الأسماك هي مجموعة متنوعة من الكائنات الحية التي تعيش في الماء وتتنفس بواسطة الخياشيم. تشمل الأسماك أكثر من 33 ألف نوع، وتختلف في الشكل والحجم واللون والسلوك. تعد الأسماك مصدراً هاماً للغذاء والدخل لملايين الناس حول العالم، كما أنها تلعب دوراً بيئياً وثقافياً في العديد من المجتمعات. تواجه الأسماك العديد من التحديات والتهديدات، مثل التلوث والصيد الجائر والتغير المناخي، والتي تؤثر على استدامتها وتنوعها. لذلك، يجب علينا حماية الأسماك والحفاظ على مواردها لصالحنا ولصالح الأجيال القادمة.
تواجد الاسماك
توجد الأسماك في كل مكان يوجد فيه الماء، سواء في المحيطات والبحار، برك الماء العذب، البحيرات، الأنهار، وحتى المستنقعات. إن تنوع بيئاتها يجعلها تعيش في المياه الاستوائية وحتى تحت الجليد. تتراوح أحجامها بين أقزام لا يتجاوز طولها 2 سم إلى جبابرة مثل حوت القرش الذي يبلغ طوله 14 مترًا. يوجد أكثر من 25,000 نوع مختلف من الأسماك، وتقسم إلى نوعين رئيسيين: الأسماك العظمية والأسماك الغضروفية.الأسماك العظمية هي الأكثر انتشارًا وتوجد في جميع أشكال المياه. فمثلاً، سمك الرنكة يعيش في البحر، والسلمون المرقط في النهر، وأبو شوكة في البرك. أما الأسماك الغضروفية فلها هيكل أكثر مرونة وطراوة، وتشمل أنواعًا مثل كلاب البحر والشفنين والسمك المفلطح، وتتواجد فقط في البحار.
الأسماك تمثل عالمًا متنوعًا ومثيرًا، حيث تحتضن مختلف الأشكال والمؤهلات التي تساعدها على البقاء على قيد الحياة في أصعب الظروف المائية. بفضل التطورات العلمية، يمكننا الآن استكشاف أعماق المحيطات واكتشاف جوانب جديدة من حياة هذه المخلوقات المذهلة في عالم قعر المحيط.
تطور الأسماك
يعود أصل الأسماك إلى فترات مبكرة جدًا من التاريخ، ومن أقدمها سمكة الكويلاكانت التي ما زالت تعيش منذ العصر الديفوني منذ حوالي 300 مليون سنة. ومن أنواع أخرى للأسماك هو سمك الرئة الذي يستطيع التنفس حتى إذا جفت مياه البحيرة، فيمكنه البقاء حيًا في الوحل حتى تعود الأمطار.بسبب تعدد بيئاتها المختلفة، تتنوع أشكال الأسماك وطعمها. فسمك السلمون الذي يعيش في مياه جارية يتمتع بجسم إنسيابي، بينما يكون لسمك الشبوط والسمك الذهبي جسمان عريضان ويتحركان بسرعة أقل. وتتنوع أيضًا طرق الحماية، فبعض الأسماك تمتلك صفائح وأشواك للدفاع عن نفسها، وأخرى تستخدم الإنكليس الطويل للتخفي في الأماكن الضيقة. هناك أيضًا الأسماك المفلطحة التي تستريح مستلقية على جنبها.
بين الأسماك الغضروفية تتباين الأشكال والقدرات. فسمك القرش يتمتع بجسم إنسيابي يجعله يسبح بحرية ويمكنه الحركة السريعة في الصيد، أما الشفنين والسمك المفلطح فلهما أجسام عريضة وجوانح هي في الواقع زعانف صدرية. هناك أيضًا الأسماك المضيئة التي تعيش في أعماق المحيط المظلم وتملك أعضاء مضيئة تساعدها على الإلتقاء والتزاوج.
طرق تغذية الأسماك
الأسماك هي كائنات متنوعة في طرق تغذيتها والبحث عن طعامها. فمنها ما يصطاد فريسته بمهارة وسرعة، ومنها ما يرعى النباتات البحرية بسلام، ومنها ما يحفر في الأوحال لإيجاد غذائه. ولكل نوع من الأسماك تكيفات خاصة تساعده على الحصول على طعامه. فمثلا، سمك أبو الشص لديه طعم يشبه الدودة فوق رأسه يستخدمه لجذب الأسماك الأخرى إلى فمه الكبير. وسمك الرامي يستطيع إطلاق قطرات من الماء على الحشرات التي تستقر على النباتات فوق الماء لإسقاطها وأكلها. وبعض الأسماك تتغذى بطريقة المصفاة، حيث تبتلع كميات كبيرة من الماء التي تحتوي على حيوانات صغيرة جدا، ثم تطرد الماء من خلال الخياشيم وتحتفظ بالحيوانات.
