ما هي الفطريات؟
الفطريات هي كائنات حية تتبع مملكة الفطريات تختلف عن النباتات والحيوانات في طريقة تغذيتها، فهي لا تقوم بالتركيب الضوئي أو الهضم، بل تمتص المواد العضوية من مصادر خارجية. كما تتميز بأنها تتكون من خلايا ذات جدار خلوي يحتوي على مادة الكيتين Chitin. وتشكل الفطريات أجساماً خاصة تسمى المايسيليوم Mycelium، والتي تتألف من أشباه خيوط دقيقة تسمى الهايفا Hyphae. الفطريات موجودة منذ زمن بعيد، فقد عثر على حفريات تشير إلى وجودها قبل 550 مليون سنة أو أكثر. الفطريات تتنوع في أشكالها وأحجامها، فمنها ما هو ذو خلية واحدة لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، ومنها ما هو متعدد الخلايا ويشكل هياكل كبيرة تحت الماء أو على سطح الأرض. أكبر فطر في العالم هو نوع من العرهون يغطي مساحة 12 هكتاراً في ولاية ميتشيكان، وأقدم فطر في العالم هو نوع من الأشنات يعود عمره إلى 4500 سنة.
دورها في البيئة
الفطريات تلعب دوراً حيوياً في دورة المادة والطاقة في البيئة، فهي تقوم بتحليل المواد العضوية الميتة أو الحية إلى عناصرها الأساسية، مثل الكربون والمعادن. بهذه الطريقة، تساعد الفطريات على إعادة استخدام هذه الموارد وتجعلها متاحة للكائنات الأخرى. كما تشكل بعض الفطريات علاقات تعاونية مع بعض النباتات أو الحيوانات أو حتى بعض أنواع الفطريات الأخرى، مثل التكافؤ بين الأشنات والطحالب، أو التحاب بين جذور بعض النباتات وبعض خيوط الفطر.
ما فائدة الفطريات للإنسان؟
الفطريات لها قيمة كبيرة للإنسان، سواء في المجالات الغذائية أو الصحية أو التجارية. فمن بعض أنواع الفطريات نستخلص المضادات الحيوية التي تقضي على بعض المسببات المرضية، مثل البنسلين، أو الستروبتامس، أو السكلورافان. كما نستخدم بعض الفطريات في إنتاج الهورمونات التي تستخدم في علاج بعض الأمراض، مثل الإنسولين لمرضى السكر. أو الكورتيزون لمرضى الربو. أو الأستروجين لمرضى سرطان الثدي. كما نستخدم بعض الفطريات في إنتاج الأنزيمات التي تستخدم في بعض العمليات الصناعية، مثل البكتيناز لإنتاج العصائر الفواكه. أو الألفا أميلاز لإنتاج السكر. أو البروتيناز لإنتاج الجبن. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الفطريات لها طعم شهي وتستخدم في الطهي، مثل العرهون و الكمأ والخميرة.
تاريخ دراسة الفطريات
دراسة الفطريات أو علم الفطريات Mycology هو فرع من فروع علم الأحياء، يهتم بدراسة خصائص وأنواع وأدوار وأمراض وتطور وتصنيف الفطريات. وقد بدأ اهتمام العلماء بالفطريات منذ القدم، ولا زال نظام التصنيف الحالي في حالة تطور.أول وصف علمي للفطريات نشره عالم النبات الإيطالي بير أنطونيو مشيل Pier Antonio Micheli في عام 1729. وقد تصنفت الفطريات في البداية ضمن مملكة النبات Plantae، لأنها تشبه النباتات في بعض الخصائص، مثل احتوائها على جدار خلوي، وعدم حركتها، وانعدامها لأعضاء حسية. وقد تطورت دراسة الفطريات كجزء من علم النبات.ولكن مع اكتشاف خصائص فريدة للفطريات، أدى هذا إلى استحداث مملكة جديدة منفصلة تسمى مملكة الفطريات Fungi في أواخر الستينات. وقد اختلفت الفطريات عن النباتات في عدة نواحي، مثل:
- طريقة تغذيتها: الفطريات تتغذى على المواد العضوية الجاهزة، بينما النباتات تنتج طاقتها بالتمثيل الضوئي.
