجة إلى مساعدة في الصراع الذي كان يواجهه. وبدأ الدرزي في التعظيم للحاكم ورفعه عن الشرية، ومن ثم أدعى الوهية الحاكم، وأدعى أن الحاكم هو إله مجسد، بنفس الطريقة التي ادعوها اليهود في الماضي. وقال الدرزي في إحدى رسائله: “حذرًا من أن يقول أحدكم أن عيسى هو ابن العزيز أو أبو علي، فإن مولانا هو هو في المصدر والزمان. يظهر بشكل بشري عندما يشاء، وقد أنكره الناس وحدثت فتنة ضده قتل فيها هو وبعض أتباعه ونهبت داره”.وتشير المراجع إلى أن هؤلاء الضالين لم ينجحوا في إقناع الناس بأفكارهم في إيران، ولكنهم استغلوا الاضطرابات في عهد الحاكم وجدوا في لبنان بيئة مواتية لانتشار أفكارهم. انتقل مذهب الدروز إلى مناطق مثل صيدا وبيروت وساحل الشام وحوران وجبل لبنان.
وتجسدت العقيدة الدرزية في فكرة تجسيد الله في صورة الحاكم بأمر الله. وقد نشأت هذه الفكرة قبل ذلك بفترة طويلة وتأثرت بالفكر الهندي والتعاليم المسيحية، ووجدت قبولًا بين الباطنية والقرامطة والإسماعيلية. واستغل الدرزي الفتنة في عهد الحاكم ليظهر بمظاهر تأييد له قريبة من ما يدعوه “مدعو التشيع” مع علي بن أبي طالب، حيث قام بتجاوز على الإلهية للحاكم أو تجسيده في صورة إله.ولكن الحاكم نفسه اتخذ موقفًا حاسمًا ضد هؤلاء الكفار، وثار المصريون عليهم، ولم يجد الدرزي في مصر الترحيب الذي تلقاه في إيران، وانتقل إلى مناطق أخرى في الشام حيث وجد دعمًا لفكره.
No Comment! Be the first one.