عرف التاريخ الكثير من العلماء المسلمين الذي برعوا في شتى المجالات، الكيمياء والرياضيات والفلك والتاريخ والجغرافيا، فضلاً عن إنتاجهم الغزير في علوم الشريعة الإسلامية. وفي هذا المقال لن نتطرق إلا للعلماء الذين برعوا في العلوم بالكونية أو الطبيعية.
مقدمة بحث عن العلماء المسلمين
بعد أن قويت شوكة المسلمين في العالم، وهزموا كبرى الإمبراطوريات حينئذ، بدأوا بتقوية دعائمهم، وإنشاء دولتهم وحضارتهم التي امتدت لقرون عديدة، ومن أبرز وسائل تثبيت هذه الدعائم هي الاعتكاف على العلوم والكتب.فبالإضافة إلى حث الإسلام على تعلم ما ينفع الناس، اهتم ولاة الأمور بإنشاء المكتبات ودور العلم، وكان لكل عصر علماء وضعوا بصمتهم في فضاء العلم، ولهذا سنبحث عن العلماء المسلمين، المتقدمين منهم والمعاصرين، وسنتعرف على بعض إنجازاتهم.
أشهر العلماء المسلمين
هذه قائمة أولية ببعض العلماء المسلمين الذين لا بدًّ من ذكرهم عند البحث عن العلماء المسلمين:
1- ابن النفيس (607-687هـ):
بدأ ابن النفيس بحفظ القرآن ودراسة اللغة العربية والفقه منذ نعومة أظفاره، وفي عامه الثاني والعشرين بدأ مسيرته في تعلم الطب. نشأ ابن النفيس في مدينة قريبة من دمشق، ثم انتقل إلى القاهرة، وحاز على شهرة واسعة في زمانه، والكثير من المستشرقين ذكروه في كتبهم. ومن أبرز اكتشافاته هي اكتشاف الدورة الدموية الصغرى والعلاقة التي تربط بين القلب والرئتين.
2- ابن الجزار (… – 400 هـ):
أحمد بن الجزار القيرواني، عالم تونسي مسلم عاش في القرن الرابع للهجرة، ولا يُعلم تاريخ ولادته تماماً، وهو طبيب ابن طبيب، وعمه طبيب، فتعلم الطب منهما ومن غيرهما، وكان له عقل يفهم المسائل الطبية على نحو سريع.
ولابن الجزار إنتاج غزير في الطب، فهو أول طبيب مسلم كتب في تخصصات مختلفة، كطب الأطفال والمسنين. ومن كتبه التي ما زالت محفوظة هو كتاب “زاد المسافر”، والذي توجد نسخ منه في الهند وهولندا وفرنسا وألمانيا والمغرب.
3- أبو جعفر الطبري ( 224 – 310هـ):
الإمام محمد بن جرير الطبري، وهو أبو التاريخ العربي، وهو أول المؤرخين الذين وصل إلينا من كتبهم، والموثوقية في مؤلفاته عالية. فمن كتبه كتاب “تاريخ الأمم والملوك” والمشهور باسم تاريخ الطبري، فكان أقدم مصدر يضم تاريخ العرب كاملاً، والكتاب الثاني معنون باسم “تاريخ الإسلام”.
4- ابن كثير(701 – 774هـ):
إسماعيل بن عمر بن كثير، أبرز الأسماء التي تظهر لمن يبحث عن العلماء المسلمين، وأكثر ما اشتهر به هو تفسيره للقرآن الكريم “تفسير ابن كثير”. لكن الكثير لا يعلم أنه مؤرخ عظيم، فكتابه “البداية والنهاية” يعد مرجعاً واسعاً وشاملاً لتاريخ الأنبياء وقصصهم، وسيرة رسول الله محمد ﷺ ومغازيه، وهكذا حتى القرن الثامن للهجرة.
5- أبو الفداء(672-732هـ):
في الحقيقة فإن الجغرافيا لم تكن الاختصاص الوحيد لهذا العالِم، فهو ألف 12 كتاباً في مجالات مختلفة، لكن من أبرز هذه الكتب هو الذي تمت ترجمته إلى لغات أوروبية، وهو كتاب “تقويم البلدان” الذي يعد كتاباً في الجغرافيا حيث يتحدث عن أسماء البلدان وصفاتها.