- مصدر جدار الخلية: الفطريات تحتوي على جدار خلوي يتكون من مادة الكيتين، بينما النباتات تحتوي على جدار خلوي يتكون من مادة السيليلوز.
- طريقة التكاثر: الفطريات تتكاثر بإنتاج سبورات Spores، بينما النباتات تتكاثر بإنتاج حبوب Pollen أو بذور Seeds.
كيف تتغذى الفطريات؟
الفطريات هي كائنات حية لا تمتلك الكلوروفيل، وهو المادة الخضراء التي تمكن النباتات من استخدام ضوء الشمس لتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى سكر وأكسجين. هذا يعني أن الفطريات لا تستطيع صناعة غذائها الخاص، بل تحتاج إلى مصادر خارجية من المواد العضوية. لكن كيف تتغذى الفطريات على هذه المواد؟
الفطريات تتغذى بطريقة فريدة من نوعها، فهي لا تبتلع أو تمضغ غذائها، بل تفرز أنزيمات هاضمة على المادة التي ترغب في تناولها. هذه الأنزيمات تقوم بتحليل المادة إلى جزيئات صغيرة يمكن امتصاصها من خلال جدار خلايا الفطر. هذه العملية تسمى الهضم الخارجي، وتجعل الفطريات قادرة على استخلاص الغذاء من مصادر متنوعة وصعبة.
هي كائنات تتباين في مصادر غذائها،فالفطريات لا تقتصر على نوع واحد من المواد العضوية في تغذيتها، بل تستطيع التكيف مع مصادر مختلفة وظروف متباينة. فمن بعض الفطريات ما يعتمد على المواد المتحللة أو المتعفنة، مثل التربة أو الخشب أو الأوراق أو الجثث. هذه الفطريات تسمى الأعفانية، وهي تقوم بدور مهم في إعادة دوران المواد في البيئة. ومن بعض الفطريات ما يستغل المواد الحية، مثل النباتات أو الحيوانات أو حتى فطريات أخرى. هذه الفطريات تسمى الطفيلية، وهي تقوم بإلحاق الضرر بالكائنات التي تستضاف عليها. ومن بعض الفطريات ما يشكل علاقات متبادلة مع كائنات أخرى، مثل الأشنات التي تجمع بين فطر وطحلب، أو الأكورز التي تجمع بين فطر وجذور نبات. هذه الفطريات تسمى الحاملية، وهي تقوم بزيادة فعالية التغذية لكلا الشريكين.
تبادل المنفعة عند الفطريات
تبادل المنفعة هو مصطلح يستخدم في علم الأحياء لوصف العلاقات بين أنواع مختلفة من الكائنات الحية، حيث يتأثر كل منها بالآخر. ويسمى كل كائن في هذه العلاقة بالمتعايش. وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من تبادل المنفعة، اعتماداً على نوع التأثير بين المتعايشين: الاشتراك، التطفل، والتعايش.
الاشتراك
الاشتراك هو نوع من تبادل المنفعة حيث يستفيد كل المتعايشين من العلاقة. ومثال على ذلك هو الأشنات، وهي كائنات تتكون من فطر وطحلب يعيشان معاً. الفطر يوفر الماء والمعادن للطحلب، والطحلب يوفر السكر والأكسجين للفطر. هذه العلاقة تمكنهما من العيش في ظروف قاسية، حيث لا يستطيع أحدهما البقاء لوحده. ومثال آخر على الاشتراك هو الأكورز، وهي علاقة بين فطر وجذور نبات. الفطر يساعد النبات على امتصاص المغذيات من التربة، والنبات يساعد الفطر على الحصول على الكربوهيدرات من التركيب الضوئي.
التطفل
التطفل هو نوع من تبادل المنفعة حيث يستفيد أحد المتعايشين من العلاقة على حساب الآخر. ومثال على ذلك هو الطفيلية، وهي كائنات تستغل جسم أو خلايا كائن آخر لغذائها أو مأواها. ومثال شائع على ذلك هو الديدان التي تسكن في أمعاء بعض الحيوانات، أو البكتيريا أو الفيروسات التي تسبب الأمراض في الإنسان أو الحيوان أو النبات. ومثال نادر على ذلك هو ال mistletoe، وهو نبات طفيلي يمتص الماء والمغذيات من أوردة نبات آخر.
