صلاة الإستخارة هي صلاة غير مفروضة، يلجأ اليها المسلم عندما يتعرض لمواقف وأمور في الحياة يحتار فيها، ويريد الأفضل والبصيرة فيها، كالسفر، أو الزواج، أو الإقدام على وظيفة، أو شراء منزل أو سيارة، وغير ذلك من الأمور.وفيها يدعو المسلم الله تعالى، ويتضرّع إليه، ويسأله أن يختار له الخير،فإنه مجيب الدعوات علام الغيوب.وهي عبادة مهمة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليمها لأصحابه إذا همّ أحدهم بأمر لا يعلم هل فيه خير ؟ أم شر ؟.
أولاً تعريف الإستخارة
الاستخارة في اللغة هي طلب الخيرة في شيئ ما يتوجب عليك الإختيار فيها ،على سبيل المثال الإستخارة فى الزواج بالقبول أو الرفض .يقال خار الله لك؛ أي أعطاك ما هو خير لك،فالإستخارة اسم يجمع بين الأختيار والخير معاً .كما ان الإستخارة تشبه الاستشارة فى المعنى ،ولكن الفرق هو أن الاستخارة اسم متعلق بطلب الخير والاختيار من الله ،وفيها طلب صرف الهمة لما هو المختارُ عندَ اللهِ . أما الإستشارة فهي لطلب الرأي في الاختيار من اي شخص.
ما هي صلاة الإستخارة؟
هي صلاة ليست من الصلوات المفروضة ولكنها سنة مؤكدة،فيثاب فاعلها ولا يأثم تاركها.ليس لها وقت محدد ولا عدد،وفيها يصلي المسلم ركعتين مثل بقية صلاة النافلة،ولكن بنية إستخارة الله بأمر ما .وعندما ينتهي من الصلاة يدعو الله فى طلب الخير والاختيار فلا يوجد افضل منه فى الاستجابة.
يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم :{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [سورة البقرة /الأية 186]. ويقول ايضاً : {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [سورة الأنعام /الأية 59]. فان حدث الامر كان خيراً واراده الله لك ،وان لم يتم الامر المراد كان ايضاً خيراً لعله كان شراً لك.
دعاء الإستخارة
إذا نويت الصلاة لإستخارة ربك في أي امر ،سميت تلك الصلاة “صلاة إستخارة” .وإذا دعوت ربك لطلب الخير والإختيار في شيئ ما ،كان ذالك دعاء إستخارة .
لكن لا يوجد أفضل من اتباع الرسول فى أفعالة ،لإكمال العمل على أفضل وجه .فالأفضل في الاستخارة أن تكون على الكيفية التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، ففي صحيح البخاري وغيره عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل (دعاء الإستخارة) :
“اللهم إني استخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، واسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسميه) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (ويسميه) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه وأقدر لي الخير حيث كان، ثم ارضني به”.
هل يجوز دعاء الإستخارة بدون صلاة ؟
الأصل والسنة أن يستخير المسلم بالصلاة والدعاء معاً،لتكون الإستخارة أقرب إلى الإجابة ، وأحضر للقلب ، وأدعى للقبول ،ولحصول الجمع بين خيري الدنيا والآخرة. لكن اذا لزمت الإستخارة بدون صلاة لسبب ما ،فيجوز ان يستخير المسلم ربه بالدعاء فقط ،بإتفاق من الفقهاء .ولا يوجد ما يمنع الدعاء أو يحدده بوقت أو بفعل أو مكان ،بل بالعكس فان الله امرنا بالدعاء ووعدنا بالإستجابة ،{وَقَالَ رَبّكم ادعونِي أَستَجِب لَكم ..} [سورة غافر/الأية 60].
قال ابن القيم :”وأحب خلقه إليه أكثرهم وأفضلهم له سؤالا، وهو يحب الملحين في الدعاء، وكلما ألح العبد عليه في السؤال أحبه وقربه وأعطاه ” .وروى ابن السني في عمل اليوم والليلة ،بسند صحيح عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:”سَلُوا اللَّهَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الشِّسْعَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ”. ومعنى حتى الشسع أي : حتى إصلاح النعل إذا انقطع .
وقت صلاة الإستخارة
صلاة الاستخارة تصلى في أي وقت، بعيدًا عن أوقات النهي وهي:
- بعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب.
- بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس.
- قبل الظهر بمقدار ربع ساعة تقريبًا، وهو وقت زوال الشّمس.
