مفهوم الإعاقة في نظر الإنسان الصحيح
ينظر الإنسان صحيح الجسم إلى الشخص المعاق الذي ينقصه أي عضو من الأعضاء الظاهرة ، على أنه إنسان ضعيف ، يعيش عالة على غيره ، ولا يستطيع أن يساعد نفسه على الحياة ، أو أن يؤثر في الآخرين بعمل ذي قيمة ! ولكن الواقع في كثير من الأحيان يثبت غير ذلك … لأن قوة الإنسان تتأتى دائمًا من إرادته وعزمه وتصميمه ، وكم من صحيح يقف عاجزًا عن إعالة نفسه نتيجة ضعف إرادته وقلة حيلته !
نماذج مشرفة من المعاقين
وهناك العديد من النماذج التي قدمت إلى الحياة بإعاقة واضحة ولكنها لم تقف بائسة تنعى حظها، وتلوم الظروف وتدير ظهرها للمستقبل ، ولكنها أبت إلا أن تضع نفسها على طريق التجديد والاجتهاد… طريق الإجادة والإنتاج الفعال.
مثال رائع لسيدة بدون ذراعين
ومن بين هذه النماذج سيدة بدون ذراعين ، ولكنها تعمل بقدميها ما يعجز عن فعله الأصحاء ، تتمتع بذكاء حاد وقوة إرادة حديدية ، حتى أن زوجها وأولادها يقولون عنها إنها ربة بيت من الدرجة الممتازة ، ولم يحسوا في يوم من الأيام بحاجتهم إلى شغالة ؛ فإن هذه السيدة تبذل المستحيل لإثبات ذاتها ، وتشعر الجميع أنها لا تقل عن الأصحاء مكتملي الأعضاء ، كما أنها تتميز برجاحة العقل ، والحكمة البالغة في تدبير أمور منزلها وقيادة أولادها إلى التفوق. وإلى جانب ذلك فإنها تجيد أعمال الترفيه مثل العزف على الآلات الموسيقية، والرسم، وتشغيل الكمبيوتر، وغير ذلك .وكل ما تتمناه أن ينظر الناس إلى المعاقين نظرة تقدير واحترام بدلاً من نظرات الإشفاق التي تجرح شعور البعض منهم ، أما هي فقد أخذت من هذه النظرات قوة دفع تنمي فيها روح التحدي والإصرار !!
جيسيكا كوكس: أول طيارة في العالم بدون ذراعين
جيسيكا كوكس هي امرأة أمريكية من ولاية أريزونا، ولدت عام 1983 بدون ذراعين بسبب خلل خلقي نادر يسمى تثلث الأطراف. هذه الحالة تؤثر على تكوُّن الأطراف في مرحلة الجنين، وتصيب واحدًا من كل 100 ألف مولود. لم يكن لديها أي مشاكل صحية أخرى، وتعاملت مع إعاقتها بشجاعة وإصرار.
في طفولتها، واجهت جيسيكا كوكس العديد من الصعوبات والتمييز بسبب إعاقتها. كانت تستخدم أذرعًا صناعية مزودة بخطافات، لكنها شعرت بأنها تقيِّدها أكثر من أن تساعدها. فقررت التخلص منها في سن الرابعة عشرة، وتعلمت كيف تستخدم قدميها للقيام بكل شيء. استطاعت أن تأكل وتشرب وتكتب وترسم وتضع مكياجًا وتغير ملابسها بقدميها. كما تعلمت كيف تقود سيارة خاصة بقدمها اليسرى، التي تحتوي على خمسة أصابع.
ولكن حلم جيسيكا كان أكبر من ذلك. فقد كانت تحب الطيران منذ طفولتها، وأرادت أن تصبح طيارة. فبدأت في دراسة الطيران في سن الواحدة والعشرين، ووجدت مدربًا يؤمن بإمكاناتها. استخدمت قدمها اليمنى للتحكم في المقود، وقدمها اليسرى للضغط على المثبِّت. بعد 89 ساعة من التدريب، حصلت على رخصة طيران في عام 2008، وأصبحت أول طيارة في العالم بدون ذراعين.