التعايش
التعايش هو نوع من تبادل المنفعة حيث يستفيد أحد المتعايشين من العلاقة دون أن يضر بالآخر. ومثال على ذلك هو ال commensalism، ولهذه العلاقة تكون بين حيوانين غير طفيليين، حيث يستفيد أحدهما من حركة أو مأوى أو غذاء الآخر دون أن يؤثر عليه. ومثال على ذلك هو البولب الذي يعيش على درع السرطان الناسك، ويستفيد من الغذاء الذي يمر بجانبه بسبب حركة السرطان، دون أن يضر بالسرطان أو يمنعه من تغيير درعه. ومثال آخر على التعايش هو البكتيريا القولونية، وهي بكتيريا تعيش في أمعاء الإنسان والحيوانات الأخرى، وتستفيد من الغذاء المتبقي في الأمعاء، دون أن تضر بالمضيف أو تفيده.
تركيب الفطريات
الهايفا
الهايفا هي وحدات تركيبية أساسية لمعظم الفطريات، وهي عبارة عن خيوط أنبوبية رفيعة تشبه الشعر. كل هايفا محاطة بجدار خلوي صلب، يتكون في أغلب الأحيان من مادة تسمى الكيتين، وهي نفس المادة التي تشكل هيكل الحشرات الخارجي. بعض الهايفا مقسمة إلى خلايا منفصلة بواسطة جدران عرضية، وتسمى الهايفا المجزئة ذات الحواجز. وبعض الهايفا لا تحتوي على جدران عرضية، وتسمى الهايفا عديمة الحواجز. كل خلية فطرية تحتوي على السيتوبلازم، وهو سائل داخلي يحمل المواد الغذائية.
المايسيليوم
المايسيليوم هو شبكة متشابكة من الهايفا، تشكل جسم الفطر. المايسيليوم ينمو بالتمدد والتفرع من طرف كل هايفا. المايسيليوم يقوم بدور رئيسي في التغذية للفطر، فهو يقوم بإفراز الأنزيمات الهاضمة على المادة التي ينمو عليها، وامتصاص المغذيات منها. المايسيليوم يقوم أحياناً بإنتاج أجسام خاصة تحتوي على السبورات، وهي جزئات صغيرة تستخدم في التكاثر للفطر.
أجسام التخصیب
أجسام التخصیب هى أجسام كبیرة نسبياً أن تنشأ من المایسیلیوم فى ظروف معینة، وتحتوى على سبورات التخصیب. أجسام التخصیب هى الجزء الأکثر ظھوراً في الفطریات، وتوجد وغالباً في التربة أو سطح المادة التى یعیش علیھا الفطر. أجسام التخصیب ھدفھا نشر السبورات فى الھواء أو بطرق أخرى لإیجاد مکان جدید للنمو. أجسام التخصیب تختلف فى أشکالھا وأحجامھا وألوانھا بین الفطریات المختلفة. مثال شائع على أجسام التخصیب ھو العرهون، وھو الفطر الذى یشکل مظلات بنیة أو بیضاء فوق التربة.
التكاثر عند الفطريات
الفطريات هي مجموعة متنوعة من الكائنات الحية التي تتبع مملكة الفطريات Fungi. تتميز الفطريات بأنها تتغذى على المواد العضوية الجاهزة، ولا تستطيع إنتاج طاقتها بالتمثيل الضوئي. كما تتميز بأنها تتكون من خلايا ذات جدار خلوي يحتوي على مادة الكيتين Chitin. وتشكل الفطريات أجساماً خاصة تسمى المايسيليوم Mycelium، والتي تتألف من أشباه خيوط دقيقة تسمى الهايفا Hyphae.
