الكويت هي من أوائل دول الخليج العربي التي بدأت تجربتها الديمقراطية، وذلك بالاستناد إلى مبدأ الشورى والتوافق بين العائلة الحاكمة والعائلات التجارية والمجتمع.تاريخيا، لم تفرض عائلة آل الصباح حكمها على الشعب الكويتي بالقوة، بل استجابت لمطالبه في إصدار الدستور عام 1962، وإنشاء مجلس الأمة كسلطة تشريعية منتخبة. الديمقراطية في الكويت شهدت تطورات وتحديات على مر السنين، مثل إلغاء المجلس عام 1976 وإعادة تأسيسه عام 1981، و فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء عام 2003، وإدماج المرأة في الحقوق السياسية عام 2005، وتقليص الدوائر الانتخابية من 25 إلى 5 عام .تعمل بعض الحركات والأحزاب السياسية في الكويت من أجل استكمال الديمقراطية وضمان حقوق الإنسان والحريات الأساسية وإقامة دولة القانون في إطار التعددية والتداول.
تشكيل أوّل مجلس استشاري
شهد عهد أحمد الجابر الصباح تشكيل أوّل مجلس استشاري في الكويت، فانتخب حمد آل صقر رئيساً له. وكان يتألف من ١٢ عضواً يتخذون القرارات بالغالبية العظمى. غير أنّ هذا المجلس حلّ بعد شهرين من تشكيله لأن أعضاءه لم يتوافقوا أبداً على الرأي فنشبت الخلافات في ما بينهم وراحوا يتغيّبون عن الاجتماعات.وعلى الرغم من فشل التجربة، طالب الكويتيون بتأسيس مجلس للمعارف وآخر للبلدية، فكان لهم ما أرادوه. وأنشئت بلدية الكويت سنة ١٩٣٤، أمّا مجلس المعارف فأسّس سنة ١٩٣٦. غير أنّه قدّر الفشل لعمل هذين المجلسين أيضاً.
تشكيل مجلس تشريعي
وفي سنة ١٩٣٨، على أثر مطالبة الشعب بذلك، تألف مجلس تشريعي من ١٤ عضواً، يرأسهم الشيخ عبدالله السالم الصباح. وكان من واجبه أن تضع دستوراً للكويت، فوضعت واحداً صدق عليه الأمير وأعلن ما يلي مبيناً الهدف منه:”نحن عبدالله السالم الصباح، أمير دولة الكويت، رغبة في استكمال أسباب الحكم الديموقراطي لوطننا العزيز، وإيماناً بدور هذا الوطن في ركب القومية العربية والسلام العالمي والحضارة الإنسانية، وسعياً نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية، ويفيء على المواطنين مزيداً كذلك من الحرية السياسية، والمساواة، والعدالة الاجتماعية، ويرسي دعائم ما جبلت عليه النفس العربية من اعتزاز بكرامة الفرد، وحرص على صالح المجموع، وشورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره. . . . . . “. وللمرة الثالثة في تاريخ الكويت فشل عمل هذا المجلس.
تشكيل هيئات لإصلاح الدوائر الحكومية
لقد كان لهذه التجارب أثر عميق في الحياة السياسية الكويتية، ممّا أدّى إلى تشكيل هيئات تساعد الأمير في شؤون الامارة. وأبرم قانون في ١٩ أيلول (سبتمبر) ١٩٥٤ يقضي بتشكيل لجنة عليا تعمل على إصلاح الدوائر الحكومية وتنظيمها.
استقلال الكويت
في حزيران (يونيو) ١٩٦١ قرّرت بريطانيا والكويت وقف العمل بمعاهدة ١٨٩٩، فنالت الكويت استقلالها. ثمّ انضمّت إلى جامعة الدول العربية وقبلت عضويتها في منظمة الامم المتحدة في أيار (مايو) ١٩٦٣. فيكون قد انتهى بذلك عهد من السيطرة البريطانية على دولة الكويت.
تشكيل الدستور
تمّ انتخاب جمعية تأسيسيّة سنة ١٩٦١ تتألف من عشرين عضواً وعقدت أولى جلساتها في ٢٠ كانون الثاني (يناير) ١٩٦٢. وكان من واجبها أن تضع دستوراً للكويت، فوضعت واحداً صدق عليه الأمير وأعلن ما يلي مبيناً الهدف منه:”نحن صباح السالم الصباح، أمير دولة الكويت، رغبة في إرساء أسس نظام دستوري للحكم في بلادنا، وإعطاء المشاركة في شؤون الحكم لأبناء شعبنا، وإقامة مؤسسات دستورية تضمن حقوق المواطنين والعدالة الاجتماعية، وإبرام معاهدات مع دول صديقة لضمان سلامة أرضنا وسلام شعبنا، نصدر هذا الدستور لدولة الكويت”.ويتألف هذا الدستور، الذي وضع أسس المؤسّسات الدستورية ونظم العلاقات في ما بينها، من خمسة أبواب. الباب الأول يحدّد نظام الحكم وطبيعته، ويصرّح بأنّ الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة وذات حكم ديمقراطي، دينها هو الدين الاسلامي ولغتها اللغة العربية.
