يعد قصر طوب قابي أو توبكابي، وبالتركية (Topkapı Sarayı) الواقع شمال شرق مسجد آيا صوفيا في اسطنبول أحد أهم رواد العمارة العثمانية.والذي يدمج بين الطرازين العثماني والباروكي ،مما أدى إلى مزيج من أنماط العمارة والزخرفة الإسلامية والعثمانية والأوروبية المتغيرة.
قصر طوب قابي هو أحد أكثر المباني التاريخية شهرة وأكبرها في إسطنبول.يعود تاريخ انشائه الى القرن الخامس عشر بأمر من السلطان محمد الفاتح، والذي تم تحويله مؤخراً الى متحف عام يجذب أنظار الزائرين اللامحدودة كل عام بسبب ثراءه الواضح.ليعد مثالاً وتذكيراً رائع حقًا بالقوة والأبهة السابقة للإمبراطورية العثمانية .
أين يوجد قصر طوب قابي
يقع قصر طوب قابي التاريخي الشهير في عاصمة اسطنبول بتركيا ،ويعد القصر من أكبر القصور في اسطنبول ،والذي تم بنائه في القرن الخامس عشر في مكان مرتفع وعلى أعلى نقطة قريبة من البحر تسمى سارايبورنو “Sarayburnu” في شبه جزيرة اسطنبول التاريخية،وهي سلسلة من التلال تفصل بين بحر مرمرة والبوسفور والقرن الذهبي ، وهي أحد المناطق الشهيرة في اسطنبول.
التاريخ
بعد فتح القسطنطينية (المعروفة منذ عام 1930 باسم اسطنبول) بقيادة السلطان محمد الثاني في عام 1453.كان قصر القسطنطينية الكبير في حالة خراب إلى حد كبير .((1453-1609 AD: Demise of a Legacy-The Urban Imagination)) لذالك بدأ السلطان محمد الفاتح بتشييد أول قصر مؤقت له في عام 1453 مـ ، يعرف بالقصر القديم أو العتيق وباللغة التركية”Eski Saray”. والذي اقيمت فيه المحكمة العثمانية في البداية،وكان موقع القصر في ساحة بايزيد بالقسطنطينية (جامعة اسطنبول حالياً).(( معجم الدولة العثمانية (الطبعة الأولى) لحسين مجيب /ص 24))
بدأ بناء قصر طوب قابي، بعد ست سنوات من فتح القسطنطينية في عام 1459 ،بأمر من السلطان محمد الفاتح ليكون مركز حكم و إقامة سلاطين الدولة العثمانية.تم اختيار موقعاً استراتيجياً يجمع بين الجهة الأوروبية والآسيوية لاسطنبول،في منطقة سارايبورنو ،التي تفصل بين بحر مرمرة والبوسفور والقرن الذهبي.((Topkapı Palace Museum, Istanbul, Turkey – Assignment Point))
التسمية
كان يُطلق على قصر طوب قابي ” Topkapı ” في الأصل اسم القصر الجديد ” Yeni Saray ” ،أو القصر الإمبراطوري الجديد حتى القرن الثامن عشر،لتمييزه عن القصر القديم في ساحة بايزيد “Eski Saray” .
حصل القصر على اضافات بنائية جديدة تميز كل سلطان بعد محمد الفاتح.يعد أهم تلك الإضافات هو بناء جناح جديد في عهد أحمد الثالث 1709م ،أطلق عليه اسم طوب كابي.((A History of Topkapi Palace in 60 Seconds – Culture Trip))
تم تسمية القصر على اسمه الحالي “طوب قابي ” في عهد محمود الأول،عندما تدمر واحترق القصر الساحلي والذي كان يسمى قصر طوب قابي الساحلي”Topkapusu Sâhil Sarâyı”،لذالك تم نقل الإسم الى القصر الجديد في سارايبورنو ،ويعني بوابة المدفع ،أو بوابه الدفع.
