مقدمة بحث عن زوجات النبي
في عهد نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام نجد خير الناس وأحسنهم على مر الزمان، من رجال ونساء، فبذلوا أنفسهم وأجسادهم شبراً شبراً دفاعاً عما جاء به نبينا ﷺ.لكن من بين هؤلاء نجد نسمات عطرات ما زال طيبهنّ واصلاً إلينا حتى اليوم، وهن زوجات رسول الله ، وقد وجب علينا العمل على بحث عن زوجات النبي ﷺ وعن الحكمة من تزوجه لكل واحدة منهن، فالنبي الكريم لم يكن يتزوج شهوة وحباً للنساء فقط!
زوجات النبي
تزوج رسول الله ﷺ 11 زوجة خلال حياته، 6 من زوجاته من قريش، والأخريات من قبائل متفرقة. واثنتان من زوجاته توفيتا قبل وفاة الرسول ﷺ.وفي القائمة التالية تجد ترتيب زوجات الرسول بحسب تاريخ الزواج من كل واحدة:
1- خديجة بنت خويلد
السيدة خديجة هي أول زوجات الرسول محمد ﷺ، والتي تزوجها قبل بعثته، وكان حينها يبلغ 25 عاماً، وخديجة تكبره 15 عاماً. وقد رزقه الله منها ستة من الأولاد؛ القاسم وعبد الله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء.
كان لخديجة تجارة واسعة، وكانت تستأجر من الرجال من يقوم بأمر مالها ويتاجر به. وفي إحدى المرات سمعت عن أمانة محمد ﷺ، فاختارته ليكون قائماً على تجارتها وأرسلته إلى الشام مع صبي لها يدعى ميسرة.
ولما رجعا من الشام أخبر ميسرةُ خديجةً عن أخلاق الرسول الكريم وما وجده من أمانة وصدق، وكيف كان الغمام يلاحقه ليحميه من أشعة الشمس الحارقة.
فأُعجبت السيدة خديجة بالنبي ﷺ ولم تكن حينها متزوجة، فأرسلت من يخبر النبي ﷺ عن رغبتها، فوافق رسول الله وتزوجها من عمها، فأبوها كان قد قتل في إحدى المعارك.
كانت السيدة خديجة رضي الله عنها أول من أسلم من النساء واتبع رسالة محمد ﷺ. وكانت نعم الزوجة والسند والقرين، فأعانت رسول الله على الدعوة، وأغنته بمالها. وعندما نزل الوحي على محمد ﷺ امتلأ قلبه بالرعب، فقالت له خديجة قولاً يدل على رجحان عقلها وثبات: “كلا والله لا يخزيك الله أبداً ، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.
2- سودة بنت زمعة
أما ثاني النساء اللاتي نجدهن عند البحث عن زوجات النبي ﷺ هي سودة بنت زمعة ذات النسب الكريم، والتي تزوجها النبي بعد وفاة خديجة رضي الله عنها بحوالي شهر، وكان عمرها حينئذ 66 عاماً تقريباً.
كانت سودة رضي الله عنها في بداية الأمر متزوجة من السكران بن عمرو رضي الله عنه، وكانا مع من هاجروا إلى الحبشة فراراً بدينهم.
وبعد فترة يسيرة أمضوها في الحبشة، قرر بعض المسلمين العودة إلى مكة بعد أن وصلتهم إشاعة مفادها أن قريش تركت المسلمين يعبدون ما يشاؤون. فتوجهت هي وزوجها إلى مكة، لكن في هذه الفترة مرض زوجها وتوفي على أثر مرضه.
بعد انقضاء عدة سودة رضي الله عنها جاءها الرسول خاطباً، وصارت أماً للمؤمنين، وحرصت على رضا رسول الله ﷺ، حتى أنها أعطته حقها في ليلتها ليكون مع عائشة، ففي الصحيح: “أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها ل عائشة زوج النبي ﷺ، تبتغي بذلك رضا رسول الله ﷺ”.
3- عائشة بنت أبي بكر
عائشة، وما أدراك ما عائشة، ثالث زوجات النبي محمد ﷺ وبنت صاحبه أبو بكر الصديق. والتي نجد عند البحث عن زوجات النبي ﷺ أنها أقرب الناس إلى قلبه، فقد نقل لنا عمرو بن العاص رضي الله عنه سؤاله للنبي ﷺ عن أحب الناس إليه، فقال رسول الله ﷺ: “عائشة”.
تزوجها رسول الله ﷺ وهي بنت سبع سنوات، وقيل ست سنوات، ولم يدخل بها حتى السنة الأولى للهجرة عندما بلغت وصارت بعمر التاسعة.
وهنا قد يقفز البعض ليستنكر الزواج في هذا العمر، وببساطة نقول أنه لو كان الزواج في هذا العمر مستنكراً لكان أعداء الرسول من اليهود والمشركين أول من يستنكر هذا، لكن لم يردنا أية اعتراض منهم، وهذا يدل على أنه كان أمراً عادياً في ذلك الوقت.