الحياة السياسية في الكويت
على الرغم من أنّ الدستور الكويتي لم يمنع تشكيل الأحزاب السياسية، لم تشهد الكويت أي ظهور لهذه الأحزاب وذلك بسبب التنظيم القبلي للمجتمع الكويتي. غير أنّنا نلاحظ أنّ الحياة السياسية في هذا البلد تتأمّن من ثلاثة مستويات: الأمير، وليّ العهد وأسرة آل الصباح، المجموعات البرلمانية وفئة التكنوقراط والجماعات الضاغطة، ومن هنا الرسم البياني التالي:
الأمير (رأس الهرم في الحياة السياسية)
ونلاحظ أنّ الأمير هو رأس الهرم في الحياة السياسية الكويتية، وهو يستمد سلطته ونفوذه من تاريخ عائلة آل الصباح التي حكمت البلد منذ تأسيسه. وتجدر الإشارة هنا، إلى أنّها لم تلق أية معارضة منذ توليها الحكم. أضف إلى ذلك أنّ الأمراء الذين حكموا الكويت كانوا يتمتّعون بشخصية فذّة وقوية وقدرة هائلة على التخطيط والتنظيم والإدارة، وليس حكم الشيخ عبدالله سالم الصباح والشيخ صباح السالم الصباح والأمير الحالي الشيخ جابر الأحمد الصباح سوى دليل على ذلك. أمّا من الناحية الدستورية فلقد أعطى الدستور للأمير سلطات واسعة سبق وذكرناها.
وليّ العهد (المسؤول عن رئاسة مجلس الوزراء)
ويأتي في المرتبة الثانية بعد الأمير وليّ العهد. وهو غالباً ما كان يتقلد منصب رئاسة مجلس الوزراء. وهو يساهم في حكم البلاد وإدارة شؤونها.
أسرة آل صباح: تحتل المراتب المهمّة في المجالات المختلفة
أمّا في المرتبة الثالثة فنجد أسرة آل صباح التي يحتل أعضاؤها أهم المراتب في المجالات المختلفة. مثل وزارة الداخلية والمالية والصناعة والتربية والتعليم. وفي هذا الموضوع قالت الدكتورة نور الفلاح :”إنّها أكثر الفئات تجانساً وترابطاً ووعياً. فالأفراد المكوّنين لهذه الفئة تربطهم رابطة دم، ينحدرون من أصل قبيلة واحدة، ويتمتّع جميع أفرادها، نظراً للتقاليد العربية والتقاليد التي بني عليها التدزج الاجتماعي بمكانة اجتماعية عالية. ولا يُعرف بالضبط حجم هذه الفئة ولكنّها تبعاً للخصائص الحديثة للسكّان الكويتيْين قد اتسعت عمّا كانت عليه. وتُعتبر أكثر الفئات حفاظاً على عادات وتقاليد القبائل العربية. ويحدث معظم التزاوج في داخل العائلة، وإذا حدث تزاوج مع الفئات الأخرى فهي تكون حريصة على أن يكون النسب مع من يقع في التقسيم العمودي نفسه الذي تقع فيه. وتُعتبر الفئة الوحيدة في المجتمع الكويتي التي لا تزال تحافظ على التدرج العمودي، ويعمل معظم أفرادها من الذكور في مناصب سياسية قيادية. وبعضهم يجمع بين عضوية هذه الفئة وعضوية المجموعات الأخرى كأن يكون من ملاك العقارات أو من العاملين بالتجارة أو قد يجمع بين الإثنين”.
المجموعات البرلمانية
أمّا المجموعات البرلمانية فهي تتشكّل بسبب التباين في الآراء والمواقف ونستطيع أن نقسّمها إلى فئتين: المجموعة البرلمانية المؤيّدة للحكومة والمجموعة البرلمانية المُخَالِفَة للحكومة.