كيف تم بناء قصر طوب قابي
حرص السلطان على استدعاء أفضل العمال من كل مكان – البنائين والنجارين والنقاشين والنحاتين…إلخ، لبناء أعظم وأكبر وأفضل ما في الماضي من القصور.استغرق اكتمال بناء القصر حوالي 15 سنة أو أكثر حسب بعض المصادر.((The Topkapi Palace Museum-en.unesco.org)) كما تم توسيعه وتغييره عدة مرات طوال تاريخه الطويل،لا سيما بسبب الكوارث الطبيعية التي غالبًا ما ألحقت أضرارًا بالمباني خلال تلك الأوقات ،وعلى الرغم من ذلك فأن التصميم الأساسي لمحمد الثاني تم الحفاظ عليه في الغالب.
تم توسيع القصر بشكل كبير بين عامي 1520 و 1560 ، في عهد سليمان القانوني،حيث توسعت الإمبراطورية العثمانية بسرعة .وفي عام 1574 نشب حريق ضخم في بعض أجزاء القصر ،مما كلف السلطان سليم الثاني بإعادة بناء الأجزاء المتضررة من القصر،وأعادة ترميم بعض الأجزاء الأخرى،مثل الحريم والحمامات وغرفة الملكة الخاصة وأجنحة الشاطئ المختلفة.((Architecture, Ceremonial, and Power: The Topkapi Palace in the Fifteenth and Sixteenth Centuries-archnet.org))
اهم اجزاء القصر
كان على المهندسين المعماريين التأكد من أنه حتى داخل القصر ، يمكن للسلطان وعائلته التمتع بأقصى قدر من الترف والخصوصية وحرية التصرف ، والاستفادة من المناظر الطبيعية خارج القصر وبناء ممرات سرية.تتراوح تقديرات الحجم الإجمالي للقصر من حوالي 592.600 م 2 (146.4 فدان) إلى 700000 م 2 (173 فدانًا).حيث كان قصر توبكابي الضخم يأوي 1000-4000 نسمة ، بما في ذلك ما يصل إلى 300 في الحريم.من جميع تلك المساحة الهائلة للقصر،هناك بعض الأجزاء التي كان لها أكثر أهمية مثل:
-
بوابات القصر:
بالطبع يوجد أبواب كثيرة جداً لقصر بهذه الضخامة ،يعد أشهرها وأهمها هي بوابة السعادة المزخرفة بآيات قرآنية مطلية بالذهب الخالص،والتي لا يمكن لأحد المرور من هذه البوابة دون سلطة السلطان،وهي تفصل بين الفناء الثاني والثالث.وتعد أيضاً البوابة الإمبراطورية أو الملكية في جنوب القصر من أهم البوابات ،وهي المدخل الرئيسي للفناء الأول،والذي كان يدخل منه السلطان.وبوابة التحية الذي يدخل منه الزوار والمعروفة أيضًا باسم البوابة الوسطى.كما هناك بعض البوابات الساحلية التي تطل على السواحل حول القصر.((Architecture, Ceremonial, and Power: The Topkapi Palace in the Fifteenth and Sixteenth Centuries-archnet.org))
-
جناح الحريم :
وهو جناح ضخم خاص يحتوي على أكثر من 400 غرفة ،ويتكون من سلسلة من المباني والهياكل المتصلة عبر الممرات والساحات.تمت إضافة جناح الحريم فقط في نهاية القرن السادس عشر.وهو واحد من أجنحة القصر الخاصة للسلطان،حيث يعد هذا الجناح موطنًا لوالدة السلطان ،وبناته ،وزوجاته،والجواري، وبقية أفراد أسرته ، بما في ذلك الأطفال وخدامهم.((Center of Ottoman Power – The New York Times))
-
ساحات الفناء :
يحتوي القصر على أربعة أفنية رئيسية ،لكل منها خصائص وبنائات وطرق وصول مختلفة، فالفناء الأول هو الأسهل للوصول إليه ، بينما كان الفناء الرابع والحريم الأكثر صعوبة.كما توجد العديد من الأفنية الصغيرة الأخرى داخل القصر.((Topkapı Sarayı-millisaraylar.gov.tr))
-
الحدائق :
تنتشر الحدائق والأشجار والزهور ،في جميع أنحاء القصر ،فلا يخلو فناء إلا وبه الحديقة الخاصة به .كما يحد القصر من الغرب والجنوب حديقة الزهور الإمبراطورية الكبيرة ، المعروفة اليوم باسم حديقة جولهان .
