كم عدد مراتب الدين في الإسلام
الكثير من الناس تسأل عن ما هو عدد مراتب الدين، وما عددها. ونحن نقول أن الإجابة عن هذا السؤال مستنبطة من حديث جميل رواه عمر بن الخطاب عن محمد، ليدلنا إلى درجات ديننا العظيم.
يقول عمر رضي الله عنه أنهم كانوا جلوساً عند رسول الله ﷺ ذات يوم، فدخل عليهم رجل لا يعرفونه، فجلس مقابلة رسول الله وقال: “يا محمد أخبرني عن الإسلام، فَقَال رسول الله ﷺ: ” الإسلامُ أن تَشهدَ أن لا إلَه إلا الله وَأنّ محمّداً رَسولُ الله، وَتُقِيْمَ الصَّلاَة، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُوْمَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البيْتَ إِنِ اِسْتَطَعتَ إِليْهِ سَبِيْلاً ” قَال: صدقت، فأخبرني عن الإيمان، قال: “أَنْ تُؤمِنَ بِالله ومَلاِئكَتِه وَكتبِهِ وَرُسُلهِ وَالْيَومِ الآَخِر، وتؤمن بالقَدرِ خيره وشرِّه” قال: صدقت، فأخبرني عن الإحسان، قال: “أن تعبدَ اللهَ كَأنك تراه، فَإِن لمْ تكن تَراه فَإنّه يَراك… “. أخرجه مسلم.
من الحديث النبوي هذا استنبط العلماء أن الجواب على ما هو عدد مراتب الدين هو ثلاثة، هم الإسلام والإيمان والإحسان، أفضلها الإحسان وأدناها الإسلام، وكلهم خير إن شاء الله.
المرتبة الأولى: الإسلام
أول مرتبة نبدأ بها لمعرفة ما هو عدد مراتب الدين هي مرتبة الإسلام، والتي نقصد بها الأقوال والأعمال والعبادات الظاهرة. والإسلام أقل عمومية من الإيمان، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمن.وبالطبع فإن المسلم على خير، لكن الإيمان أعلى درجة، والله تعالى يقول: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}.وقد بني الإسلام على خمسة أركان أخبرنا بها رسول الله ﷺ:
- الشهادة: هي شهادة أن لا اله معبوداً بحق إلا الله، وأن محمداً رسوله وعبده الذي أنزل عليه الوحي والكتاب. وبهذا الإقرار يدخل الناس في الإسلام.
- إقامة الصلاة: وهي أداء الصلوات الخمس التي فرضها الله فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وقد رأى بعض العلماء أن من يترك صلاته تهاوناً فهو كافر خارج عن الملة.
- إيتاء الزكاة: الزكاة هي حق الفقير من مال الغني، وواجبة على من أنعم الله عليه برزق واسع. ولها أحكام مفصلة قليلاً ينبغي مراجعتها لمن وجب عليه إخراج زكاة ماله.
- الصيام: الصيام هو ترك الطعام والشراب والنكاح من وقت شروق الشمس إلى وقت غروبها، وهي مفروضة على المسلمين في شهر رمضان، ومستحبة في باقي أيام العام.
- الحج: الحج هو السفر إلى مكة المكرمة والطواف حول الكعبة مع الالتزام بجميع واجبات الحج، وهي فرض عين على كل من يستطيع مرة واحدة في العمر، فإن زاد فهو خير.
المرتبة الثانية: الايمان
يأتي الإيمان في المرتبة الثانية في معرفة ما هو عدد مراتب الدين، الذي هو أعلى مرتبة من الإسلام. ويُقصد بالإيمان ما يعتقده الإنسان ويؤمن به. وللأيمان أركان نعدها لكم:
- الايمان بالله: الإيمان بالله خالق السموات والأرض هو أول ركيزة للإيمان، والايمان بالله يشتمل على الايمان بوجوده وبصفاته وأسمائه الـ 99 التي سمى بها نفسه.
- الايمان بالملائكة: لا بدّ أن يكون المؤمن مقراً ومصدقاً بوجود الملائكة حتى بدون رؤيتها، فالإيمان بها يقع ضمن دائرة الإيمان بالغيب.
- الايمان بكتب الله: الإيمان بالكتب التي أنزلها الله على عباده نوعان، الأول مجمل؛ أي أن المسلم يؤمن بكتب الله التي نزلت على الأنبياء السابقين. والنوع الثاني إيمان مفصل؛ وهو الإيمان بأن جميع ما في الكتاب هو من عند الله، وهذا لا يصح إلا مع القرآن الكريم.
- الايمان بالرسل: على المؤمن أن يكون مؤمناً بجميع الأنبياء التي أخبرنا الله عنهم والذين لم يخبرنا عنهم. ففي القرآن والسنة النبوية ذكر لـ 25 نبياً فقط، لكن هم أكثر من ذلك بكثير، وقد قال الله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}.
- الإيمان باليوم الآخر: وكما جميعاً نعرف أن الله قد قدر لنا حياة أخرى بعد حياتنا الدنيا هذه، والإيمان بهذا الأمر من أسس الايمان التي لا تتزحزح.
- الايمان بالقدر: الإيمان بقدر الله تعالى وقضاؤه جزء من أركان الإيمان، وقد قال رسول الله ﷺ: “كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة…”.
المرتبة الثالثة: الإحسان
درجة الإحسان هي ثالث وأرفع درجة من مراتب الدين، والمحسن له أجر كبير، فهو يستشعر أنه في حضرة الله عز وجل عند أية عمل، فإن لم يكن كذلك استشعر مراقبة الله له.ولذلك يحاول المحسن جاهداً إجادة عمله وعبادته دائماً وأبداً، فالله أحق أن تؤدى حقوقه بإتقان وإخلاص. ولا أبلغ من حديث رسول الله ﷺ لفهم ما هو الإحسان: “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”.
الفرق بين الإيمان والإسلام
قبل الختام من معرفة ما هو عدد مراتب الدين، فنتعرف على الفرق بين لفظتي الإيمان والإسلام في النصوص الشرعية، وعلى شرح قاعدة (الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا).لفظة الاسلام عندما تأتي مفردة في القرآن فإنها تعني الانقياد التام لله تعالى ولشريعته، وليس فقط الأعمال الظاهرة، والله يقول {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}. أما عندما تكون الكلمة مقترنة بلفظة الإيمان، فهي تعني عبادات الجوارح التي يراها الناس، كما يقول الله: {إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَٰتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ}.
وكذلك الإيمان، فإن أتت في النص الشرعي لوحدها عنَت الايمان القلبي والعمل الظاهر معاً مثل قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلْإِيمَٰنِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْـًٔا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. أما إن جاءت لفظة الإيمان مقرونة بلفظة الإسلام فهي تعني أن الإيمان القلبي فقط.
في الختام: الحمد لله الذي أنعم علينا بدين مرن نتسابق فيه على الخير، فلا يكون من استوى على صراط الله كمن تزحزح عنه، ولا يكون من قصر في عبادته كمن جاهد نفسه على فعل الخير ونيل الدرجات العلا.وها نحن بعد أن عرفنا ما هو عدد مراتب الدين الثلاثة، يأتي دور كل واحد منّا أن ينتقل بنفسه إلى الدرجة الأعلى حتى نصير جميعاً من المحسنين بإذن الله تعالى.
No Comment! Be the first one.