قد لا يعرف الكثير كيف كان عذاب قوم ثمود ؟. القوم الجاحدين الذي آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه .ليس ليؤمنو به ،بل لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر بالضبط كما فعل الذين من قبلهم ومن بعدهم من القوم. لكن الله استجاب لطلباتهم وأرسل لهم أية من عنده وهي “ناقة الله” لقطع الشك باليقين.وأمرهم بأن لا يمسوها وإلا يأتيهم عذاب شديد من عند الله ،ومع ذالك وبعد أن تبين لهم الحق ،عصو أمر الله فذبحو الناقة ،فآتاهم الله العذاب الذين وعدهم به.
من هم قوم ثمود
قبيلة ثمود هي قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح، وسميت بذلك نسبة إلى أحد أجدادها، وهو: ثمود بن جاثر بن إرم بن سام بن نوح.جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها،وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء.فكانو ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة،حيث يستخدمون الصخر في البناء ،فكانت مساكنهم بالحجر ولذلك سماهم الله في القرآن الكريم أصحاب الحِجر.((مدائن صالح – ويكيبيديا)) تقع اثار مدن تلك القوم حتى وقتنا هذا في المملكة العربية السعودية شمال المدينة المنورة، وتسمى مدائن صالح، كما تعرف ديارهم باسم (فجّ الناقة).
النبي الذي اٌرسل اليهم
نبي قوم ثمود هو صالح عليه السلام ،الذي بعث اليهم بالآيات والدعوة لتوحيد الله عز وجل وأن لا يشركوا بالله أحد ولا يعبدوا سواه ولا يكفروا به، ويجمعهم على كلمة التوحيد وعبادة الله عز وجل.وكان النبي صالح عليه السلام رجل ذو نسب ومكانه بين قومه فيرجع نسبه إلى ثمود بن عاد بن آرم بن سام بن آدم عليه السلام.كما كان يعرف بين قومه بالحكمة ورجاحة العقل وكان قومة يرجعون إليه في أمورهم يستحكمونه ويستشيرونه ويأخذون بتوجيهاته، وكانو يرغبون في تنصيبه عليهم ملك إلا أن أنزل الله عليه جبريل أن يدعوا القوم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة من سواه سبحانه.
دعا صالح قومه إلى عبادة الله وترك الأوثان ،فقال لهم :”يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ“.تسلط قومه عليه واتهموه بالكذب والجنون وأنه ساحر وسخروا منه،فقالو:”قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ“. بل وصل بهم الحال أن نشروا بين الناس بأن صالح ومن تبعه مشؤمين وتطيروا بهم ،فقالو “قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ“.((لا تشاؤم ولا تطيّر في الإسلام-www.albayan.ae))لكن نبي الله صالح لم يهتم بذلك ولم يحبط بل جاهد في الله حق جهاده، فكان اسمه صالح وكان رجل صالح يدعو قومه ويخاف عليهم عذاب الله.
اقرأ ايضاً : نبي الله إدريس عليه السلام
ناقة صالح عليه السلام
كان قوم ثمود يشكون في دعوة نبيهم صالح عليه السلام ورموه بالسحر والجنون بعد أن كانوه يرونه الأكثر حكمة بينهم .وكما يفعل جميع القوم مع الأنبياء والرسل ،كما تم ذكرها في القرآن الكريم ،طلب كبراء قوم ثمود من نبيهم معجزة كبيرة تدل على صدقه ولتكون بينة على دعوته لكي يؤمنو بها.
فأستجاب الله لطلبهم فأخرج لهم ناقة من داخل الجبل في معجزة كبيرة .حيث انشقت صخرة من الجبل وخرجت منها ناقة وكأنها ولدت من صخور الجبل،سماها الله في كتابه بـ(نَاقَةُ اللّهِ) بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله.
عصيان القوم
بعد أن أنزل الله عليهم هذه الأية أو المعجزة ،قال لهم نبي الله صالح عليه السلام :” وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ “.وعاشت الناقة بين قوم صالح وكانت هذه الناقة مباركة حيث كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم،وكان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال.
استمر صالح في تبليغ دعوته بين قومه ،وشدد عليهم على عدم المساس بالناقة ،أو ايذائها أو التعرض لطريقها حتي لا يأتيهم عذاب الله.وكعادة القوم من قبلهم ومن بعدهم ،آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر.
قتل الناقة
اجتمع الرؤساء من القوم ليتآمرو على نبيهم والتخلص منه خوفاً على مصالحهم من دين التوحيد،فأخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه. حذرهم أحدهم من قتل الناقة خوفاً مما قاله النبي صالح عليه السلام من عذاب من يمسها، فقال أحدهم اعرف من يجرأ على فعل ذالك ،فأختار أشقى القوم وأشربوه الخمر.ذهب هذا الأشقى المتعاطي الى الناقة وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام ذبحها،ليخالف أمر الله ورسولة ،ولتكون بداية هلاكهم.كما ذكر في قوله تعالى :”كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا * إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا *فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا *فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا“.
اقرأ ايضاً : ذو الكفل نبي الله
كيف كان عذاب قوم ثمود ؟
أرسل الله لهم نبيه بأنه سيتم نزول العذاب عليهم من السماء بعدما قتلوا الناقة التي نبههم الله بأنهم لو قتلوها سوف يعذبهم الله أشد عذاب ، فما كان منهم إلا أن سخروا منه بزيادة واستعلوا في الأرض وقالوا ائتنا بما تعدنا :”فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ“. فأخبرهم نبيهم بأنهم سيعذبون بعد ثلاث أيام، اليوم الأول ستصفر وجوههم واليوم الثاني ستحمر وجوههم أما اليوم الثالث سوف تسود وجهوهم.
لما حصل ما حصل خاف الناس وحاولوا منع نزول العذاب عليهم، فاتفقوا بجهلهم أن يقتلوا صالح ظنًا منهم أنهم بذلك سيصدون العذاب، فاجتمع تسعة رجال وعزموا أن يقتلوا صالح في بيته ليلًا وإذا سأل الناس انكروا صلتهم بذلك الحدث، فلما هموا بذلك رماهم الله بحجارة من السماء فقتلتهم جميعًا، فلما حل الصباح ووجدهم الناس ماتوا تلك الميتة أدركوا أنهم معذبون.
حل عذاب قوم ثمود الشديد عليهم في اليوم الرابع،وهو إرسال صوت مميت كالصياح أو الصراخ ولكن بشكل صاعق للغاية قطع قلوبهم واماتهم مكانهم قال الله تعالي :”وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ*كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ “. وهكذا كان عذاب القوم من خلال صيحة جبريل عليه السلام بعدما أمره الله سبحانه، التي نزلت من السماء فزلزلت الأرض من تحت أرجلهم وترتجف إلى أن خرجت أرواحهم من أجسادهم.((كتاب الدولة والمجتمع: هلاك القرى وازدهار المدن-books.google))
كل ذلك بعدما خرج نبي الله صالح ومن آمن معه من الصالحين لما أوحي إليه ربه بالخروج لينجيهم من العذاب الأليم،قال تعالى :”فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ * فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ“. ولما انتهى عذاب قوم ثمود وهلك القوم، رجع نبي الله صالح وتمشي بين القوم المهلكون بعدما ماتوا في أماكنهم وقال لهم : يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين.((تأويل القرآن العظيم: أنوار التنزيل وحقائق التأويل /ص 720))
و لأول مرة اعرف كيفية معجزة ناقة سيدنا صالح … و كأنها ولدت من صخور الجبل
سبحانك ربى رب العرش العظيم
ربنا يبارك لك