مفهوم التاريخ
التاريخ في اللغة العربية يعني الزمن، وبيان الوقت، وإثبات الواقعة الجديدة، ويقال أرخت الكتاب، وورخته، أي بينت وقت کتابته ، فكلمة توريخ تعنی أيضا التعريف بالوقت وهي لفظ عربي أصيل وقيل أنها مأخوذة من أصل سرياني معناه الشهر وعن هذه الكلمة يقول «شمس الدين السخاوی» في كتابه «الإعلام بالتوبيخ لمن ذم التاريخ»: أنه التعريف بالوقت الذي تضبط فيه الأحوال من مولد الرواة، والأئمة، ووفاة، وصحة، وعقل، وبدن، ورحلة، وحج، وحفظ، وضبط، وتوثيق، وتجريح.
ويذكر البعض أن كلمة التاريخ تعني مجموعة الحوادث التي ظهرت في حياة البشرية.كما أنها تعني الإلمام بتلك الأحداث ،فهو جملة الأحوال والأحداث التي يمر بها كائن ما، ويصدق عليها الفرد والمجتمع.فالتاريخ علم يتناول الأمة بالتنقيب في طوايا فكرها ومدى ارتباط ذلك الفكر بالدنيا والحياة، ثم اتصاله بسيرة الإنسان في الأرض وجهوده المتصلة لرفع شأنه الاقتصادية والعلمية والفكرية، ومدى ارتباط ماضي الأمم بحاضرها، وحاضرها بمستقبلها.
الأصل في كلمة تاريخ
يقال أن لفظ التاريخ العربي مشتق من لفظ arch الذي ينطق في اليونانية (أرخ) ومعناه القديم أو القدم، ومن هنا يسمى علم الأثريات القديمة بالأركيولوجية archeology .بينما لفظ history، وما يقابله storia، في الإيطالية histoire في الفرنسية و historia في الأسبانية مشتق من لفظ ستوريا اليوناني ومعناه الحكاية ومنه لفظ story الإنجليزي، وقد دخل العربية قبل الإسلام، بمعنى الحكاية، أو القصة، ومصطلح أساطير الأولين كثير الورود في القرآن الكريم بهذا المعنى.
أما عن كلمة التأريخ بالهمز فتختلف الروايات حولها وإن كان الرأي السائد أنها ليست عربية محضة ،ومعناها تسجيل الأحوال والأحداث والظواهر التاريخية ،وتدل على معان متفاوتة، فيعتبر بعض الكتاب أن التأريخ يشتمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون كله.
نشأة علم التاريخ
بدأ التاريخ يظهر إلى حيز الوجود في صورة بدائية أولية،حينما أخذ الإنسان البدائي منذ فجر المدنية يقص على أبنائه قصص أسلافه ممتزجة بأساطيره ومعتقداته.وتدرج التعبير عن التاريخ مختلطة أولا بعناصر من الفن، كالرسم والنقش على الحجر، إذ هو المرأة أو السجل الذي يقدم لنا ألوانا من الأحداث وصنوفا من الأعمال والآثار.
الواقعة التاريخية هي العمود الفقري للتاريخ .حيث يتكون التاريخ في العادة من مجموعة من الوقائع المحققة،يجمعها المؤرخ بواسطة وثائق أو مخطوطات،ويقوم بتقديمها في الأسلوب الذي يرتضيه،لنقلها للأجيال التالية.
وقيل أن التاريخ يعني دراسة الأحداث أو هو الأحداث نفسها، والحادث من وجهة نظر المؤرخ كل ما يطرأ من تغيير على الأرض أو في الكون متصلا بحياة البشر، وقد يكون مفاجئا كوقوع زلزال يهدم المدن والقرى، وقد يكون عنيفاً مثل قيام حرب، وقد يكون بطيئاً كعمليات التطور البطيئة التي لا يفطن الإنسان إلى حدوثها إلا على المدى الطويل مثال ذلك تطور المرأة العربية وخروجها من عزلة البيت إلى الحياة العامة، فهذه عملية طويلة بدأت من أواخر القرن التاسع عشر ولا زالت مستمرة إلى اليوم.وقد يقع الحادث دون أن يفطن إليه أحد ثم يكون له دوراً مؤثراً فيما بعد مثل میلاد طفل يصبح في يوم من الأيام قائد كبير أو مفكر عظيم،أي يصبح من صناع التاريخ وهكذا فهناك العديد من الأمثلة التي تدل على تغييرات الأحداث التي قد يكون للبشر يد فيها أو ليس له يد فيها.