التكاثر اللاجنسي
الفطريات تتكاثر عن طريق تكوين سبورات دقيقة Spores. وهذه السبورات هي خلايا صغيرة جداً، قادرة على الانبات والنمو في ظروف ملائمة. وتنتج الفطريات أعداد كبيرة من السبورات، لزيادة فرص انتشارها وبقائها. وعلى سبيل المثال، فإن الفطر النافث Puffball ينتج تقريباً 7 ترليون سبور.السبورات التي تنتجها الفطريات قد تكون جنسية أو لاجنسية. السبورات اللاجنسية هي سبورات تنشأ من خلية أو هايفا واحدة، دون حدوث اختلاط بين المادة الوراثية لخلايا مختلفة. وهذه السبورات تحتوي على نوى أحادية الصبغية Haploid، أي نوى تحتوي على نصف عدد الكروموسومات الموجود في الخلية المزدوجة Diploid. وعند انبات هذه السبورات، تشكل مايسيليوم جديد، يحمل نفس المادة الوراثية للخلية أو الهايفا التي أنتجته.
التكاثر الجنسي
السبورات الجنسية هي سبورات تنشأ من اتحاد خلايا أو هايفا مختلفة، بحيث يحدث اختلاط بين المادة الوراثية للأطراف المشاركة في التزاوج. وهذه السبورات تحتوي أحياناً على نوى ثنائية Dikaryon، أي نوى تحتوي على كروموسومات من كل طرف في التزاوج، دون حدوث انصهار بينهما. وعادة ما يستمر هذا الحال لفترة زمنية قد تصل إلى سنوات، قبل أن يحدث انصهار بين النوى، ويتكون نواة مزدوجة Diploid، تحتوي على عدد مزدوج من الكروموسومات. وبعد ذلك، يحدث انقسام اختزالي Meiosis، ينتج سبورات أحادية Haploid، تحمل مادة وراثية مختلطة من الأطراف المشاركة في التزاوج.
التكاثر الجنسي يزيد من التنوع الوراثي للفطريات، ويمنحها قدرة على التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة. كما يمكن للفطريات أن تتكاثر بطرق أخرى، مثل التجزئة Fragmentation، والتبرعم Budding، والانقسام الثنائي Binary Fission.
مثال على دورة تكاثر جنسية: المشروم
المشروم Mushroom هو نوع شائع من الفطريات، يتكون من قبعة Cap وساق Stalk وخياشيم Gills. وهذه الأجزاء هي جزء من المايسيليوم، التي تشكل جسم الفطر. وتحتوي المايسيليوم على نوعين من الهايفا للتزاوج، يطلق عليهما في بعض الأحيان بالأنواع الموجبة (+) والسالبة (-)، دون أن يكون هناك اختلاف تشريحي بينهما. وعند اتحاد هذين النوعين، يحدث التكاثر الجنسي، كما هو موضح في الشكل.
تصنيف الفطريات
الفطريات هي مجموعة متنوعة من الكائنات الحية، تضم أكثر من 100 ألف نوع معروف. وقد قسم علماء التصنيف مملكة الفطريات إلى شعب Phyla وأقسام Classes ورتب Orders وفصائل Families وأجناس Genera وأنواع Species، حسب خصائصها المورفولوجية والجزيئية والفسيولوجية.
شعب الفطريات
شعب الفطريات هي التصنيفات الأولية للفطريات، التي تستند إلى نوع السبورات وأجسام التخصيب المنتجة. وقد اقترح علماء التصنيف عدة نظم لتقسيم شعب الفطريات، لكن لا يزال هناك جدل حول بعضها. وأحد النظم المستخدمة يقسم شعب الفطريات إلى خمس شعب رئيسية، هي:
- شعبة المشروم Basidiomycota:الفطريات البازيدية هي شعبة تضم أكثر من 30 ألف نوع من الفطريات، التي تشكل سبورات جنسية تسمى بالباسديوسبور Basidiospores، على تركيب يسمى بالباسديوم Basidium. وهذه الشعبة تضم أشهر أنواع الفطريات، مثل المشروم Mushroom والخبزة Puffball والأذن الخشبية Wood Ear والخميرة الجعة Brewer’s Yeast.