فيمكن ان تصلي الإستخارة فى أي وقت غير هذه الاوقات الثلاثة السابقة،إلا إن اضطر فلا بأس في ذالك.كما إنه لا ينبغي أن تصليها بعد صلاة الوتر لقول النبي صلى الله عليه وسلم : “اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً”. متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
أفضل وقت لصلاة الإستخارة
بما ان الإستخارة من جنس الدعاء ،فأن أفضل الأوقات التي يمكن أن تصلي فيها الإستخارة ،هو أفضل وقت يمكن ان يدعو فيه المسلم ربه ، لما فيه من بركة وسرعة استجابة ،وهو الثلث الأخير من الليل وقبل صلاة الفجر. لما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ”.رواه البخاري (1145)، ومسلم (758).
طريقة وكيفية الصلاة فيها
- أولاً احضار النية ،بالقلب أو اللسان .
- الوضوء للصلاة.
- تصلي ركعتين غير الفريضة ،في غير الأوقات المنهي الصلاة فيها،مستوفياً شروط واركان الصلاة ،كإستقبال القبلة وغير ذلك.
- يستحب أن أن تقرأ بالركعة الأولى بعد الفاتحة سورة (الكافرون)، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة (الإخلاص).
- رفع اليدين بعد انتهاء الصلاة ،مستحضراً للدعاء .فإن الله يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا، صحيح ابن ماجه.
- تبدأ الدعاء بالحمد والثناء على الله عز وجل ،والصلاة على النبي .لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ، ثم ليصلِّ على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ثم ليدع بعد بما شاء”.سنن الترمذي (3477).
- تدعو بدعاء الاستخارة ،مع تسمية حاجتك في الدعاء.وإذا كان لا يعرف هذا الدعاء يدعو بما تيسر، يقول: اللهم قدر لي الخير، اللهم يسر لي الخير، اللهم اشرح صدري لهذا السفر إن كان خيرًا، اللهم اشرح صدري لهذا الزواج إن كان خيرًا.
- يمكنك تكرار صلاة الإستخارة على نفس الحاجة.
ما يستحب في الإستخارة
- يستحب استشارة أهل الرأي والصلاح والأمانة قبل صلاة الإستخارة.
- الاخذ بالأسباب.
- الرضا بقضاء الله.
- الاستخارة في الأمور المباحة فقط.
- عدم الاستعجال على نتيجة الإستخارة.
- أن تستخير في أي شيء حتى لو تمكن هذا الأمر منك وصار عندك الميل والرغبة في الأمر.
أهميتها وحكمة مشروعيتها
التسليم لأمر الله ،حيث يتعرض الانسان في حياته لكثير من الأمور الغيبية النتائج، ويقدم على أمور مجهولة العواقب، لا يدري خيرها من شرها، أيقدم على هذا العمل أم لا، فشرع الله صلاة الاستخارة علاجًا للتردد، وحلًا للمشكلة لكي ينقلب التردد ثباتًا والشك يقينًا، فيصبح مطمئن النفس هادئ البال راضيًا بما قدر الله له، ولو كان شرًا في الظاهر لأنه قد استسلم لربه وتوكل عليه. هي عبادة مهمة حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليمها لأصحابه إذا همّ أحدهم بالأمر إذا قصده أو عزم عليه لا يدري هل فيه خير له أم لا في الحقيقة، لكنه في الظاهر يراه من مصلحته.
كما اتفقت المذاهب الأربعة على أن الاستخارة تكون في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها ،كعندما يهم الإنسان بشيء عنده فيه تردد، فيهم بأن يتزوج.. يهم بالسفر.. يهم بالتجارة في أشياء معينة ويتردد. أما ما هو معروف خيره أو شره كالعبادات وصنائع المعروف والمعاصي والمنكرات فلا حاجة إلى الاستخارة فيها.
نتيجة صلاة الإستخارة
يعتقد العامة بأن لصلاة الاستخارة رؤيا بعدها، تكون بشارة لتحقق الأمر أو نحوه وهذا خطأ شائع فلا يلزم بدايةً أن تكون هناك رؤيا أو حلم أو غيره .فيجب عليك أن تتوكل على الله في أداء الأمر قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ﴾ فإن هيأ الله لك الأمر وسددك فيه وسهله لك فهو كذلك ،وإن أبعدك عنه فهذا قدر الله تعالى وإرادته.
No Comment! Be the first one.