رسالتها وأثرها
جيسيكا كوكس لم تكتفِ بإثبات قدراتها لنفسها، بل أرادت أن تشارك قصتها مع الآخرين. فأصبحت محاضرة تحفيزية وكاتبة وناشطة في مجال حقوق ذوي الإعاقة. تسافر حول العالم لتروي تجربتها وتنشر رسالتها بأن كل شخص يستطيع أن يحلق عاليًا بغض النظر عن ظروفه. تشجع الناس على التغلب على مخاوفهم وعدم الاستسلام للصعاب. تؤكد على أن الإعاقة ليست نقصًا أو عجزًا، بل تحديًا وفرصة.
قصة نجاح عمار بوقس
عمار بوقس هو أستاذ جامعي وكاتب ومحاضر في مجال التنمية البشرية والإدارة. ولد في الجزائر عام 1971 وكان يعاني من تشوهات خلقية في الأطراف والفقرات القطنية. وقد تنبأ الأطباء بأنه لن يعيش أكثر من ثماني سنوات، ولكنه تحدى التوقعات وعاش حياة مليئة بالإنجازات والتحديات.
تلقى عمار بوقس تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وكان متفوقًا في دراسته ومشاركًا في الأنشطة الثقافية والفنية. حصل على شهادة البكالوريا في الآداب عام 1990، ثم التحق بجامعة قسنطينة حيث درس اللغة الإنجليزية والترجمة. تخرج عام 1995 بمرتبة الشرف، ثم حصل على شهادة الماجستير في الترجمة عام 1998. كما حصل على شهادة الدكتوراه في الترجمة عام 2004 من جامعة سطيف.
عمل عمار بوقس
بدأ عمار بوقس حياته المهنية كمترجم مستقل، ثم انضم إلى جامعة قسنطينة كأستاذ مساعد في قسم اللغات الأجنبية. تولى رئاسة قسم الترجمة لعدة سنوات، وشارك في إعداد المناهج الدراسية والبرامج التدريبية. كما أسس مختبرًا للبحث في الترجمة والتواصل، وأشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه للعديد من الطلاب.
إبداعات عمار بوقس
ألف عمار بوقس عدة كتب في مجالات الترجمة، والإدارة، والتنمية البشرية، والإعاقة. من أشهر كتبه: “قاهر المستحيل: قصتي مع الإعاقة”، “الإعاقة: حقائق وأفكار”، “الإعاقة: تحديات وفرص”، “الإعاقة: رؤى وإستراتيجيات”، “الإعاقة: نظرية وتطبيق”، “الإعاقة: قضية إنسانية”، “الإعاقة: مفهوم وخصائص”، “الإعاقة: مشكلات وحلول”، “الإعاقة: دور المجتمع والدولة”، “الإعاقة: حقوق وواجبات”، “الإعاقة: تمكين وتمثيل”، “الإعاقة: توعية وتثقيف”، “الإعاقة: تكامل وتضامن”، “الإعاقة: تغيير وتطور”.
كما ألقى عمار بوقس العديد من المحاضرات والندوات والورش في مختلف الدول العربية والأجنبية، وشارك في العديد من المؤتمرات والمهرجانات الدولية. كما حصل على العديد من الجوائز والتكريمات على مستوى محلي وإقليمي ودولي.
رسالة عمار بوقس
يهدف عمار بوقس من خلال كتاباته ومحاضراته إلى نشر ثقافة الإعاقة والتوعية بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وتشجيعهم على التفاؤل والإبداع والنجاح. كما يسعى إلى تغيير النظرة السلبية للمجتمع إلى ذوي الإعاقة، وتحسين ظروفهم المعيشية والتعليمية والصحية والاجتماعية. كما يرفع شعار “لا للرحمة، نعم للإحترام”، مؤكدًا أن ذوي الإعاقة ليسوا عبئًا أو مشكلة، بل هم فرصة وحل.
قصة نجاح نيكولاس فوجيسيك
نيكولاس فوجيسيك هو رجل أعمال أسترالي ومحاضر في مجال التنمية البشرية. ولد في أستراليا عام 1982 بدون ذراعين أو ساقين.ولد نيكولاس فوجيسيك في أستراليا لأسرة ذات أصول صربية. كان ميلاده صدمة لأهله الذين لم يتوقعوا أن يخلق ابنهم بدون أطراف. كان نيكولاس يعاني من حالة نادرة تسمى تثلث الأطراف (Tetra-amelia syndrome)، التي تؤدي إلى عدم تكوُّن الأطراف في مرحلة الجنين. حاول الأطباء أن يضعوا له أطرافًا صناعية، لكن جسده كان صغيرًا جدًا لتحمُّلها.