- شعبة الأسكومايست Ascomycota: الفطريات الكيسية هي شعبة تضم أكثر من 60 ألف نوع من الفطريات، التي تشكل سبورات جنسية تسمى بالأسكوسبور Ascospores، داخل تركيب يسمى بالأسكوس Ascus. وهذه الشعبة تضم أنواع متنوعة من الفطريات، مثل الخميرة Yeast والقارورة Penicillium والعفن الأزرق Blue Mold والغارقة Truffle.
- شعبة زايغومايست Zygomycesta:فطريات زايغو هي شعبة تضم حوالي 1000 نوع من الفطريات، التي تشكل سبورات جنسية تسمى بالزايغوسبور Zygospores، من انصهار كميتان من نوع زايغو Zygote. وهذه الشعبة تضم أنواع مهمة من الفطريات، مثل عفن الخبز Bread Mold والجلود Leather والجبن Cheese.
- شعبة كتريديومايست Chytridiomycetes: الفطريات المائية هي شعبة تضم حوالي 800 نوع من الفطريات، التي تتواجد في البيئة المائية أو الرطبة. وهذه الشعبة تشكل سبورات جنسية أو لاجنسية تسمى بالكتريديوسبور Chytridiospores، التي تحتوي على ذيل Flagellum يساعدها على الحركة.
- شعبة ديوتيرومايست Deuteromycota:الفطريات الناقصة هي شعبة تضم فطريات كبيرة ومتنوعة، التي مرحلة التكاثر الجنسي فيها أما غير موجودة أو غير معروفة. ولهذا السبب تسمى بالفطريات الناقصة (Imperfect Fungi). وهذه الشعبة تضم أنواع من التربة هي مصدر أدوية مناعية كابحة توقف رفض الجسم المناعي لنقل الأعضاء. وأيضاً تضم كائنات تسبب مرض القوباء الحلقية Ringworm واللاق (Thrush). وهذه الشعبة تتكاثر لاجنسياً بإنتاج سبورات لاجنسية .
استعمالات الفطريات (فوائدها)
الفطريات كمصادر غذائية
منذ بداية التاريخ، استخدم الإنسان الفطريات كمصادر غذائية مطيبة وغنية بالعناصر الغذائية. من أشهر أنواع الفطريات التي تستخدم في الطهي هو العرهون أو الفطر، الذي يضاف إلى أطباق عديدة. وقد ازدادت شعبية بعض أنواع العرهون مؤخراً في شمال أمريكا، مثل البورتابيلا والكرفي والأويستر والموريل والجانتاريلا وأذن الخشب أو الشجر والكمأ والماتسوتاكي والشيتاكي.
الكمأ: فطر نادر وغالي
أحد أنواع الفطريات التي تحظى بقيمة عالية لدى خبراء الطهي هو الكمأ، وهو فطر درني الشكل ذو ملمس لحمي وله طعم ونكهة مميزة. يحصد هذا الفطر غالباً في فرنسا وشمال إيطاليا، بمساعدة كلاب أو خنازير مدربة تستخدم حاسة الشم للبحث عنه تحت التربة. يصل سعر هذا الفطر في أوروبا إلى 500 دولار أمريكي للباوند الواحد في بعض السنوات.
في الصناعات الغذائية
تستخدم الفطريات في إنتاج بعض المشروبات والأغذية من خلال عملية التخمير. فعلى سبيل المثال، تضاف خميرة إلى عصير الفواكه لإنتاج الخمور. كما تستخدم خميرة في صناعة البيرة، وتضاف إلى عجينة الخبز لجعله يرتفع. تستخدم أنواع من خميرة في نضج بعض أنواع الأجبان، مثل جبن كامامبرت وجبن روكفورت. أما في آسيا، فتضاف فطريات إلى حبوب صويا وتترك لتخمر لإنتاج مواد غذائية، مثل صلصة صويا، التي تصنع من عفن اسبرجيلس، والتامارى، التى تصنع من عفن خبز أسود.