التركيب الجسماني للأسماك
الأسماك تتميز ببعض الصفات التي تجعلها قادرة على العيش في الماء. فللأسماك جسم مغطى بالحراشف التي تحميه من التلف، وخياشيم تساعده على التنفس، وزعانف تساعده على التحرك والتوازن. وتختلف أشكال وأحجام وأعداد الزعانف باختلاف أنواع الأسماك. فبعض الأسماك لديه زعانف صدرية وحوضية زوجية، وزعنفة ظهرية وزعنفة خلفية فردية. وبعضها لديه زعانف ظهرية مزدوجة، أو زعانف خلفية إضافية. وأضخم أنواع الأسماك هو سمك الفرخ، الذي يصل طوله إلى 18 مترًا.
الحراشف
هي قشور صغيرة تغطي جسم السمكة. نوعية وشكل هذه الحراشف تختلف من سمكة إلى أخرى. فالقرش والشفنين لديهم حراشف صلبة تشبه الأسنان، وجلدهم خشن وقوي. أما معظم الأسماك الأخرى، فلديهم حراشف متناسقة ومتراصة. فالشبوط لديه حراشف عظمية دائرية، والفرخ لديه حراشف مدببة. السلور ليس لديه حراشف، والحفش لديه حراشف قليلة وكبيرة.السمكة تستخدم منخرين للشم، وليس للتنفس (إلا سمكة الرئة). هذان المنخران متصلان بالدماغ بعصب خاص. هذه الحاسة تساعد السمكة على إيجاد طعامها. سمكة القرش تتميز بحاسة شم قوية جدا، فتستطيع أن تشم رائحة الدم على بعد كبير.
الزعانف
تعتبر زعانف الأسماك جزءًا مهمًا من هيكلها، حيث تؤدي دورًا متعدد الوظائف في حركتها وتوازنها. غالبًا ما تكون زعنفة الذنب هي الدافع الرئيسي لتحرك السمك إلى الأمام. أما زعنفة الظهر والخلفية فتساعد على الحفاظ على توازن السمكة، وتستخدم الزعانف الصدرية والحوضية لتوجيه حركتها.
الأشكال المميزة للأسماك
تمتلك بعض الأسماك أشكالًا غريبة وفريدة تمكّنها من التمويه والتكيف مع بيئتها المحيطة. فمنها السمك المفلطح الذي يسبح جانبيًا مستخدمًا زعانفه بشكل تموجي، كما أن لديه أشكال مستقيمة تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك السمك الطائر القدرة على الانزلاق فوق سطح الماء بفضل حركته السريعة بذنبه، ويمكنه التحليق فوق الماء لمسافات بعيدة.كما تستخدم الأسماك التمويه كطريقة للحماية، وتعتمد على الألوان للاندماج مع محيطها. فظهر الأسماك القاتم يجعلها أقل وضوحًا من فوق لأنه يشبه قاع البحر أو النهر، بينما يجعل البطن الباهت تظهر بشكل متناسق مع لون السماء من تحت. تمتلك بعض الأسماك أشكالًا ملونة أو مخططة تساعدها على الاندماج مع البيئة المحيطة، وتعتبر هذه الأشكال طريقة فعالة للتمويه والحماية.
كيف يأكل السمك؟
الأسماك لديها أسنان مختلفة في شكلها وحدتها باختلاف نظام غذائها. فالأسماك التي تصطاد فرائس حية لديها أسنان حادة تستخدمها لإمساك وتقطيع فرائسها. والأسماك التي تتغذى على نباتات أو محار لديها أسنان عريضة تستخدمها لطحن غذائها. وغالبية الأسماك لديها أسنان على فكيها العلوي والسفلي، وبعضها لديه أسنان على عظام أخرى في حلقها. وتبتلع الأسماك طعامها بدون مضغ، ثم يمر عبر المعدة والأمعاء حيث يتم هضمه وامتصاصه. وينقل الدم المواد الغذائية إلى جميع أجزاء الجسم.