نشأة نيكولاس فوجيسيك
نشأة نيكولاس فوجيسيك في مرحلة الطفولة، كان نيكولاس يشعر بالحزن والغضب بسبب إعاقته. كان يتعرض للتنمُّر من قِبَل زملائه في المدرسة، وكان يشك في قدرته على الحب أو الزواج أو التأثير في حياته. حاول الانتحار عدَّة مرَّات، خصوصًا عندما كان في العاشرة من عمره. ولكنه توقف عن ذلك بعد أن شعر بالأسف على حزن والديه، وبعد أن قرأ قصة رجل معاق تغلب على صعوباته وأصبح مؤثرًا في المجتمع.
في سن المراهقة، بدأ نيكولاس يتقبل حالته ويتكيف معها. تعلم كيف يستخدم جسده للقيام بالأنشطة اليومية مثل الأكل والشرب والتنظيف واللباس. تعلم كيف يستخدم فمه وأسنانه لحمل الأشياء والكتابة والرسم. تعلم كيف يستخدم هاتفه المحمول بقدمه اليسرى، التي تحتوي على اثنين من الأصابع. تعلم كيف يستخدم كرسيًا متحركًا خاصًا يسير به بقدمه اليمنى، التي تحتوي على واحد من الأصابع.
في سن السابعة عشرة، انضم نيكولاس إلى فريق المدرسة لكرة القدم، وأصبح حارسًا ممتازًا. كان يستخدم رأسه لصد الكرات، وقدمه اليسرى لإطلاقها. كان يستمتع باللعبة، وكان يثير إعجاب زملائه وخصومه. كان هذا أول إنجاز رياضي له، ولكن لم يكن الأخير.
تغيير نيكولاس فوجيسيك
في سن الثامنة عشرة، بدأ نيكولاس فوجيسيك في تغيير نظرته إلى نفسه وإلى الحياة. أدرك أن إعاقته ليست عقبة أو عذابًا، بل هدية وفرصة. أدرك أنه يملك مواهب وقدرات كثيرة، وأنه يستطيع أن يحقق أحلامه وأن يساعد الآخرين. بدأ في تطوير ثقته بنفسه وإيجابيته وروح الدعابة. بدأ في التعلم من تجاربه والتغلب على تحدياته. بدأ في الاستفادة من ما يملك من رأس صغير وقدم صغيرة مع أصابع، والتي يستخدمها للتحرك والكتابة والتحدث.
نجاح نيكولاس فوجيسيك
بعد تخرجه من الجامعة، قرر نيكولاس فوجيسيك أن يصبح محاضرًا في مجال التنمية البشرية. بدأ في إلقاء المحاضرات والخطب في المدارس والكنائس والمؤسسات الخيرية. كان رسالته هي تشجيع الناس على التغلب على مشاكلهم والوصول إلى أقصى إمكاناتهم. كان قصته مصدر إلهام لملايين الأشخاص حول العالم، الذين انبهروا بشجاعته وإصراره وإبداعه.
إبداعات نيكولاس فوجيسيك
ألف نيكولاس فوجيسيك عدة كتب في مجال التنمية البشرية، من أشهرها: “حياة بلا حدود: إلهام لحياة رائعة”، “غير قابل للكسر: طرق لوضع حد للخوف والبدء في العيش”، “الإخلاص: كن قوىً في كل شئ”، “الحب بلا حدود: حافز لإظهار حب غير مشروط”. كما أنشأ مؤسسة خيرية تسمى “Life Without Limbs” (حياة بلا أطراف)، التي تهدف إلى نشر رسالته ومساعدة ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم.
رسالة نيكولاس فوجيسيك
يرى نيكولاس فوجيسيك أن إعاقته هي خطة الله لحياته، وأن لديه مهمة خاصة في هذا العالم. يؤمن بأن كل شخص لديه قصة فريدة وغرض عظيم. يؤمن بأن كل شخص يستطيع أن يغير حالته من خلال اختياراته وإرادته. يؤمن بأن كل شخص يستطيع أن يكون سعيدًا ومحبوبًا ومقدرًا. يؤمن بأن كل شخص يستطيع أن يكون نورًا في الظلام وملحًا في الأرض.
No Comment! Be the first one.