الهكسوس هم قبائل بدوية عاشت في شرق مصر وحكمتها. لقبهم مصري وتعني “حكم البلاد الأجنبية”. جاءوا إلى مصر عبر فلسطين واستقروا في وادي النيل. قدموا معهم عاداتهم وثقافاتهم. أثناء حكمهم، دمروا المدن والمعابد وأساءوا إلى السكان المصريين. عينوا ملكًا عليهم يدعى “ساليتيس” وفرضوا الضرائب على شمال وجنوب مصر. أقاموا حصنًا في شرق الدلتا وكان لديهم مملكة واسعة. استخدموا الخيول والعربات الحربية بعد فترة من حكمهم في مصر.
ماذا تعرف عن الهكسوس؟
الهكسوس ليست كلمة سامية أو آرية، بل هي كلمة مصرية تحريف للقب “حقافا سوت”، وهو لقب استخدمه المصريون لزعماء القبائل البدوية التي عاشت في شرق مصر. وصل الهكسوس عبر طريق فلسطين، وربما استقروا هناك قبل أن يهاجروا إلى وادي النيل، حاملين معهم عاداتهم وثقافاتهم. ووفقًا للكاهن المصري مانيتون، جاءوا من جهة الشرق بقوة وتمكنوا من غزو مصر وحكمها بسهولة، حيث قاموا بحرق المدن وهدم المعابد وأساءوا إلى السكان المحليين. عينوا ملكًا يُدعى “ساليتيس” لحكمهم وفرضوا الضرائب على شمال وجنوب مصر، وكانوا يتركون حاميات في المواقع الأكثر مناسبة. يذكر مانيتون أيضًا أن ساليتيس بنى حصنًا في شرق الدلتا يحتوي على حامية مجهزة بـ 240,000 رجل مسلح، وكان يزور الحصن ويفحص رجاله خلال أشهر الصيف. الهكسوس ليسوا من شعب واحد، بل من شعوب متعددة، وقد جاءوا إلى مصر مع الخيول والعربات الحربية، وكان لديهم مملكة واسعة تمتد عبر آسيا، كما يشير إلى ذلك تشابه الحصون العسكرية ووجود أنواع خاصة من الفخار. ولكن استخدام الهكسوس للخيول والعربات لم يحدث إلا بعد مرور نصف قرن على حكمهم في مصر، أو ربما قبل طردهم من مصر على يد أحمس، كما ستتضح الأمور لاحقًا.
كم سنة حكم الهكسوس مصر؟
يذكر المؤرخون والعلماء الأثريون أن جماعة الهكسوس حكمت مصر لمدة تقريبية تصل إلى 1300 عام، أي منذ عام 1730 قبل الميلاد، الذي يعتبر بداية سيطرة الهكسوس على مصر، حتى عام 1570 قبل الميلاد، وهو توقيت بداية حكم الملك أحمس وبداية عصر الدولة الحديثة والأسرة الثامنة عشرة في تاريخ مصر. خلال فترة حكم الهكسوس الطويلة لم تشهد مصر تطورًا ملحوظًا في الفن المصري أو الحياة المصرية بشكل عام. ولم يحدث أي تغيير جذري، بل كل شيء سار في طبيعته المعتادة. وإذا كانت هناك بعض العناصر الجديدة في الفن المصري أو الفخار، فإن ذلك يعود إلى تواصل مصر مع غرب آسيا عندما كانت الهكسوس متمركزة في شرق الدلتا وكان سكانها الأقربون يعيشون في فلسطين وسوريا.
ازاحة حكم الهكسوس من مصر
في عهد الملك سقنن رع الثاني، تقريبًا حوالي عام 1580 قبل الميلاد، بلغت طيبة قوةً ومكانةً سياسيةً تجعل صدامها مع الهكسوس أمرًا لا مفر منه. وبسبب ذلك، قام ملك الهكسوس “أبوبي” بتلفيق أعذار لبدء الصراع. وحقق سقنن رع بعض النجاحات في هذا الصراع، ولكنه سقط في المعركة وتوفي في عام 1575 قبل الميلاد، ولوحظ وجود جروح وإصابات قاتلة في جمجمته.
وخلفه في عرش طيبة ابنه الأكبر كاموس (1560-1570 قبل الميلاد)، وهو آخر ملوك الأسرة السابعة عشرة. استمر حكمه لمدة خمس سنوات فقط، حيث استكمل الحرب التي بدأها وشن هجومًا مفاجئًا على معاقل الهكسوس المتاخمة لحدوده بواسطة قوات جيش وأسطول نيلي كبير. تقدم شمالًا حتى وصل إلى عاصمة الهكسوس نفسها. تشير النصوص القديمة التي تعود إلى فترة حكمه إلى أنه استولى على ثلاثمائة قارب مصنوع من خشب الأرز ومحملة بالأسلحة والذهب والفضة والمؤن. وتشير أيضًا إلى قسوته مع المصريين الذين هاجموا العدو. في تلك الفترة، ألقى رجاله القبض على رسول أرسله ملك الهكسوس إلى أمير النوبة في كوش السودان لتحريضه على مهاجمة أراضي طيبة من الجنوب. لم يتردد كاموس في إرسال قوة لاحتلال واحة البحرية لإحباط خطط أعدائه، ثم عاد إلى طيبة بعد انقضاء فصل الحملات بعدما أخمد تمردًا قام به أحد أتباعه. تذكر النصوص اسمي كاموس وأخيه أحمس – الذي تولى الحكم بعده – عند الشلال الثاني في النوبة، مما يشير إلى إمكانية توغل كاموس في أراضي النوبة حتى ذلك الموقع.
بعد مقتل الملك سقنن رع في حروبه ضد الهكسوس، تمتلك دولة مصر العليا المصرية مواقعها شمالًا بواسطة الهكسوس وجنوبًا بواسطة ملوك النوبيين. بعد وفاة الملك كاموس، تولى الحكم أحمس الأول الذي كان لا يبلغ من العمر سوى 10 أعوام. تولت والدته تدريبه على القتال مع المحاربين القدماء. وعندما بلغ عمر 19 عامًا، قام بالرد على رسالة مبعوثة من ملك الهكسوس إلى ملوك النوبة، والتي كانت تحثهم على غزو طيبة. وبسبب ذلك، هاجم أحمس الهكسوس وهزمهم في عدة معارك، وشن هجمات خارجية عليهم في أراضيهم الأصلية. لم تقتصر جهود أحمس الحربية على محاربة الهكسوس، بل توجه أيضًا جنوبًا في مصر حيث قاد ثلاث حملات كبيرة متتالية استهدفت بلاد النوبة لتأديب أميرها الذي تعاون مع الهكسوس. وبذلك، أصبحت الحضارة المصرية القديمة تحت حكم ملوك طيبة المصريين.
مصر بعد انتهاء حكم الهكسوس
بعد انتهاء حكم الهكسوس، بدأ عصر النهضة الثانية في مصر، وهو مرحلة الشروع في الإمبراطورية المصرية وتوسعها إلى أقصى حدودها خلال عهد الملك التحتمس الثالث، المعروف بالملك العظيم. خلال هذه الفترة، تحولت استراتيجية مصر من الدفاع الداخلي داخل حدودها إلى الدفاع الخارجي، وامتدت الدولة المصرية من العراق إلى ليبيا، ومن تركيا إلى الجندل الرابع في السودان حاليًا.
No Comment! Be the first one.