الحاسة الخاصة للسمك
السمكة تمتلك هيكل عظمي يتألف من فقرات وقفص صدري وجمجمة. في داخل جمجمتها يوجد دماغ متصل بحبل عصبي يمتد في ظهرها. من هذا الحبل تنشأ أعصاب تنتهي بنقاط حسية على جدار جسمها. هذه النقاط تشكل خطا جانبيا على كل جانب من جوانب السمكة. هذا الخط يساعد السمكة على سماع الأصوات في الماء بالتقاط الذبذبات. لذلك تستطيع السمكة الذهبية أن تتجنب الاصطدام بالوعاء الزجاجي الذي تعيش فيه، لأنها تشعر بالضغط المتغير على خطها الجانبي. هكذا تفعل السمكة في موطنها الطبيعي أيضا.
النظر
قدرة الأسماك على الرؤية تختلف بين أنواعها ونمط غذائها. الأسماك التي تقتات بالأعشاب والنباتات عادةً ما تكون خفيفة النظر وتعتمد على حواس أخرى مثل الشم والذوق. أما الأسماك الصيادة فتتمتع بنظر حاد يساعدها على تحديد والقبض على فرائسها. هناك أيضًا أسماك مميزة تتواجد في بيئات مظلمة، مثل سمك الكهوف الأعمى الذي فقد نظره تمامًا واعتمد على حواسه الأخرى للبقاء في البيئة الظلامية.
كيف تعوم وتتنفس الأسماك؟
السمكة العظمية تحتوي على كيس هوائي أو مثانة سباحة، وهو عضو يشبه الرئة. في هذا الكيس يوجد غاز يتغير ضغطه حسب ضغط الماء المحيط. بفضل هذا الكيس، تصبح السمكة خفيفة في الماء وتستطيع أن تبقى معلقة على أي عمق تريده. كما تستطيع أن ترتاح وتتوقف عن الحركة إذا شاءت. أما سمكة القرش والشفنين، فلا مثانة سباحة لديهم، فإذا توقفوا عن التحرك يغرقون. لكن شكل أجسامهم يسهل عليهم الانزلاق في الماء، فالزعانف الصدرية تعمل كأجنحة طائرة، والزعنفة الذيلية تدفعهم إلى أعلى.
السمكة تستخدم خياشيم للتنفس في الماء. فالخيشوم هو قنطرة من الجلد الملئ بالأوعية الدموية. عند مرور الماء فوق الخيشوم، تستولى هذه الأوعية على الأكسجين المذاب في الماء، وتطرد ثاني أكسيد الكربون إلى خارج. لحماية خياشيمها، لديها غطاء درعي يغلق عليها.تستطيع الاسماك أن تسبح بحركة عضلاتها على طول جسدها، التي تتموج من جهة إلى أخرى. كذلك تستطيع أن تستخدم ذيلها المستقيم للدفع من جانب إلى آخر في الماء. شكل جسدها يجعلها تنزلق في الماء بسلاسة، لأنه يضيق نحو الذيل. هذه طريقة سباحة الحيتان والدلافين أيضا، مع اختلاف أن ذيلهم مستو على الأفق، وأجسامهم تتحرك صعودا وهبوطا.
توالد الاسماك ودورة حياتها
التخصيب الخارجي والداخلي
معظم الأسماك تتوالد بطريقة التخصيب الخارجي، حيث تضع الأنثى بيوضها في الماء ثم يأتي الذكر ويرشها بالحيوانات المنوية لإخصابها. هناك استثناءات قليلة من الأسماك التي تتوالد بطريقة التخصيب الداخلي، مثل أسماك القرش وبعض أنواع الشبوط، حيث يحدث الإخصاب داخل جسم الأنثى. أسماك القرش تضع بيوضها في أكياس تشبه حقائب جلدية تسمى “محافظ حورية الماء”، والتي قد نجدها على الشواطئ إذا جرفتها الموجات. ينمو القرش الصغير داخل هذه الأكياس حتى يستهلك كامل صفار البيضة، ثم يخرج منها ويسبح بحرية. كما هناك بعض أنواع الأسماك التي لديها زعانف خلفية متحولة لتسهيل عملية التزاوج، مثل بعض الأسماك النهرية في أمريكا. وهناك أنواع أخرى من الأسماك التي لا تضع بيوضًا بل تلد صغارًا حية، مثل سمك المنوة الأوروبي وسمك منقار البط.
مواسم التزاوج
تختلف فترات تكاثر الأسماك بين المناطق المختلفة. تتناسل الأسماك الإستوائية على مدار السنة، بينما تحدث عملية التناسل في البلدان الشمالية عادةً في أوائل الصيف. وخلال هذا الوقت، تضع العديد من أنواع الأسماك مثل الشبوط والفرخ والروش والفرخ الرامح بيوضها.