المركبات الحيوية المستخلصة من الفطريات
تنتج بعض أنواع من الفطريات مركبات حيوية فعالة ومهمة في الصناعة. من هذه المركبات الكحول، مثل الإيثانول والجليسرول، اللذان ينتجان خلال عملية التخمر. كما تنتج بعض الفطريات منظمات نمو النبات، مثل حامض الكيبريليك، الذي يستخدم في تحفيز نمو النباتات والفواكه. وتعتبر الفطريات مصدراً مهماً لإنتاج المضادات الحيوية، مثل البنسلين والسيفالوسبورين والكريوفلفتين والسايكلوسبورين، التي تستخدم في علاج الأمراض الناجمة عن البكتيريا أو الفطريات.
حماية وتنظيف البيئة
تلعب الفطريات دوراً هاماً في حماية وتنظيف البيئة من التلوث. فالفطريات تقوم بتحليل المواد العضوية في الملوثات وتقليل تأثيرها السام على الأنظمة الحية. فطريات موجودة في التربة، مثل اسبرجيلس وفيوزاريوم ورايزوبس وموكور وبنسيليوم وترايكوديرما، تستخدم في المعالجة البيئية، حيث تخلط مع الماء أو التربة الملوثة. كما تستخدم بعض أنواع من الفطريات في مكافحة الآفات والأمراض التي تصيب المحاصيل الزراعية، مثل بعض أنواع من فطر بزارية، التى تقضى على حشرات مثل دودة قز أو دودة زغبية.
اضرار الفطريات
ليست جميع الفطريات مفيدة للإنسان، فبعضها يسبب الأمراض أو التسمم. فبعض الفطريات تهاجم المحاصيل الزراعية وتقلل من إنتاجها أو تفسدها، مثل صدأ القمح أو ذبول الموزة. وبعض الفطريات تهاجم الحيوانات وتسبب لها الأمراض، مثل داء المشعرات أو داء المقوسات. وبعض الفطريات تهاجم الإنسان وتسبب له الأمراض، مثل داء المبيضات أو داء القارحة. كما أن بعض الفطريات تنتج سموماً تؤثر على صحة الإنسان إذا تناولها أو تعرض لها، مثل أفلاتوكسين أو أورغوتامين.
تسبب الفطريات أكثر من 100 ألف مرض للنباتات، منها 75% من الأمراض الحقلية الرئيسية، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية تصل إلى مليارات الدولارات سنوياً. تصيب هذه الفطريات الحبوب والنباتات الصغيرة والنباتات المعمرة، مسببة ضعفاً في نموها وتكاثرها. كما تهاجم الفطريات الغابات والمواد الخشبية، وتسبب تلفاً فيها.
أمراض الفطريات في الإنسان والحيوان
تسبب بعض أنواع من الفطريات أمراضاً في الإنسان والحيوانات الفقارية. تسمى هذه الأمراض بالعظار (mycoses)، وتكون عادة بطيئة ومتكررة، ولا تؤدي إلى مناعة تحمي منها. تصنف هذه الأمراض إلى نوعين حسب المكان المصاب في الجسم:
- عظار جلدي (dermatomycosis): هو إصابة الجلد والشعر والأظافر بالفطريات، مثل داء القوباء وقدم الرياضي. نادراً ما تنتشر هذه الفطريات إلى الأعضاء الداخلية للجسم. تستجيب معظم هذه الإصابات للعلاج، رغم طول فترته.
- عظار عام (systemic mycosis): هو إصابة كامل جسم المصاب بالفطريات، وهو أخطر وقد يؤدي إلى الموت لدى ضعفاء المناعة بسبب مثل مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) أو سرطان. تنتشر هذه الفطريات بواسطة بوغ (spores) التي تدخل الجسم عن طريق استنشاق أو جروح. قد تحدث بعض هذه الإصابات بالعدوى بين حيوان وإنسان أو بين إنسان وآخر. هناك أدوية قليلة فعالة لعلاج هذه الإصابات، لكنها تستغرق فترة طويلة قد تصل إلى أشهر أو سنوات، وتسبب آثار جانبية خطيرة.