- المجموعة البرلمانية المؤيّدة للحكومة: هي التي تساند سياسات وقرارات مجلس الوزراء، وتصوّت لصالح مشاريع القوانين التي يقدِّمُهَا، ولا تطرح أسئلة أو استجوابات على أداء الحكومة.
- المجموعة البرلمانية المُخَالِفَة للحكومة: هي التي تُبْدي اختلافها مع سياسات وقرارات مجلس الوزراء، وتصوّت ضد المشاريع.
السياسة الخارجية للكويت
تعترف دولة الكويت بحق كل دولة في الحرية والسيادة والاستقلال، على الرغم من صغر مساحتها، إلا أنها لطالما قدمت المساعدات المالية والدعم للدول الضعيفة. كما سعت جاهدة لتعزيز التعاون الدولي والعربي، وانضمت إلى جامعة الدول العربية وشجعت التعاون بين الدول العربية لمواجهة التحديات المشتركة. كما شاركت في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية.تؤمن دولة الكويت بأن عدم الانحياز هو الضمانة الوحيدة لأمنها واستقلالها، وتعتبر ميثاق الأمم المتحدة أداة هامة لضمان سيادة الدول. وفيما يتعلق بالمحيط الهندي، تؤكد على أهمية تحييده، حيث تعتبر غياب القوات الأجنبية عنه شرطًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار في الدول النامية وضمان الأمن في المنطقة.بالإضافة إلى ذلك، تسعى الكويت لمساعدة الدول المتقدمة في مجالات مختلفة، وذلك تأكيدًا لروح التعاون الدولي والمساهمة في تحقيق التنمية والاستقرار العالمي.
موقف الكويت من القضايا العربية
حرب حزيران (يونيو) ١٩٦٧
في هذه الحرب، التي اندلعت بين إسرائيل وثلاث دول عربية هي مصر والأردن وسوريا، أظهرت الكويت تضامنها مع القضية العربية بشكل قوي. فقد أوقفت تصدير النفط إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، التي كانتا تدعمان إسرائيل، وشاركت في المؤتمرات العربية التي اتخذت قرارات لمواجهة العدوان. كما تكفلت بالالتزامات المالية التي حددتها هذه المؤتمرات لدعم مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
القضية الفلسطينية
لطالما كانت الكويت من أبرز الدول المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه. فقد اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كالممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وقدمت لها مساعدات سخية سواء على المستوى المالي أو السياسي أو الإنساني. كما وقفت مع باقي الدول العربية في مواجهة سياسات إسرائيل التوسعية والاستيطانية.
مجلس التعاون الخليجي
في عام ١٩٨١، شاركت الكويت في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهو تجمع إقليمي يضم ست دول هي: الكويت والسعودية والإمارات وعُمان وقطر والبحرين. يهدف هذا المجلس إلى تعزيز التضامن والتكامل بين دوله في مختلف المجالات، خصوصاً في ظل التحديات والأزمات التي تشهدها المنطقة. وقد لعبت الكويت دوراً فاعلاً في دعم هذا المجلس وإنجاح مشاريعه.
حرب تشرين (أكتوبر) ١٩٧٣
في هذه الحرب، التي شنَّتها مصر وسوريا ضد إسرائيل لاستعادة أراضٍ خسِّرَتْهَا في حرب حزيران، أبدَّتْ الكويت تضامُنَهَا مَجْدَدَاً مَعَ الْقَضِيةِ الْعَرَبِيةِ. فأرْسَلَتْ فرقًا مِنْ جُنُودِهَا إلى قَنَاةِ السُّوَيْسِ للمشاركة في القتال ضد العدو، وقدّمت مساعدة مالية كبيرة لمصر وسوريا. كما شاركت في قرار الدول العربية المصدرة للنفط بخفض إنتاجها ومقاطعة الولايات المتحدة وهولندا، التي كانتا تساندان إسرائيل، مما أدى إلى أزمة نفطية عالمية.
الكويت واتفاقية كامب ديفيد
في عام ١٩٧٨، وقع الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن اتفاقية كامب ديفيد، التي تضمنت اعتراف مصر بإسرائيل وإبرام سلام بينهما. رفضت الكويت هذه الاتفاقية، معتبرة أنها تخالف الموقف العربي المشترك من القضية الفلسطينية، وأنها تمثل خيانة للشعب الفلسطيني. فقاطعت مصر سياسياً واقتصادياً، وانضمت إلى جبهة التصدي التي شكلتها دول عربية أخرى ضد هذه الاتفاقية. كما ندّدت بالولايات المتحدة، التي كانت وسيطة في هذه الاتفاقية، بسبب انحيازها لإسرائيل.
No Comment! Be the first one.