مقدمة بحث عن الإسراء والمعراج
قال الله تعالي”سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” .وتبرز الآية الكريمة العرفان لله الذي مكن عبده محمد صلى الله عليه وسلم، من القيام بالسير ليلا من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في أرض الأقصى المحتلة، الذي تحيط به أرض مباركة.حيث إن هذه الرحلة العجيبة التي اراد بها الله ان يستدعي نبيه إليها، تستحق منا أن نفرد لجميع تفصيله فيها درسًا وعظه. فهي ممتلئة بالإعجاز والعبر، لقد كرم الله نبينا وشرفه بهذه الرحلة المبروكة والتي كانت بعد عام الحزن.حيث اراد الله ان يخفف عن رسولنا الكريم آلام فقده للأكثر اثنين قربا لقلبه وأقرب داعمين له السيدة خديجة وعمه عبد المطلب.
تعريف الاسراء والمعراج
تعد رحلة الاسراء والمعراج من اهم معجزات النبي صلي الله عليه وسلم .حيث تفرد الرسول بها بأمر من الله سبحانه وتعالي ، وقد اعتبرها الكثير من العلماء واحدة من الأصول التي يجب علي المسلم ان يؤمن بها .والإسراء من السّرى أي السير ليلا ، وهو انتقال الرسول صلى الله من مكّة المكرمة إلى بيت المقدس بصحبة الملك جبريل ممتطياً البراق في جزء من الليل.أما المعراج فهي رحلة تعقب رحلة الاسراء حيث صعد الرسول عليه السلام مع جبريل عليه السلام الي سدرة المنتهي و السماوات العليا ثم عاد الي بيت المقدس في جزء من الليل، وقد أُسري به بروحه وجسمه.
توقيت معجزة الاسراء والمعراج
لقد حدث الكثير من الخلافات حول تحديد الوقت الفعلي ليلة الاسراء والمعراج، فقال بعضهم إنّها وقعت قبل الهجرة بعام وهو ما ذهب إليه الإمام النووي، وقال ابن حزم إنَّ هذا القول مجمع عليه، وذهب آخرون إلى أنها كانت قبل الهجرة بخمس سنين وهو قول القاضي، كما اختُلف في الشهر الذي حدثت فيه، فمنهم من قال إنَّها في الليلة السابعة والعشرين من شهر ربيع الأول، وقال بذلك ابن الأثير والنووي وجمع آخر، وقيل إنّها كانت في شهر رجب، وقيل في رمضان، وقيل إنّها كانت في شوال.
كيف بدأت قصة الاسراء والمعراج؟
بدأت قصة الإسراء والمعراج عندما كان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- جالساً في بيت أُم هانئ، أنزل الله تعالى جبريل عليه أفضل السلام على رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام في الوقت الذي كان نائماً، فهمزه جبريل، فاستقيظ الرسول ولم يرَ شيئاً، ثمّ كرر جبريل فعلته مرة أخرى وثالثة حتّى أفاق الرسول وجلس، ثم نزل ملكين عليه، وتغسيلهما لقلبه بماء زمزم، فكانت هذه حادثة شق الصدر للمرة الثانية، فأخذ جبريل بيده عليه أفضل السلام وركبا على متن البراق حتّى وصلا بيت المقدس.ويقصد بالبراق أي الدابة التي ركبها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج ، وقد قيل ان هذه الدابة مخصصة لحمل الانبياء، ودابة البراق سريعةٌ جداً، حيث كانت تضع خطواتها عند منتهى نظر الرسول صلي الله عليه وسلم.((كتاب وهو بالأفق الأعلى/محمد بن علوي المالكي))
اقرأ ايضاً:
احداث قصة الاسراء والمعراج
أولا :قصة الاسراء
عقب وصول الرسول صلي الله عليه وسلم ومعه جبريل الي المسجد الاقصي،ثم دخلوه فصلى به ثم أنزله طور سيناء.حيث كلم الله موسى عليه السلام وصلى بها، ثم أنزله بيت لحم مولد عيسى عليه السلام فصلى فيها ثم دنا لبيت المقدس فأنزله باب المسجد فوجد الرسول جميع الأنبياء، فأمّهم بركعتين، ثمّ خرج بعد ذلك، فإذا بجبريل -عليه السلام- يخيّره بين كأسين؛ أحدهما الخمر، والآخر فيه لبنٌ، فاختار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- اللبن، فأخبره جبريلٌ بأنّه قد اختار الفطرة.