كانت عائشة رضي الله عنها فقيهة في الدين وعارفة فيه، وكان يقصدها الفقهاء عندما يستصعبون حكماً ما. وهي من أبرز من روات الأحاديث، حتى وصلت الأحاديث التي روتها إلى أكثر من 2000 حديث. وكان مسروق بن الأجدع إذا حدَّث عن عائشة قال: “حدثتني الصديقةُ بنتُ الصديق، حبيبةُ حبيبِ الله تعالى، المبرأةُ من فوق سبع سموات”.
4- حفصة بنت عمر
حفصة بنت عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، وُلدت قبل بعثة الرسول ﷺ بـ 5 سنين، وتزوجت بعد البعثة من خُنيس بن حُذافة السهمي وآمنا بالله واتبعا الإسلام معاً.
عندما أذن الله للمؤمنين بالهجرة وترك مكة كانت السيدة حفصة وزوجها بين من هاجروا إلى المدينة، وكان زوجها من المجاهدين الشجعان في معركتي بدر وأحد، لكن الجراح التي أصابته أدت إلى وفاته في السنة الثالثة للهجرة.
وعندما ترملت حفصة رضي الله عنها راح أبوها عمر بن الخطاب رضي الله عنها يبحث لها عن زوج، فاتجه إلى عثمان بن عفان وأبا بكر الصديق رضي الله عنهما، لكنه تفاجئ أن الرسول ﷺ نفسه جاء خاطباً لها، وكان ذلك في السنة الثانية للهجرة.
عند البحث عن زوجات النبي يتبين لنا أن حفصة كانت ذات عقل متقد، وكانت تسأل رسول الله ﷺ أسئلة مميزة تتضح بها المزيد من الحقائق، وقد نقلت لنا كثيراً من حياة النبي ﷺ ومحاسن شمائله.
5- زينب بنت خزيمة
زينب بنت خزيمة، أم المؤمنين الخامسة، والتي تزوجها الرسول ﷺ في العام الرابع للهجرة مواساة لها بعد أن فقدت زوجها في معركة بدر، وهي خالة الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه.
عند البحث عن زوجات النبي ﷺ لا نجد الكثير من الأخبار حول زينب رضي الله عنها، وذلك لأنها توفت بعد زواجها من رسول الله بثمانية أشهر فقط.
6- أم سلمة
هند بنت أبي أمية، والمكناة بأم سلمة، هي سادس زوجات الرسول ﷺ، وبنت رجل من سادات قريش، وابنة عم خالد بن الوليد رضي الله عنه، والتي لا بد أن تكون في بالك عند البحث عن زوجات النبي ﷺ.
كانت أم سلمة من بين المسلمين الأوائل الذين تعرضوا لأصناف من العذاب في مكة، وعند الهجرة من المدينة افترقت عن زوجها وولدها، فكانت هي عند أهلها في مكة، وزوجها في المدينة، وابنها عند أهل زوجها.
وبعد عام تقريباً أطلقها أهلها، فالتقت بابنها ثم توجهت إلى المدينة لتلقى زوجها. لكن بعد معركة أحد بفترة قصيرة توفي زوجها جراء إصابته. وعندها تقدم رسول الله لخطبتها، مكافئاً لها وراعياً لأبنائها الأربعة.
كانت أم سلمة رضي الله عنها ذات عقل منفتح ورأي سديد، وكانت مقصداً للصحابة عند الاختلاف في حكم شرعي، فمثلاً اختلف أبو هريرة وبن عباس اختلفا في عدة المرأة إذا توفي زوجها، فاحتكما إليها وقضت بصحّة رأي أبي هريرة.
7- زينب بنت جحش
السيدة زينب رضي الله عنها هي ابنة عمة الرسول ﷺ، وكانت زوجة لزيد بن الحارثة، والذي كان خادماً لدى رسول الله ﷺ، وكان اسمه قبل تحريم التبني زيد بن محمد.
لكن زيد وزينب لم يكونا متفقين، فرغب زيد بتطليقها، وفعل ذلك بعد أن أذن له الرسول ﷺ، وعندها تزوجها الرسول في السنة الخامسة للهجرة.
كانت الحكمة من زواج النبي ﷺ من زينب رضي الله عنها هو هدم ما كان معروفاً في الجاهلية من أمر التبني، فأهل الجاهلية كانوا إن رغبوا بإكرام أحد نسبوه إليهم، وحرموا على أنفسهم الزواج من مطلقات أبنائهم بالتبني.
8- جويرية بنت الحارث
وفي البحث عن زوجات النبي نرى أن جويرية هي ثامن زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي أرملة قُتل زوجها في معركة المريسيع بين المسلمين وبني المصطلق، ووقعت سبياً تحت يد ثابت بن قيس رضي الله عنه.
عندها قامت جويرية بمكاتبة ثابت، أي أنها رغبت بشراء حريتها منه، فذهبت إلى رسول الله ﷺ _وكانت حينها مسلمة_ وطلبت منه أن يعينها على المكاتبة، فقال لها: “فَهَلْ لَكِ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: أَقْضِي كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ ، قَالَتْ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ”.
