بالنظر إلى دولة الإمارات قد يعتقد البعض أن تاريخها لم يتجاوز الخمسون عاما بعد و لكن في الحقيقة أن الإمارات لها تاريخ يرجع لمائة ألف عام مضى ، فبتتبع طريق ترحال البشر في ما قبل التاريخ أو الحضارة نجد أن البشر قصدو منطقة الخليج العربي ؛ لأنها منذ أكثر من مائة و خمسة و عشرين عاما قبل الميلاد كانت أرضا خصبة مليئة بالخيرات و تجري بها الأنهار ، و مشجعة لجميع أشكال الحياة .في هذا الموضوع نتعرف على التاريخ العظيم لدولة الإمارات في عصور ما قبل التاريخ .
العصر الحجري
غرب سلسلة جبال الحجر يختبئ مكان نسيه التاريخ جبل الفاية في ظل هذا المأوى الصخري يجد علماء الآثار مجتمعا من الرائدين ، فتم أكتشاف أقدم دليل على وجود البشر في هذه المنطقة ، حيث تم العثور على أدوات مصنوعة من الحجارة لصنع الرماح ، فقد كانوا يقومون بتكسير الحجارة و تشكيلها إلى أشكال مدببة لتكون رأس الرمح ، ثم يربطونها بالعصي .
كان البشر في هذا الوقت يتنقلون في مجموعات صغيرة لصيد الحيوانات و جمع الثمار ، فيتعاونون معا لصناعة الأدوات و البحث عن الطعام . شكل جبل الفاية حينها مأوى مثاليا للاستقرارحيث يطل الجبل على سهل و اسع أمامه فتسهل مراقبة حركة الحيوانات من حولهم ، كما أن في قديم الزمن كانت هذه الأراضي الصحراوية أراضٍ خصبة تتقاطع فيها الأنهار و تزدهر فيها الحياة .
قام علماء الآثار باستخدام تقنية تدعى التأريخ الضوئي حيث تمكنهم من معرفة متى كانت آخر مرة عرضت فيها الصخور لضوء الشمس المباشر ، و باستخدام هذه التقنية على الأدوات الحجرية التي و جدوها في جبل الفاية أكتشفوا أن هذه الأدوات يرجع تاريخها إلى مائة و خمسة و عشرين ألف عام .
انظر ايضاً:
العصر الحجري المتأخر
قبل خمسة آلاف و خمسمئة سنة قبل الميلاد ، أصبح الناس بدو رحل يرعون الماشية و يتنقلون في مجموعات كبيرة نسبيا و يتنقلون بين أماكن تخييم موسمية ، ولكنهم يقومون بتجريب نوع جديد من المجتمعات .
في جزيرة مروح بالإمارات أكتشف علماء الآثار منزلا مكونا من ثلاث غرف متصلة ببعضها و مرفقة بساحة محاطة بسور ، و الذي يعد أول بيت حجري يتم العثور عليه في دولة الإمارات من ذلك العصر ، ومن المتوقع أنهم بنوا زرائب لأغنامهم ، و لم يعيشوا بمفردهم فمن المتوقع وجود منازل أخرى مجاورة مما يشكل مجتمعا كاملا . تم العثور على قبر داخل هذا البيت ، والذي يعد أحد أقدم الأفراد الذين تم اكتشافهم في هذه المنطقة ، و تعود بقاياه إلى سبعة آلاف و خمسمئة عام .
يمكن لعلماء الآثار أكتشاف خصائص الحياة البشرية في هذه الفترة من خلال تحليل عظام الجثمان ، حيث يمكنهم معرفة إن كان هناك أمراض متفشية بين المجتمع تسببت في الوفاة ، و ما إن توفى بسبب سوء التغذية ما سيدل على افتقار هذا المجتمع لموارد الطعام بشكل عام .بعد فحص الجثمان الذي تم اكتشافه في جزيرة مروح لم يعثر العلماء على أي دليل أن هذا الشخص قد مات بسبب أي أمراض ، و يرجحون أنه مات لأسباب طبيعية .
العصر البرونزي
بعد حوالي الف و خمسمئة سنة بدأ الطقس يصبح أكثر جفافا مما قلل عدد السكان ، و لكن سرعان ما يبدا الازدهار مرة اخرى ، فقد بدأ الناس في هذا العصر أكتشاف المعادن ، فبدأوا أستخراج النحاس من الأرض و صهره و تشكيله لصنع أدوات و أسلحة من البرونز .كما بدأ البعض بالاستقرار ، فبدأوا يعيشون سويا في بلدات ، وتعلموا زراعة المحاصيل للطعام .ثم حوالى ألفين و خمسمئة عام قبل الميلاد ، قام الناس بابتكار نوع جديد من المجتمعات حاملين رسالة غير مسبوقة ، و هي رسالة المساواة .
تم اكتشاف بناء دائري غامض في مدينة الغين عام 1964 ، و الذي يتعدى ارتفاعه الثلاثة أمتار ، و هو تطور كبير لطرق البناء في ذلك الوقت ، ينقسم البناء في الداخل إلى غرف مع مدخل صغير على الجانبين ، كما أن هناك نقوش و أشكال تحيط بكل مدخل من المداخل ، تظهر إحداها نقش لشخصين ممسكين بأيدي بعضهما و فوقهما مهاتين عربيتين ، و نقش أخر يظهر فيه شخصين متعانقين . تم العثور على العديد من المباني المتشابهة في جميع أنحاء الإمارات ، وجد أولها قرب أبو ظبي على جزيرة أم النار ، و تمت تسميتها بحضارة أم النار .
