أولاً معنى القدر
القدر في اللغة من التقدير ومن القدرة،والْقَدْرُ مايقدره الله من القضاء،وهي صفة من صفات الله تعالى فهو القدير والقادر على كل شيء،فسبحانه مقدر كل شيء وقاضيه.كما انها تطلق لزيادة الشرف والمكانة ،فيقال: فلان ذو قدر عظيم أي: ذو شرف.كما ان القدر هو القضاء الموفق من الله تعالى،فيقال جاء قدره ،اي مات في اليوم المكتوب له ،فهو ما يقدره الله عز وجل من القضاء، ويحكم به من الأمور.
ما هي ليلة القدر في الإسلام
ليلة القدر هي التي تقدر فيها الأشياء وتقضى،وفي الإسلام يقصد بها الليلة التي ترفع فيها اعمال السنة ،ويقدر فيها ما يكون للعبد في السنة المقبلة.وهي ليلة عظيمة قديرة خيرها افضل من خير ألف شهر.تتكرر كل عام هجري في شهر رمضان المبارك، فهي أحد ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان،وفيها تنزل الملائكة وتعم في كل الارض ،فترفع اعمال العباد فيها ،وتكتب كذلك اقدار العباد فيها بأمر من الله ،وتعم السكينة والسلام على الأرض حتى مطلع الفجر ،يقول الله سبحانه :”سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ“.
يقول الله عز وجل في كتابه :”ليْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ“،وهذا يدل على تعظيم وشأن تلك الليلة عند الله.فوجب على كل مسلم ،ان يعمل صالحاً بقدر ما استطاع في تلك الليلة المباركة ،وأن يدعو الله لدنياه وأخرته.يقول الله عز وجل :”إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ*فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ “.فأن عملك الواحد في تلك الليلة تساوي مقدار اعمالك في ألف شهر،ولذلك شدد النبي ووصى امته بكثرة العبادة والدعاء في تلك الليلة.
سبب تسميتها بليلة القدر
- لتعظيم قدرها وشأنها عند الله تعالى،فهي ليلة ذو قدر أي ذو شأن.
- لأنها ليلة ترفع فيها الأعمال ،وتكتب فيها الأقدار،وتستجيب فيها الدعوات.
- قال الخليل بن أحمد: إنما سميت ليلة القدر؛ لإن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة.حسب قوله تعالى:(وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه) أي: ضيق عليه رزقه.
ليلة القدر في القرآن والسنة
عظم الله تعالى ليلة القدر وذكرها في كتابه الكريم،كما سميت سورة كاملة بإسمها “سورة القدر”.ومن فضلها على العباد وصى بها النبي بشدة وحث امته على الإكثار من الإعمال الصالحة في تلك الليلة ،لما فيها من الخير والبركة والإستجابة والصلاح.
في القرأن:
جاء في القرآن الكريم في سورة القدر ما يدل على تعظيم شأنها فقال تعالى:”إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ *لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ “.حيث تدل السورة الكريمة على ان القرآن قد انزله الله في تلك الليلة مما يدل على الخير والتعظيم،ففي تلك الليلة فضل وخير لا يدركة الإنسان ،فهي خير من ألف شهر ،وفيها ايضاً تنزِلُ الملائكةُ إلى الأرضِ بالخَيرِ والبَرَكة والرَّحمةِ والمَغفرةِ،فيعم السلام والخير في كل الأرض حتى طلوع الفجر .فتكون خاليةٌ مِنَ الشَّرِّ والأذى، وتكثُرُ فيها الطَّاعةُ وأعمالُ الخَيرِ والبِرِّ، وتكثُرُ فيها السَّلامةُ مِنَ العذابِ.
كما وصفها سبحانه بأنها ليله مباركة،وفيها في سورة الدخان :”إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ*فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ”.وفي تفسير “يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ”،أي تدبر اعمال العباد في تلك الليلة،فتسجل اعماله القديمة ،وتُقدر اعمالة الجديدة.
في الأحاديث النبوية:
- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “ومن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقَدَّمَ مِن ذَنبِه”.
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم:”تَحَرَّوْا ليلةَ القَدْرِ في الوِترِ مِنَ العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمَضانَ“.