رحلة سمك السلمون
أحد أبرز أنواع الأسماك التي تتزامن مع صائدي الأسماك هو سمك السلمون، والذي يتزامن في نهائية فصول السنة. سمك السلمون يقضى جزء من حياته في المحیطات ثم یعود إلى موطن ولادته في الأنهار لیتزاوج ویضع بیوضه. سمك السلمون یواجه العدید من التحدیات والمخاطر في رحلته الطویلة، حیث یسبح عكس تیار الماء ویقفز فوق الشلالات والسدود. سمك السلمون الذي ینجح في الوصول إلى مباه الضحلة قرب منابع النهر، یبدأ عملیة التزاوج. تحفر الأنثى فجوة في الحصى وتضع بیوضها فيها ثم یخصبها الذكر. ثم تغطي الأنثى البیوض بالحصى لحمایتها من الأعداء والتغیرات المناخیة. تظل البیوض مختبئة طوال فصل الشتاء حتى تفقس وتخرج منها صغار السلمون. هذه الصغار تحمل في بطونها صفار البیضة، والذي ینفخ معدتها وینشط نموها. عندما تستنفذ هذه المادة، تصبح جاهزة للخروج من مخابئها والانضمام إلى التیار المائي. تقضي صغار السلمون حوالي سنتین في الماء العذب قبل أن تتحول إلى لون فضي، وهذا هو إشارة لبدایة رحلتها إلى المحیط، حیث تجد غذاء أكثر وفرة وتكبر في حجم وقوة. بعد عدة سنین، یعود سمك السلمون إلى نفس النهر الذي خرج منه لیکرر دورة حیاته. لکن معظم هذه الأسماك تموت بعد التزاوج بسبب التعب أو التھابات أو جروح.
العلماء استفادوا کثیرًا من دراسة حیات سمك السلمون، خصوصًا بعد أن وضعوا له علامات معدنیة أو رادیویة لتتبع حرکاته. کما استخدموا شکل زعانفه الظھریة للتعرف على نوعه وأصله. لکن ما زال هناک سر یدھش علماء على کیفیة عودة سمك السلمون إلى نفس المکان الذي خرج منه دون أن ینسى أو ینخطئ في طریقه.
العناية الأبوية في عالم الاسماك
- سمك “أبو شوكة” والبناء المتقن: بعض الأسماك تبدي رعاية فائقة لبيوضها، ومنها سمك “أبو شوكة” المعروف. يختار هذا النوع من الأسماك زاوية معينة في بركة الماء ويقوم ببناء بيت صغير من قطع النبات ويربطها ببعضها باستخدام مادة يفرزها من كلاويه. يضع أيضًا حجارة لتثبيت هذا البيت في المكان، ثم يبحث عن أنثى ليقوم بعرض خاص أمامها ويدعوها إلى المكان المحدد. هناك تضع الأنثى بيوضها داخل البيت، ثم يطردها الذكر ويتولى حماية المكان من أعداءه ومنافسيه الذكور، وتنذرهم ألوان رقبته الحمراء الزاهية بأن يبتعدوا عن المكان.
- سمك “سيام المقاتل” والعش الفقاقيع: في عالم الأسماك الاستوائية، نجد سمك “سيام المقاتل” الذي يبني عشًا من الفقاقيع على سطح الماء. تُعدّ الفقاقيع من مزيج الهواء ومادة لزجة ينفخها من فمه بشكل فقاقيع. يقوم الذكر بجمع بيوض الأنثى ووضعها داخل العش، ثم يتولى حمايتها. وفي حال تقابل ذكران من هذا النوع، فقد يقاتلان حتى الموت للفوز بحق تلقي البيوض.
- سمك “الفموية” وحماية الصغار: بعض الأسماك، مثل أسماك التيلابيا والأسماك المشطية، تعرف بالسمك “الفموية”. يحمل الذكر بيوضها في فمه حتى تفقس. وعندما يشعر الصغار بالخطر، يعودون إلى فم الأم للاختباء والحماية. هذا السلوك الرائع شائع في أنواع كثيرة تربى في المنازل والأحواض السمكية.
- سمك “حصان البحر” وحماية البيض: وفيما يخص سمك “حصان البحر” العجيب الشكل، فإن الذكر يحتفظ بالبيوض داخل كيس خاص حتى يحين موعد تفقيسها وتظهر الصغار.
No Comment! Be the first one.