تجارة الآثار هو امر مجرم قانونياً في جميع الدول ،لانه يعتبر تهريباً لممتلكات الدولة وعبثاً في تاريخها .لكن السؤال الذي يظل في اذهان الجميع ،هل هذه التجارة بخلاف القوانين الدولية حلال شرعاً أم امر محرم؟.وفي ذالك نقول ان مشروعية تجارة الآثار موضع اختلاف بين العلماء،اختلفت فيه الأقوال والأراء والأدلة ،لكن الثابت هو عدم اباحته قانونياً.
ما هي الآثار
الآثار هي بقايا تاريخية من صنع الانسان في العصور القديمة،مثل الأدوات ،التماثيل،الاصنام،ادوات حجرية.هذه القطع الاثرية تحمل تاريخاً يهتم به العديد من الأفراد حول العالم ،كما يتم دراستها لربط الاحداث التاريخية ببعضها.لا يتم تقييم هذه الاثار حسب المواد المصنوعة منها مثل الذهب او الفضه او ما شابه ،بل قيمتها الاساسية تعتمد على القيمة والعمر التاريخي الذي يحمله هذا الاثر.
الفرق بين الكنز والآثار
يطلق الكنز على الإكتشاف لصندوق أو لمكان واحد يحتوي على العديد من القطع الأثرية،والنقود المعدنية،ومعادن ثمينة اخرى مثل الذهب،الألماس،الياقوت،اللؤلؤ.لذا فأن أي مجموعة مكونة من اثنين أو أكثر من الأجسام المعدنية من أي تكوين يعود إلى عصور ما قبل التاريخ والتي تكون مدفونة او ضائعة ثم اكتشفت تسمى كنزاً ويزول هذا اللفظ بمجرد اكتشافه.بينما لفظ الآثار عادة يطلق على القطع الفنية الأثرية بذاتها والتى تمثل حضارة تاريخية مثل التماثيل الفرعونية،والرومانية،والتحف الاخرى.على عكس الكنز يشمل لفظ الآثار المباني والمعابد التاريخية التي يتم اكتشافها.
حكم البحث عن الكنوز
يرى الشرع ان البحث عن الكنوز في ارض تملكها هو امر جائز اذا كنت تعلم انه يوجد بالفعل كنزاً ،ولكن ان كنت لا تعلم شئ فمن الأفضل عدم البحث وتخريب الأرض.بينما البحث في اراضي لا تملكها فهو امر غير جائز وحرام شرعاً إلا بإذن مالكها.كما عليك النظر في امر التصرف في الكنز بعد استخراجه ،هل هو من الركائز فتعطي خمسه أم من اللقطة .((التجارة في الآثار في منظار الشرع –اسلام ويب))
لكن من ناحية القانون فهو امر مجرم ولا يجوز لاي شخص التنقيب عن الكنوز في ممتلكاته ،أو غير ممتلكاته ،الا اذا كان هذا الشيئ من مهنته ،أو كان لسبب دراسة ما واخذ تصريح بها من الجهات المختصة.ومن يخالف تلك القوانين يعاقب عليها بموجب قوانين دولية قد تصل الى الحبس لسنوات عديدة ،ولذلك لان هذه الكنوز من الأموال العامة والتي تعد من حمى الدولة التي لها عليها حق الولاية والتصرف،والبحث فيها من غير الجهات المختصة سيهدر على الدولة حق دراسة التاريخ وربطه بواسطة تلك الكنوز والقطع الأثرية ،بالإضافة الى التخريب الذي يحدثة المنقبون.((حكم التنقيب عن الذهب أو العثور عليه في البيت.. الإفتاء تجيب- صدى البلد))
رأى الإسلام في تجارة الأثار
اختلفت الأقوال والأراء في وقتنا الحالي بشأن مشروعية الإتجار بالاثار ،حيث اوضحت دار الإفتاء المصرية إن حكم التجارة في الآثار الفرعونية إذا وجدها شخص في مزرعته أو بيته، أو التجارة فيها أمر ممنوع شرعا ومحرما.((الإفتاء توضح حكم بيع الآثار حال اكتشفها الشخص ضمن أملاكه- صحيفة الشروق)) بينما ذكر موقع اسلام ويب العديد من الفتاوي التى تبيح البحث والاتجار في الاثار ،واوضحت ان كل ما يوجد مدفوناً فى الارض يقع تحت فئتين يجب النظر فيهم ،الإولى هي الركائز (ما دفن قبل بعثة النبي صلى الله عليه)،والثانية هي لُقطة (ما دفن من اهل الإسلام).