- عن عبد الله بن أنيس أنه قال:“يا رسول الله، أخبرني في أي ليلة تبتغى فيها ليلة القدر. فقال: “لولا أن يترك الناس الصلاة إلا تلك الليلة لأخبرتك”.
- ويروى عن رسول الله أنه قال :”إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كَبْكَبَة (أي جماعة) من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله فينزلون من لَدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر”.
تعظيم ليلة القدر عند المسلمين
لتلك الليلة شأن كبير من المسلمين ،ينتظرونها كل عام في شهر رمضان للإكثار في عبادتهم ودعائهم لله عز وجل ،حتى ترفع اعمالهم وتكتب اقدارهم على صلاح ،وكذلك لما فيها من سرعة استجابة للدعاء من المولى عز وجل .وبالرغم من انها لم يذكر موعدها بالتحديد في القرأن والسنة ،الا ان لليلة القدر علامات تعرف بها قد وضحها الرسول في بعض أحاديثه ،فقال:”التَمِسُوها في العَشرِ الأواخِرِ مِن رمضانَ، ليلةُ القَدْرِ في تاسعةٍ تبقى، في سابعةٍ تبقى، في خامسةٍ تبقى“،كما ذكر ان تلك الليلة تكون ذات سكينة،وان الشمس بعدها تكون صافية ،فعن بن كعب رضي الله عنه :”.. أخبَرَنا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها تطلُعُ يومَئذٍ لا شُعاعَ لها“.ولذلك نرى اكثر المسلمين يعتكفون المساجد ،في العشر الأواخر من شهر رمضان لضمان استقبال تلك الليلة العظيمة على بالشكل الصحيح.بالإضافة الى فضل شهر الرمضان الكريم ،وما يعمه من الخير والبركة ،تأتي فيه ليله خير من الف شهر،يا له من فضل وكرم من الله في ذلك الشهر حقاً.
رأي الديانات الأخرى في تلك الليلة
هناك بعض الديانات السماوية لديها ،ليلة مشابهة باليلة القدر في الإسلام،لكن بأسماء وخصائص مختلفة تبعاً لعقائدهم.تختلف في مواعيدها حسب كل ديانه ،وتسمى عندهم عادة بالليلة المقدسة ،أو المباركة .حيث تدور فلسفة الليلة المباركة عند الديانات الأخرى، أنها ليلة خاصة من السنة تنزلت فيها رسالة إلهية، أو ولد فيها نبي، وفي هذه الليلة يتم غفران ذنوب المصلين، ويتضاعف أجور عبادتهم في تلك الليلة،ومن امثلة ذلك:
- الديانة الصابئية: وهم اتباع نبي الله نوح ويحيى عليهما السلام،وعنهم ليلة على فكرة ليلة القدر،تأتي بعد صلاة الأكاليل عندهم.ويقومون فيها بالصلاة والذكر والدعاء حتى الصباح، أملا في الحصول على رضى ربه.ويرون فيها حسب معتقداتهم انها بداية الخليقة للعالم، وعادة تكون في العشرين من يوليو ولكل أربعة سنوات.
- الديانة الايزيدية: يحتفل الأيزيدون سنويا في منتصف شهر شعبان حسب التقويم الهجري، بقدوم ليلة “بشفبرات” أي ليلة القدر.وهي إحدى المناسبات الاجتماعية المهمة للأيزيديين التي يتجمع فيها الشبان والشابات ويؤدون الأغاني والرقصات والألعاب الشعبية حتى مطلع الفجر.
- الديانة المسيحية: يرى المسيحيون ان يوم ميلاد المسيح هو ليلة القدر عندهم ،تسمى الليلة المقدسة وتكون هذه الليلة هي عيد عندهم ،يجتمعون في الكنيسة فيها يقومون بأناشيد خاصة بهم.حيث تعتبر ليلة السلام، وليلة المسامحة، وليلة الغفران، وليلة الفرح والسعادة،وتشتهر بأسطورة بابا نويل ،في تحقيق الأمنيات في تلك الليلة،تشبيها بإستجابة الدعاء عند المسلمين.
No Comment! Be the first one.