-
الخزانة الإمبراطورية :
يحتوى القصر على الكثير من الخزانات ،يعد أهمها هي الخزانة الإمبراطورية التي تقع في الفناء الثاني .وهي قاعة مبنية من الحجر والطوب وبها ثمانية قباب.تم استخدام هذه الخزانة لتمويل إدارة الدولة،لتخزين كل ما هو ثمين للإمبراطورية سواء كانت هدايا قيمة أو ذهب وما خلافه من المجوهرات والموروثات والأموال التي تنتمي إلى السلالة.((Architecture, Ceremonial, and Power: The Topkapi Palace in the Fifteenth and Sixteenth Centuries-archnet.org))
-
القاعة الإمبراطورية :
قاعة الإمبراطورية والمعروفة أيضًا باسم الأريكة الإمبراطورية أو غرفة العرش .و هي قاعة مقببة في جناح الحريم ،بها أكبر قبة في القصر، يُعتقد أنها بنيت في أواخر القرن السادس عشر.القاعة مخصصة للإستقبالات الرسمية للسلطان مع مقربيه وضيوفه ووالدته وزوجاته وكذلك للترفيه مع الحريم الجواري.
-
مخزن الأسلحة :
هو مخزن أخر داخل الفناء الثاني ،مختص بجمع جميع أسلحة الإمبراطورية العثمانية القيمة ،سواء كانت مصنعة بواسطتهم ،أو تم تقديمها كهدية للأمبراطورية.
-
مطابخ القصر :
تقع المطابخ في شارع داخلي يمتد بين الفناء الثاني وبحر مرمرة.وتعد هذه المطابخ من أكبر مطابخ الإمبراطورية العثمانية.كان طاقم المطبخ يتألف من أكثر من 800 شخص ،لتحضير الطعام لحوالي 4000 شخص داخل القصر. يتم الدخول إلى هذا القسم من خلال الأبواب الثلاثة في رواق الفناء الثاني: باب المفوضية الإمبراطورية، وباب المطبخ الإمبراطوري وباب مطبخ الحلويات. تتكون مطابخ القصر من 10 مبان مقببة: المطبخ الإمبراطوري ،الحريم ، البيران (قسم الخدمات الخارجية للقصر) ، المطابخ ، مطبخ المشروبات ، مطبخ الحلويات ،مطبخ الكريمات ، والمخازن وغرف للطهاة.كما تضمنت المطابخ مهاجع وحمامات ومسجد للموظفين.((Architecture, Ceremonial, and Power: The Topkapi Palace in the Fifteenth and Sixteenth Centuries-archnet.org))
-
المجلس الإمبراطوري :
هي الغرفة التي يعقد فيها المجلس الإمبراطوري ووزراء المجلس الآخرين اجتماعاته. وتسمى الغرفة المقببة للمبنى ،حيث تحتوى على قبة علوية مزخرفة ومنقوشة بالنقش الأسلامي ومزينة بالذهب.ويقع مبنى المجلس في الركن الشمالي الغربي من الفناء بجوار بوابة السعادة. كما توجد مداخل متعددة لقاعة المجلس سواء من داخل القصر أو من الفناء.