علم التاريخ في عصر الإسلام
كان لدى العرب قبل الإسلام أنماط متعددة من المعرفة التاريخية منها الأيام والأنساب والقصص،وعرفت العرب نوعا بالتاريخ الشفهي وخصوصا أنهم كانوا مطبوعين على الحفظ، فقد كانت القبائل تروى فيها مآثرها والحروب التي خاضتها والانتصارات التي حققتها و أسماء الشخصيات التي شاركت فيها، أو أماكن الأحداث التي وقعت عليها أو السبب الذي دعا إليها أو غير ذلك.وبالنسبة للأنساب فقد كانت كل قبيلة تحتفظ بنسبها،وعن القصص فقد كانت في معظمها مليئة بالأساطير والخرافات التي تروى للأجيال عن بطولات مزيفة وأخبار مصطنعة. وعلى كل حال فإن هذه الأنماط من المعرفة التاريخية لم يكن الهدف من تناقلها، أن تكون مادة تاريخية تربط ماضي الغرب بحاضرهم بقدر ما كانت ترجع إلى الروايات الأدبية التي تتسم بالمبالغة والتحيز لكي تتفاخر بها القبائل.
ثم جاء الإسلام واهتم بالتاريخ بشدة ،واظهر لنا الطرق الصحيحة التي يجب علينا اتباعها في نقل التاريخ والعمل به.مع العلم ان كلمة تاريخ لم تذكر في الأدب الجاهلي ولا في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية الشريفة، وإن كان من المسلم به أن القرآن الكريم قد عمق الإحساس بالتاريخ عند العرب حين أشار إلى الأمم والقبائل والأنبياء السابقين، وقص عليهم قصص الأمم الخالية بهدف إثارة العبرة والعظة في نفوسهم،كما أثبت أن للتاريخ معاني معينة يجب على الإنسان أن يتبعها ،وتدل على ان الإنسان هو الذي يصنع مصيرة بالمعرفة. فإن حسن عمله في حياته ازدهرت حضارته ومعيشته، وإن أفسد حق عليه العذاب والدمار.
كما انه بعد ظهور الإسلام ظهرت معه أنماط جديدة من المعرفة التاريخية وكان من أبرزها ظهور الوثائق السياسية، فقد كان من أول أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم كتابه الذي نظم به التعاون بين المهاجرين والأنصار واليهود، وقد كان بمثابة المعاهدة الأولى في الإسلام ، وتوالت بعد ذلك المعاهدات والأحلاف بين الرسول والمشركين، كما توالت الرسائل بينه وبين قواده، وبينه وبين ملوك وحكام البلدان المجاورة أمثال: ملوك فارس والروم ومصر والحبشة وغيرها.
ماذا يقول بعض النقاد المسلمين؟
يرى بعض الناقدين لعلم التاريخ من المسلمين في أنه علم لا ينفع، إذ هو يشغل الناس بأخبار الماضين وأساطير الأولين، عما ينفع الإنسان في أخراه من علوم الدين، ثم أنه يعرض صاحبه للكذب عن علم أو غير علم، فهو لا يدري إن كانت الأخبار التي يسوقها صحيحة أم غير صحيحة، كما يرى هؤلاء النقاد أنه غيبة، حيث يتناول المؤرخ الغائبين بالذم والنقد وکشف عيوبهم والإسلام ينهى عن الغيبة.
وعلى عكس ذلك يقول ابن خلدون عن اهمية علم التاريخ:”أعلم أن فن التاريخ فن غزير المذهب، جم الفوائد، شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم فائدة الاقتداء، فهو يحتاج إلى مآخذ متعددة، ومعارف متنوعة وحسن نظر وتثبت، يفضيان بصاحبهما إلى الحق…”.
التمييز بين التاريخ الزمني
كلمة التاريخ عند العرب لم تستعمل إلا في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب،حيث تم اختيار التقويم التاريخي الذي تبنى عليه المعاملات اليومية والسياسية بداية من الهجرة لأنها فرقت بين الحق والباطل، ونتيجة لذلك صار التقويم الهجري عنصرا حيويا في نشأة الفكرة التاريخية عند العرب.
لا غنى للإنسان عن دراسة ماضيه باعتباره كائنا اجتماعية فينبغي عليه أن يعرف تاريخ تطوره وتاريخ أعماله ،لذا عليه ان يلجأ لدراسة علم التاريخ “History” لمحاولة إدراك الماضي أو فهمه، أما التاريخ الزمنى فهو محاولة لتسجيل التاريخ ،للإستعانه به في بعض الأمور اليومية أو المستقبلية،أو السياسية.
No Comment! Be the first one.