ثانيا :قصة المعراج
تبدأ أحداثُ رحلة المعراجِ بصعودِ الصَّخرة المُشرَّفة؛ حيث سارَ جبريلُ بالرّسول عليه الصلاة والسلام إليها، ثمَّ وضعه على جناحِهِ؛ ليصعَدَ بهِ إلى السَّماءِ الدُّنيا، ويتجلَّى بها.فاطَّلعَ الرَّسولُ على عدد محدود منِ أحداثِ السَّماءِ الأولى، ثمَّ ارتقى بهِ جبريل إلى السَّماء الثَّانيةِ، فرأى فيها زكريا وعيسى بن مريمَ عليهم السلام،ثمَّ ارتقى به جبريلُ إلى السَّماءِ الثَّالثةِ، فرأى فيها يوسف فوق منه، ثمَّ صعد به جبريلُ إلى السَّماءِ الرَّابعةِ وفيها ادريس، ثمَّ إلى الخامسةِ وفيها هارون، ثمَّ صعد بهِ إلى السَّادسةِ وفيها موسى، ثمَّ إلى السّابعة وفيها إبراهيمُ عليهم صلواتُ الله عليهم جميعًا وسلامه، وقد اختتم بهِ جبريلُ إلى سدرةِ المُنتهى.
تقدَّمَ جبريلُ بالرّسول عليه الصلاة والسلام إلى الحِجابِ وفيهِ مُنتهى الخَلق، فاستَلمَهُ مَلَكٌ، وانسحب جبريل، فارتقى بهِ المَلَكُ حتَّى بَلَغَ العرشَ، فأنطقَهُ اللهُ بالتَّحيَّاتِ، فقال فوق منهِ الصَّلاةُ والسَّلام: (التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ وَالصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ)، وفيهِ فُرِضت الصَّلاةُ 50 تضرعً على النَّبيِّ وأمَّتِهِ كلَّ يومٍ وليلةٍ.
ثالثاً :دخوله الجنة
صَحِبهُ جبريلُ بعض فرض الصلاة عليه وعلى امته فأدخلهُ الجنَّةَ، فرأى من نَعيمها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ، حيث راي نهر الكوثر الذي ميزه الله به وأكرمه به.((نهر الكوثر كما رآه النبي -islamstory.com)) ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ).ثمَّ إبداءَ أعلاهِ النَّارَ، فَنَظَرَ في جحيمها ورأى أصناف متعددة من اهل النار:
- الصنف الأول: الذين يخوضون في أعراض المسلمين، ويقعون في الغيبة، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ).((فصل في البهت والغيبة والنميمة والنفاق- الجزء رقم1 – إسلام ويب))
- الصنف الثاني: الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مرَرْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قال: قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قالوا: خُطَباءُ أمَّتِكَ)] الصنف الثالث: الذين يأكلون الربا، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (رَأَيتُ لَيلةَ أُسريَ بي رَجُلًا يَسبَحُ في نَهرٍ ويُلقَمُ الحِجارةَ، فسَأَلتُ: ما هذا؟ فقِيلَ لي: آكِلُ الرِّبا).
رابعاً: تخفيف الفرائض على المسلمين
أخرجَهُ جبريلُ حتَّى أتيا نبيَّ اللهِ موسى، فأرجَعهُ إلى ربِّهِ يسألهُ التَّخفيفَ على قومه في الدعاء، فخفَّفَ عنهُ عشرًا، ثمَّ أرجَعهُ موسى فسألهُ التَّخفيفَ، فخفَّفَ اللهُ عنهُ عشرًا، ثمَّ لم يَزلْ بينَ ربِّهِ وموسى حتَّى جَعلَها الله خمسَ مطالباتٍ في اليومِ واللَّيلَةِ، ثمَّ أرجَعَهُ موسى إلى ربِّهِ يسألهُ التَّخفيف، فأعرَض الرَّسولُ فوق منه الصَّلاة والسَّلامُ عن ذاكَ؛ استحياءً من الله سبحانه وتعالى واحترامًا، فناداهُ ربُّه: (إنِّي قد إنفاذْتُ عليكَ وعلى أمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَالْخَمْسُ بِخَمْسِينَ، وَقَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي).وبعدها عاد بهِ جبريلُ إلى مضجَعِهِ، وكلُّ ذلِكَ وقع في ليلةٍ واحدةٍ.((تفاصيل معجزة رحلة الإسراء والمعراج-daralmaref.com))
العجائب التي راها الرسول اثناء اسرائه
وهنا نتحدث عن العجائب التي راها الرسول في إسرائه:
- الدنيا : رءاها بصورة عجوز .