وكان زواج رسول الله ﷺ من جويرية في 6 للهجرة، وكان هذا الزواج مقدمة لإعتاق مئة من أسرى بني المصطلق، ثم إسلام كثير منهم، وصاروا عوناً للمسلمين بدل أن يكونوا محاربين لهم.
9- صفية بنت حُيي بن أخطب
صفية بنت حيي، سيدة من أمهات المؤمينين وذات نسب عظيم، والدها حيي، وهو يهودي من أحفاد النبي إبراهيم عليه السلام، وكان سيد بني النضير. كانت تسكن في المدينة، وكان أباها مع من قتلوا من بني قريظة.
قُتل والد صفية رضي الله عنها مع من قُتل من بني قريظة، ووقعت صفية أسيرة في يد المسلمين. فخيرها الرسول ﷺ بين أن تسلم فيتزوجها، أو تبقى على اليهودية فيعتقها، فقال لها: “اختاري، فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك” فردت عليه: “يا رسول الله، لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني، حيث صرت إلى رحلك وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إليّ من العتق وأن أرجع إلى قومي”.
وكان الحكمة وراء زواج رسول الله ﷺ من صفية هو إعادة عزها إليها، وتعويضها خيراً مما فقدت من أهلها. بالإضافة لتخفيف العداء وإيجاد روابط بين المسلمين واليهود.
10- أم حبيبة
رملة بنت أبي سفيان، والمشهورة بأم حبيبة، وحبيبة هي ابنتها من زوجها الأول. غادرت رملة وزوجها إلى الحبشة مع من غادر هرباً من بطش المشركين. ويروي البعض أن زوجها ارتد عن الإسلام هنالك ومات كافراً، لكن آخرين ينكرون هذه القصة عند القيام ببحث عن زوجات النبي ﷺ.
وبعد وفاة زوج السيدة أم حبيبة، وبينما كانت ما تزال في الحبشة، كتب الرسول ﷺ إلى النجاشي ليزوجه إياها. فأرسل النجاشي إلى أم حبيبة مخبراً إياها برغبة الرسول ﷺ، ففرحت بالخبر واستبشرت، وانتقلت إلى المدينة بعدها.
كان عمر إم حبيبة عند الزواج 42 عاماً تقريباً، وأنزل الله تعالى في هذا الزواج آية: {عَسَى ٱللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً}. وذلك لأن زواج الرسول من أم حبيبة ربطه بروابط المصاهرة مع أبي سفيان.
11- ميمونة بنت الحارث
كانت ميمونة بنت الحارث آخر النساء زواجاً الرسول ﷺ، وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله بن عباس، وأخت زينب بنت خزيمة خامس زوجات الرسول ﷺ.
وبالطبع عند عند البحث عن زوجات النبي نرى أن الرسول ﷺ لم يجمع بين الأختين ميمونة وزينب، بل كانت زينب بنت خزيمة متوفاة عندما تزوج الرسول ﷺ من ميمونة.
تزوجها الرسول ﷺ بعد أن أنهى عمرة القضاء في السنة السابعة للهجرة، وقامت بتوكيل زوج أختها العباس بن عبد المطلب في تزوجيها. وقد كانت الحكمة من زواج الرسول من ميمونة بنت الحارثة هو زيادة الصلة مع بني هاشم وبني مخزوم.
كانت ميمونة ذات ورع في الدين، وقد شهدت عائشة رضي الله عنها بذلك فقالت عنها: “أما أنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم”. وهي من روت عن النبي عدداً من الأحاديث.
ختاماً: الحكمة من تعدد زوجات النبي
الكثير من الملحدين أو النصارى يثيرون شبهات في البحث عن زوجات النبي ﷺ، وللرد عليهم نقول أن الرسول لم يكثر من النساء شهوة وطمعاً، بل كانت كل زيجاته لحكمة وسبب.
فها هو قد تزوج سودة كي لا تعود إلى أهلها فيعذبوها أو يفتنوها، وتزوج من عائشة وحفصة لزيادة القرب من صاحبيه أبو بكر وعمر، ومن زينب بنت جحش إبطالاً لعادة التبني، ومن صفية إعزازاً لها بعد أن كانت أسيرة وتخفيفاً لعداوة اليهود.
ولو أن رسول الله كان يرغب بالتمتع بالنساء لما أمضى شبابه مع خديجة التي تكبره 15 عاماً، ولا مع سودة ذات الـ 65 عاماً، بل كان اختار لنفسه صغار الفتيات وبكارهن.
هذا بالإضافة إلى الرسول الكريم ﷺ كان يرغب بأن يعلم الناس كيفية التعامل مع جميع الأزواج من مطلقات وأرامل وبكار، ومع بنات الأصدقاء والأعداء. وأيضاً أراد زيادة النساء اللاتي ينقلن عنه حياته المنزلية.
لذلك عندما يسألك أحدهم “لماذا تزوج رسولكم أكثر من 4 نساء”، لا تكن قلقاً، فزواج الرسول الكريم من أكثر من امرأة هي نقطة في صالح المسلمين، وهذا على عكس ما يتخيل البعض عند البحث عن زوجات النبي.
No Comment! Be the first one.