أمراض التنفسية التي تسببها الفطريات
تسبب بعض أنواع من الفطريات أمراضاً تنفسية في الإنسان، مثل:
- الكوكسيديوميكوز (coccidiomycosis): يسببه فطر شبيه بالخميرة يسمى كوكسيديوميس إميتيس (Coccidioides immitis)، والذي ينمو في التربة الجافة في بعض مناطق العالم. ينتقل المرض عن طريق استنشاق الغبار الحاوي على بوغ الفطر، أو عن طريق جروح في الجلد. تشبه الأعراض الأولية للإصابة أعراض الأنفلونزا، مثل ارتفاع الحرارة والسعال والطفح الجلدي، وغالباً ما تزول دون علاج. لكن في حالات نادرة، يخترق الفطر الأنسجة الداخلية، مثل العظام والمفاصل والدماغ، مسبباً أورام وخراجات وقرحات. لا يوجد علاج فعال لهذه الإصابة الخطيرة.
- الهستوبلازموز (histoplasmosis): يسببه فطر شبيه بالخميرة يسمى هستوبلازما كابسولاتم (Histoplasma capsulatum)، والذي ينمو في براز الحمام والخفافيش والدجاج. ينتقل المرض عن طريق استنشاق الغبار الحاوي على براز هذه الحيوانات، أو عن طريق هضمه أو جروح في الجلد. تعيش هذه الفطريات كطفيليات داخل أنسجة معينة وخلايا دم المصاب. تشبه هذه الإصابة مرض التدرن، حيث تتكون بقع صغيرة في الرئتين، لكنها تشفى غالباً دون علاج. هناك نوع أكثر خطورة من هذه الإصابة يغزو نخاع العظام ويؤدي إلى الموت بسرعة.
- الأسبرجيلوز (aspergillosis): يسببه نوع من العفن يسمى أسبرجيللس (Aspergillus)، والذي يصيب الجلد والجيوب الأنفية والرئتين وأعضاء داخلية أخرى. ينتقل المرض عن طريق استنشاق بوغ الفطر، ويصيب غالباً عمال الزراعة. من أهم أعراض المرض الحكة والألم، وإذا استمر التهاب الجلد فإنه يؤدي إلى تضخمه وتغير لونه إلى رصاصي أو أسود. هناك نوع خطير من التهاب الرئة يحدث نتيجة لإصابة بفطرية من نفس الجنس، والذي يحدث غالباً لدى المرضى الذين يعانون من ضعف في مناعة الجسم، مثل مرضى مرض الإيدز.
سموم الفطريات
المايكوتوكسينات (mycotoxins) هي سموم تنتج من نمو بعض أنواع من الفطريات على الحبوب والجوز والفواكه والخضروات. هناك أكثر من 100 نوع من الفطريات التي تولد مثل هذه السموم. من أشهر هذه السموم:
- الأفلاتوكسين (aflatoxin): ينتج من فطر أسبرجيللس فلافس (Aspergillus flavus) وأسبرجيللس باراسيتيكاس (Aspergillus parasiticus)، واللذان يصيبان حبوب الذرة والفول السوداني وأشجار الجوز. يمكن انتقال هذا السم إلى حليب ولحم وبيض الحيوانات التي تتغذى على هذه المحاصيل المصابة. يعتبر هذا السم من أقوى مسببات سرطان في التاريخ.
- الترايكوثيكان (trichothecene): هو سم يؤثر على الأمعاء ونخاع العظم والغدد اللمفاوية والطحال وغدة التيموس. ينتج هذا السم من فطر يسمى فوزاريوم (Fusarium)، والذي ينمو على الحبوب والقش المخزن في الرطوبة. قد تتعرض الحبوب لهذا السم إذا لم تحصد في فصل الخريف وبقيت في الحقول الرطبة حتى الربيع. قد يسبب هذا السم أعراضاً مثل: الإسهال، والقيء، والنزيف، والقرحة، والتهابات في الجلد، وفقدان للشعر، وضعف في المناعة. قد يؤدي تناول كميات كبيرة من هذا السم إلى الموت.
