اول عمرة للرسول كانت في اواخر السنة السابعة من الهجرة ،وسميت بعمرة القضاء ،وكانت لنتيجة الاتفاق بين المسلمين وقريش في صلح الحديبة ،بعد منعهم من اداء العمرة في السنة السادسة من الهجرة ،والتي قرر النبي الخروج لها مع اصحابه بعد رؤية رأها الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه انه يعتمر هو واصحابه .
منام الرسول
رأى النبي صلى الله عليه وسلم في عام 6 هـ رؤيا في منامه وهو في المدينة،بأنه قد دخل مكة مع أصحابه المسلمين محرمًا مؤديًا للعمرة، وقد ساق الهدي معظمًا للبيت مقدسًا له معتمراً مع اصحابه.ورؤية النبي صدق فعلم ان عليه جمع اصحابه والذهاب لأداء العمرة في مكة ، فبشر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ففرحوا بها فرحًا عظيمًا.حيث اشتاق المسلمون لزيارة البيت الحرام بعد ٦ سنوات من هجرتهم عن مكة اضطرارًا.ذكرت هذه الرؤيا في القرأن الكريم في سورة الفتح في قوله تعالى :”لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ“.
ترتيبات الرسول لأداء العمرة
خرج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـومعه زوجه أم سلمة في ألف وأربعمائة مسلم، متجهين إلى مكة لقضاء أول عمرة لهم بعد الهجرة،واستخلف على المدينة عبدالله بن أم مكتوم.وقصد النبي ألا يدخلوها حربًا ،فكان هدفه هو زيارة بيت الله الحرام لأداء العمرة، فتجرد هو وأصحابه من المخيط، ولبسوا ثياب الإحرام، وأحرم بالعمرة من ذي الحليفة بعد أن قلد الهدي وأشعره.وأخذوا معهم 70 جمل للتضحية ليظهروا حسن نيتهم ويُعْلِموا أهل مكة أنهم جاءوا حاجين إلى البيت وزائرين له، ولم يأتوا لحرب أو قتال، بل لأداء العمرة.
كانت قوانين مكة واعراف قريش في ذالك الوقت،تقضي بأن الذي يذهب إلى أداء العمرة في مكة المكرمة آمـن مهما كان بينه وبين قريش خلافات.وبالرغم من ذالك اخذ الرسول صلى الله عليه جانب كبير من الحيطة والحذر، فقد أرسل بُسر بن سفيان إلى مكة ليأتيه بأخبار قريش وردود أفعالهم. وحين وصل المسلمون إلى عسفان(مكان بين مكة والمدينة)، جاءهم بسر بأخبار استعدادات قريش لصد ومنع المسلمين من دخول مكة.
النزول بالحديبية
صلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأصحابه في عسفان صلاة الخوف،وهي بلدة تقع شمال غرب مكة المكرمة بمسافة 80 كم. ثم سلك بهم طريقا وعرة، متجنبا الاصطدام بخالد بن الوليدالذي كان لا زال على الشرك.حيث خرج خالد بن الوليد من مكة بجنود ليمنع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من دخولها.
مضى النبي ومعه أصحابه باتجاه مكة حتى إذا اقتربوا من الحديبية بركت ناقته، فقالوا: خلأت القصواء أي عن المشي، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :”ما خلأت القصواء وما ذلك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل”،فقرر النبي البقاء في الحديبية حتى يتفاوض مع قريش بشأن دخولهم دون سفك للدماء،فأرسل عثمان ـ رضي الله عنه ـ إلى قريش وقال له: أخبرهم أنا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عماراً.
رجوع النبي وعدم اداء العمرة
بعد ان انطلق عثمان رضي الله عنه الى قريش ليخبرهم مقصد الرسول صلى الله عليه وسلم ،احتبسوه بعض الوقت ،فتأخر عن الرجوع مما زاد قلق الرسول والمسلمين عليه في الحديبية.
شاع بين المسلمين ان عثمان قد قتل ،مما شد غضبهم ،فدعاهم الرسول إلى البيعة، فتبادروا إليه، وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفروا،أي ان يقاتلو حتى الموت. وهذه هي بيعة الرضوان التي نزل فيها قول الله تعالى في سورة الفتح:”لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً “.
بعدما علمت قريش بهذا الأمر اشتد رعبها وأسرعو فى ارسال عثمان رضي الله عنه ،وارسلو سهيل بن عمرو لعقد الصلح بين المشركين والمسلمين .سمي هذا الصلح صلح الحدبية واتفقا فيه على عدة شروط منها أن يعود المسلمون هذا العام دون دخول مكة ولكن في العام المقبل ، يمكن لمحمد وأتباعه دخول مكة.وافق النبي على تلك الشروط وقرر الرجوع هذا العام دون اداء العمرة على ان يأتو في العام المقبل طبقاً لشروط الصلح.
اول عمرة للرسول “عمرة القضاء”
عمرة القضاء هي اول عمرة للرسول واصحابه المتفق عليها في صلح الحديبية بين رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وقريش، وهي العمرة التي تمَّت في أواخر العام السابع من الهجرة وعُرِفَتْ بعمرة القضاء.لكن هذه المرة خرج الرسول مع ألفين من اصحابه ،واخذو معم اسلحة الحرب تحسباً لأي خيانة من قريش كعادتهم،لكن تفاوض معه وفد من قريش “مِكْرَز بن حفص” بشأن ترك الأسلحة والدخول بدونها فوافق النبي على ذالك وتركو اسلحتهم خارج مكة .كان من الممكن ان يستغل الرسول ضعف قريش وقتها لغزوها .لكن هذا ليس من عادات المسلمين ،حيث وصلت قريش إلى حالة من الضعف لا تستطيع فيها أن تُواجه قوَّة المسلمين في ذالك الوقت.
دخل المسلمون مكة لأداء العمرة وطبقاً لشروط الصلح اخلت قريش مكة لمدة ثلاثة ايام لأداء مناسك العمرة،وتمَّت العمرة المباركة، وارتاحت قلوب المسلمين برؤية الكعبة والطواف حولها.ووقف المشركون على رءوس الجبال المحيطة يُشاهدون مناسك العمرة طِبْقًا للشرع الإسلامي.
No Comment! Be the first one.