-
بعض المباني الداخلية :
يوجد العديد من المباني ذات الصلة داخل قصر طوب قابي منها ما كان موجوداً منذ تأسيسه لأول مرة ،ومنه ما تم اضافته بواسطة السلاطين اللاحقين ،مثل القصور الصيفية الصغيرة/الإسطبلات الإمبراطورية/غرفة الجمهور في الفناء الثالث/الأكشاك مثل كشك يريفان،وكشك بغداد،وكشك الإفطار،كشك التراس المستقيم،والكشك الكبير/غرفة الختان /وبعض المساجد مثل مسجد الشرفة أو مسجد التراس كما يطبق عليه ومسجد أغاس/بعض الإبراج .وغيرها من الهياكل الخاصة بالمتعة والوظائف الملكية،والتي اختفت بعضها مع مرور الوقت بسبب الإهمال و بناء الخط الساحلي للسكك الحديدية في القرن التاسع عشر.
تحويل القصر إلى متحف في اسطنبول
بعد القرن السابع عشر ، فقد توبكابي أهميته تدريجياً.حيث فضل سلاطين تلك الفترة قضاء المزيد من الوقت في قصورهم الجديدة على طول مضيق البوسفور .و في عام 1856 قرر السلطان عبد المجيد الأول نقل البلاط إلى المبني الحديث “قصر طولمة باغجة- Dolmabahçe Sarayı ” الذي يقع في منطقة بشكطاش باسطنبول على الساحل الأوروبي من مضيق البوسفور.بينما احتفظ قصر طوب قابي ببعض وظائفه ، بما في ذلك الخزانة الإمبراطورية وخزانة الاسلحة والمكتبة …إلخ
بعد نهاية الإمبراطورية العثمانية في عام 1923 ، صدر مرسوم حكومي بتاريخ 3 أبريل 1924 لتحويل قصر طوب قابي إلى متحف بتركيا ،ويديره الآن وزارة الثقافة والسياحة التركيبة.حيث يشكل قصر توبكابي جزءًا من المناطق التاريخية في اسطنبول ،والتي اعترفت بها منظمة اليونسكو كموقع للتراث العالمي في عام 1985.كم وصفته على أنه من أفضل الأمثلة على التنوع الثقافي في الدولة العثمانية.((Topkapi Web Page-ee.bilkent.edu.tr))
السياحة في قصر طوب قابي
أصبح قصر طوب قابي اليوم وجهة سياحية تاريخية يجذب أعدادًا كبيرة من السياح من جميع أنحاء العالم.لتعرف على ثقافة وتاريخ وقوة الدولة العثمانية،بعد أن كان في السابق يستخدم لمناسبات الدولة.كان يطلق على القصر سابقاً اسم قصر السعادة.حيث كان تصميم ومظهر القصر فريدًا ليس فقط بين المسافرين الأوروبيين ، ولكن أيضًا بين القصور الإسلامية أو الشرقية.
تعد نقطة جذب السياح ليس فقط لرؤية ضخامة القصر ،وعمارته الفنية الرائعة التي تجمع بين تاريخ العديد من العصور ،وعلى تصميمه الثمين التي يدخل فيه الذهب في طلاء بعض النقوش.بل أيضاً لرؤية الأثار الثمينة التي يحتويها القصر على مر العصور السابقة،من بعض الآثار المقدسة الإسلامية مثل بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه،وبعض المجوهرات من ضمنها الماس Spoonmaker و خنجر توبكابي المصنوع من أحجار الزمرد والعديد من الماسات الصغيرة.كما يضم المتحف أيضا الملابس العثمانية ،و الأسلحة والدروع، و المنمنمات والآثار الدينية و المخطوطات المزخرفة مثل مصحف طوبقابي.((Topkapı Sarayı: Dünyanın en görkemli müzelerinden biri-ntv.com.tr))
قصر طوب قابي في الأعمال السينمائية
تم تصوير العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية في قصر طوب قابي في بعض المشاهد.يعد أكثرها هو العمل التلفزيوني للمسلسل التركي الشهير “حريم السلطان” ،والذي تم تصويره بنسبة كبيرة داخل في القصر.
No Comment! Be the first one.