الفطريات الضارة
الخمائر
هي فطريات مجهرية وحيدة الخلية، تتميز بقدرتها على تخمير الكربوهيدرات في المواد المختلفة. تنتشر الخمائر بشكل واسع في الطبيعة، وتوجد في التربة وعلى النباتات. تنتمي معظم الخمائر المستخدمة إلى جنس سكارومايسس (Saccharomyces)، وأشهرها خميرة البيرة (S. cerevisiae)، التي استخدمت منذ القدم في صناعة الخبز والخمر. أسس عالم الأحياء الفرنسي لويس باستور أساساً علمياً لاستخدام الخمائر في الصناعة في القرن التاسع عشر. أما في الوقت الحاضر، فتستخدم الخمائر بشكل واسع في تخمير مواد صناعية كثيرة، وفي مجال الطب كمصدر لفيتامين ب المركب والثايامين، وكمرحلة في إنتاج المضادات الحيوية والهرمونات الستيروئيدية، وكذلك كمواد غذائية.
طرق زراعة واستخدام الخمائر
تزرع الخمائر النقية في وسط يحتوي على سكريات ومصادر نتروجينية ومعادن وماء. يكون المنتج عبارة عن خلايا خمائر جافة، قد تضاف إلى بعض المواد النشوية لتشكيل كعك. عند استخدام خميرة للخبز أو لأغراض طبية أو غذائية، يتم التخلص من وسط الزراعة. أما في صناعة الخمور والبيرة والكحول، فإن المحلول (السائل) المتولد هو المهم، ويتم التخلص من خلايا الخمائر أو استخدامها في إطعام الحيوانات.
الأعفان
هي نمو زغابي شبكي يتولد على المواد العضوية من قبل عدة أنواع من الفطريات. يستخدم مصطلح “العفن” لوصف نوع من هذه الفطريات، بالإضافة إلى مصطلح “العفن” لوصف نوع آخر. يصف مصطلح “العفن” نمو فطريات سوداء أو زرقاء أو خضراء أو حمراء، بينما يصف مصطلح “العفن” نمو فطريات بيضاء. يعتبر عفن خبز أسود (Aspergillus niger) مثالاً على فطريات مجهرية تعيش في الهواء، وتتكاثر عند تماسها مع سطوح رطبة للمواد العضوية الغير حية. تنتشر هذه الفطريات بسرعة، مكونة جسم الفطريات (mycelium)، والذي يتكون من شبكة دقيقة من الخيوط (hyphae). تكون جزءاً من هذه الخيوط شبيهاً بالجذور، وتسمى بالرايزويدات (rhizoids)، والتي تخترق المواد العضوية، فارزة أنزيمات وامتصاص الماء والسكريات والنشويات المهضومة. وجزء آخر من هذه الخيوط يسمى بالسبورانجيوفورات (sporangiophores)، والتي تصل إلى الأعلى، مكونة السبورانجيا (sporangia)، والتي تحمل بوغ (spores) شبيهة بالقبضة، والتي تحمل المميزات لذلك النوع من العفن. عند نضجها، تنفتح السبورانجيا، ويحمل الهواء بوغ الفطر إلى أماكن أخرى، حيث تتكاثر لاجنسياً.
طرق تكاثر واستخدام الأعفان
تتكاثر بعض أنواع العفن جنسياً باندماج خلايا لقاحية أو اندماج خيوط متخصصة. ينبت الزايغوت (zygote) الناضج إلى زايغوسبور (zygospore)، والذي ينبت بعد فترة رقود. ينمو العفن على مواد عضوية كثيرة، وبوجود رطوبة كافية، يحلل الخشب والورق والجلد بسرعة. أما في الفواكه، فإن الأنزيمات تخترق إلى مناطق أعمق من النمو المرئي، محطمة الثمرة. من جهة أخرى، فإن العفن له فوائد صناعية، مثل تخمير الأحماض العضوية والأجبان. تحصل أجبان كامامبر (Camembert) وروكفور (Roquefort) على طعمها المميز من أنزيمات فطر بنسيلليوم كامامبرتي (Penicillium camemberti) وفطر بنسيلليوم روكفورتي (P. roqueforti) على التوالي. أما عفن خبز أخضر (P. notatum)، فقد أدى إلى صناعة المضادات الحيوية بشكل واسع بعد اكتشافه في عام 1929. أما عفن خبز أحمر (Neurospora)، فهو أداة مهمة في التجارب الوراثية والجينية.
No Comment! Be the first one.