عثر العلماء بداخل هذه المباني على مجموعات من بقايا عظام بشرية ، و وجد في بعضها على ما يزيد عن ثلاثمائة فرد ، كانت مقابر مشتركة لجميع أعضاء المجتمع ، ومن أكثر ما يميز هذه المقابر أنهم كانوا يدفنون الموتى مع أغلى مقتنياتهم ن ولكن المفاجأة هي ان هذه لمقابر قد جمعت بين جميع فئات المجتمع من غني و فقير بدون تفرقة ، فقد كان المدفن رمز للمساواة و تذكير للأفراد بأننا في النهاية متساوين .
العصر الحديدي
حوالي ألف قبل الميلاد يبدأ العصر الحديدي و هو عصر يتميز بالابتكار ، فاستخرج الناس المياه من جوف الأرض ، كما روضوا الجمال البرية للتنقل و لحمل أمتعتهم معهم ، و لإدارة كل هذه التطورات أبتكر المجتمع أسلوبا جديدا لمناقشة أمورهم ، فبنوا ما نعرفه اليوم بالمجلس ، يظهر الدليل الأول للمجلس على بعد 15 كيلوا مترا شرق مدينة الشارقة في بلدة مويلح . توجد منازل و مخازن عديدة و لكن هناك مبنا متميز يختلف عن كل هذا ، بناء مبني على عشرين عمود مصنوع من جذوع النخيل ، محاطة بجذوع من اللبن و الطوب و مغطاة بسقف خشبي مغطا بالحصير و الجص ، و كان الغرض من هذا المنى هو خدمة المجتمع بأكمله ، فقد وجتد أدلة على وجود ولائم جماعية ، فقد وجدوا الآلاف من غظام الغنم و الماشية و التي كانت بمثابة وليمة جماعية تعد عند تجمع الناس في المجلس الرئيسي ، عثر أيضا على و عاء ضخم يمكنه استيعاب حوالي ألف و ستمئة لتر من المياه .
كل هذه أدلة على وجود مجتمع متحضر يجتمع لمناقشة أمور الحياة و التعاون لإعداد الولائم و الأكل معا بدون تفرقة ، و هذه من أهم ما يميز هذا المجتمع الذي تأسس قبل ثلاثة آلاف عام .
ولم تحصر هذه المجالس في مويلح فقط حيث تم العثور على أماكن مشابهة في العديد من مواقع العصر الحديدي ، و من المعتقد أن هذه المجالس قد مكنت القبائل المختلفة من التجمع و النقاش لحل المشاكل المختلفة ، لأن القبائل في هذا الوقت كانت تتنافس في تجارة الجمال ، فكانوا يتجمعون لتقسيم الحصص من التجارة لتفادي المعارك و القتال ما بين هذه القبائل .ولكن لم يدم السلام . فحوالي سبعمئة عام قبل الميلاد تعرضت مويلح للهجوم و أحرقت بأكملها ، وتم هجر البلدة بأكملها .
عصر ما قبل الإسلام
و هو عصر شهد نهضة حول العلم بأجمعه ، فهو عصر بناء سور الصين العظيم في الشرق ، وعصر تأسيس روما في الغرب ، و المجتمع في الإمارات شهد نهضة أستثنائية ، فستخدموا صك العملات و أساليب متطورة للحكم و الإدارة .
أزدهرت الطرق التجارية في العالم و كانت مدينة مليحة تربط بين طرق و موانئ هامة فربطت بين الهند شرقا ، و بلاد لرافدين شمال و روما و اليونان غربا ، و بفرض الضرائب على جميع السلع المارة بأراضيهم ، و لزيادة الكفائة بدأوا بصك أولى العملت المعدنية في المنطقة ، و كانت تصنع من قطع متشبهة أو تصب في القوالب ، كما كانت تنقش أسماء الحكام على العملة دلالة على هيمنة الملوك في هذا الوقت .
انظر ايضاً:
موضوع بحث عن تاريخ دولة الإمارات العربية
العصر الإسلامي
كان الشعب الإماراتي من أوائل من اعتنقوا الإسلام من خارج بلاد مكة و المدينة ، فتم العثور على إحدى أوائل المساجد في جميرا .سرعان ما أصبحت الحضارة الإسلامية حضارة ضخمة مزدهرة تضم مساحة شاسعة من الأراضي ، ولكن لم تكمن قوة الدولة الإسلامية في حجمها فقط ، بل ازدهرت في عدة نواحي من أهمها التجارة فيما بين هذه الدول ، ومع ازدهار التجارة أزدهرت أيضا حركة السفن في الخليج العربي مرورا بالإمارات للوصول إلى بغداد و التي أصبحت عاصمة الدولة الإسلامية حينها . شهدت الإمارات تطورا ملحوظا في صيد الأسماك و الغوص لاصتياد الؤلؤ و صناعة الحرير و الزراعة و الصناعة أيضا .
الخاتمة
لكل دولة في العالم تاريخ عريق مليئ بالمفاجئات ، فلكل دولة تأثير هام على حضارة البشرية أجمع على مر التاريخ ، و لكن أحيانا قد لا يظهر هذا التأثير بشكل واضح ، و في هذه الحالة علينا أن ننقب عن تاريخنا و حضارتنا ، و المراحل التي مر عليها أسلافنا حتى نصل إلى ما نحن عليه اليوم ، و من واجبنا تجاه أسلافنا أن نتعلم من أخطائهم و نعمل جاهدين للتقدم بالبلاد نحو مستقبل أكثر إشراقا .
No Comment! Be the first one.