كما وضح موقع اسلام ويب ان الله تعالى امتن علينا بإنعامه بما في الأرض من الخيرات،وبناء عليه فإنه إذا كان المكان المبحوث فيه ملكا لك وكنت تعلم أن به كنزا فإنه يجوز لك البحث عنه وعليك بعد العثور أن تنظر في شأنه هل هو ركاز ففيه الخمس كقول النبي صلى الله عليه وسلم: “العجماء جبار، وفي الركاز الخمس” متفق عليه. واذا كان لُقطة، واللقطة: كل مالٍ معصوم معرض للضياع لا يُعرف مالكه، والواجب فيه أن يعرّف سنة، فإن وجد مالكه أو وارث مالكه -وإن علا- فهو له وإلا فليتمتع به من وجد في أرضه، ومتى وُجد مالكه أو وارثه فهو أحق به، ولو بعد ردح من الزمن.((الكنز.. تعريفه.. التصرف فيه –اسلام ويب))
وذكر بعض العلماء ان تجارة الآثار امر محرم شرعاً لأن فيه تشبيه لأعمال الكفار قبل الاسلام ،حيث كانو يعظمون التماثيل ويتاجرون فيها.((موقف الإسلام من الآثار- شبكة الألوكة))
موقف القوانين الدولية من تجارة الأثار
القانون المصري يؤكد إن كل ما يقع ضمن أراضي الدولة ينتمي إليها. وفي حين لم يجرم أي قانون التنقيب غير المشروع عن الآثار حتى عام 1983، إلا أن البرلمان المصري أصدر في تلك السنة قانونا يحكم على المخالفين بالسجن لعدد من السنوات بالإضافة الى الغرامات المالية.وذلك لان المنقمين عن الكنوز وهربي الاثار يدمرون آثارا تاريخية قيِّمة شاهدة على الماضي ،مما يؤدي إلى فقدان شواهد تاريخية كثيرة.
تمتلك مصر ثلث آثار العالم، يأتي الزوار من جميع أنحاء العالم لزيارتها، ليشاهدوا كيف بنى المصريون القدماء هذه الحضارة، في الوقت الذي يقوم المهربون بسرقة هذه الآثار، ويفلتون من العقاب، لعدم وجود قانون قوي يعاقب على سرقة الآثار ،لذلك تم تعديل قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 الى القانون رقم 3 لسنة 2010 ،والقانون رقم 91 لسنة 2018.((قانون حماية الآثار-وزارة السياحة والآثار))
ماذا تفعل اذا عثرت على كنزاً في ممتلكاتك؟
ينبغي عليك ان تبتعد عن مثل هذه الأمور لما فيها من اختلاف وايذاء النفس ،فمن اثار البحث والإتجار في مثل هذه الأشياء زيادة طمع النفس واراقة الدماء.ويلزم على كل مسلم اتباع قوانين وطنه مالم تخالف شريعته ،فقد خوَّل الشرع للحاكم سُلطة تقييد المباح وإلزام الناس به بما يراه مِن المصلحة الراجحة،ولا يجوز للمسلم مخالفتها، لما قد يترتب على ذلك من الفساد، وما قد يتعرض له الشخص من الإذلال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
بعيداً عن اختلاف علماء الشرع حول تلك المسألة، فإن اتباع القوانين هو امر واجب حتماً.لذا اذا عثرت على كنزاً مدفوناً في ممتلكاتك ،فالواجب عليك الإتصال على الجهات المختصة من هنا.وهم بدورهم بالتأكيد سيكافئوك على هذا مادياً ومعنوياً لمساهمتك في الحفاظ على ممتلكات الوطن ،وانماء التاريخ.((قانون الآثار: مكافأة من يعثر على أثر ويبلغ المجلس الأعلى- المصري اليوم))
No Comment! Be the first one.