- إبليس : رءاه متنحياً عن الطريق .
- رأى قبر ماشطة: وهي بنت فرعون وشمَّ منه رائحة طيبة .
- المجاهدون في سبيل الله : رءاهم بصورة قوم يزرعون ويحصدون في يومين .
- خطباء الفتنة : رءاهم بصورة أناس تُقْرَضُ ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار.
- الذي يتكلم بالكلمة الفاسدة: رءاه بصورة ثور يخرج من منفذ ضيق ثم يريد أن يعود فلا يستطيع .
- الذين لا يؤدّون الزكاة :رءاهم بصورة أناس يَسْرَحون كالأنعام على عوراتهم رقاع .
- تاركو الصلاة : رأى قوماً ترضخ رءوسهم ثم تعود كما كانت ، فقال جبريل : هؤلاء الذين تثاقلت رءوسهم عن تأدية الصلاة .
- الزناة : رءاهم بصورة أناس يتنافسون على اللحم المنتن ويتركون الجيد .
- شاربو الخمر: رءاهم بصورة أناس يشربون من الصديد الخارج من الزناة.
- الذين يمشون بالغيبة : رءاهم بصورة قوم يخمشون وجوههم وصدورهم بأظفار نحاسية.
اقرأ ايضاً:
فضل ليلة الاسراء والمعراج
تعتبر ليلة الاسراء والمعراج من أفضل المعجزات واجلها،التي حدثت في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم.فقد صلّى محمد عليه الصلاة والسلام فيها إمامًا بالأنبياء بالمسجد الأقصى، وما ذاك إلّا مغزى أنَّ مقامه لا يعدله مقام، وأنه وصل من التشريف ما لم يبلغه أحد، مثلما انتزع الله في هذه الليلة مُلك منزل المقدس من بني إسرائيل، وانتهت التقدم الروحية التي كانت لهم، وقد كان لتلك الليلة أثر جسيم في تثبيت فؤاد النبي عليه أفضل السلام وترطيب مهجته وجبر خاطره، بعدما تعرض للاضطهاد والتعذيب من قريش وفي تلك الليلة أيضًا إلزام الله سبحانه وتعالى على المسلمين خمس صلوات في اليوم.((الإسراء والمعراج .. في ذكرى الحادثة-islamonline.net))
خاتمة بحث عن الإسراء والمعراج
وفي الختام يجب الاخذ في عين الاعتبار ان اي حدث مر به الرسول صلي الله عليه وسلم يريد الله به ان نستبط منه الاتي :
- قدرته سبحانه وتعالي في قطع المسافة بين القدس ومكة في ليلةٍ واحدةٍ والمعراج إلى السماوات ثمّ العودة؛ دلالةٌ على قدرة الله تعالى، ولذلك فقد أثار ذلك الكثير من الجدل مع الكفار، حيث عندما عاد الرسول صلي الله عليه وسلم من رحلة الاسراء والمعراج وحكي لهم ما حدث كذبوه .
- اهمية المسجد الأقصى في الإسلام وعند المسلمين حيث صلي فيه الرسول صلي الله عليه وسلم اماما للأنبياء فكان المسجد الأقصى قبلة الأنبياء قبل مجيء النبي صلّى الله عيله وسلّم، والقبلة التي صلّى إليها النبي صلّى الله عليه وسلّم، قبل أن يتم تغيّرها إلى مكة، والمسجد الاقصى المسجد الثالث الذي تشدّ إليه الرحال.
- الإسلام دين الفطرة، ففي تخيير جبريل للنبي -عليهما السلام- للنبي بين الخمر واللبن، وقد اختار النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للبن؛ وهذا يدل على أنّ الدين دينٌ يتماشى مع فطرة الإنسان، ويوازن بين المصالح والمفاسد، وبين الروح والجسد، وبين الدنيا والآخرة.
إنّ الإسراء والمعراج حادثة عظيمة، تجلت فيها منزلة سيدنا النبي ﷺ الكريمة، فسيدنا ﷺ أكرم الخلق على الله، وأقربُهم منه منزلةً وأعظمهم عنده مكانةً، قد اصطفاه سبحانه نبيًّا، واجتباه رسولًا، واتّخذه حبيبًا، والحقّ أنّه لا يعرف قدر محمّد ﷺ أحدٌ إلا الله سبحانه وتعالى