اقرأ ايضاً:
موضوع بحث عن الزمخشري (جار الله),مذهبه ومؤلفاته
من هو أول عالم إسلامي؟
عند البحث عن العلماء المسلمين ربما نتساءل عن أوائل العلماء منهم، وهذه قائمة ببعض الرواد الذين اكتسبوا شهرة واسعة كونهم أول العلماء المسلمين:
في الطب:
أول طبيب مسلم عرفه المسلمون هو الحارث بن كلدة الذي وُلد قبل الإسلام، وتوفي في 13 للهجرة، فكان أول الأطباء في الجاهلية والإسلام. درس الطب في مدرسة كانت تقع في اليمن، وعمل لدى كسرى الفرس كطبيب خاص له. وهو الذي قال العبارة المشهورة: “المعدة بيت الداء”، والتي أثبتتها الأبحاث الغربية في العصر الحديث.لكن في الحقيقة ترددنا في وضعه في هذا البحث عن العلماء المسلمين، فالبعض يرى أنه قد أسلم في حياته، والبعض يرى أنه مات ولم يسلم!
في التاريخ:
من أول العلماء المسلمين الذين كتبوا في التاريخ هو أبان بن عثمان بن عفان رضي الله عنهما، والذي وُلد 20 للهجرة، وقد كتب في السير والمغازي، وكان بالإضافة لذلك فقيها في الدين، وتقلد الولاية على المدينة المنورة سبع سنين. لكن للأسف فقدت جميع مؤلفاته، ولم يصلنا منها إلا خبرها.
في الجغرافيا والرياضيات:
يعد محمد بن موسى الخوارزمي من أوائل المسلمين الجغرافيين، والذي عاش بين فترة 164 – 232 للهجرة. من جهود الخوارزمي في الجغرافيا هو كتاب “صورة الأرض”، والذي توجد منه نسخة عربية واحدة اليوم تمتلكها جامعة ستراسبورغ الفرنسية. والجدير بالذكر أن الخوارزمي هو أيضاً أول عالم إسلامي في الرياضيات والفلك والهندسة.
في الفلسفة:
كان للمسلمين جهود كبيرة في ميدان الفلسفة، وكان من أول الفلاسفة المسلمين هو يعقوب بن اسحق الكندي، والذي يعتبره الكثيرون مؤسساً للفلسفة العربية الإسلامية. عاش ابن اسحق بين 185-256 للهجرة، وتعلم علم الكلام في البصرة ثم تابع تعلمه في بغداد. وأغنى المكتبة العربية بكتب الفلسفة، وحاول التقريب بين الإسلام والفلسفة اليونانية، وقد كان عارفاً بالرياضيات والفلك أيضاً.
في الكيمياء:
كان خالد بن يزيد حفيد معاوية بن أبي سفيان من أول العرب المسلمين الذين تعلموا الكيمياء، فترجم الكثير من الكتب اليونانية التي تتحدث عن الكيمياء إلى اللغة العربية، ودرسها وألف بعدها عدداً من الكتب والرسائل. وُلد خالد 51 للهجرة، وعاش حياته في الشام حتى عام 90 للهجرة.
في الفيزياء:
أبو الريحان البيروني، من أبرز الأسماء التي تظهر عند البحث عن العلماء المسلمين، وُلد عام 362 للهجرة، ويعد من أعظم العقول التي شهدتها المنطقة الإسلامية، فقد برع في كل من الفيزياء والرياضيات والفلك والجغرافيا والتاريخ والفلسفة. أما في الفيزياء فله فضل كبير فيها، فجمع بين الحركة وقوانين الفيزياء الساكنة، ووضع أساسات علوم الهيدروديناميكية.
العلماء المسلمين في العصور الوسطى
تمتد العصور الوسطى بين فترة القرن الثاني قبل الميلاد حتى القرن التاسع، وتُعرف تلك الفترة أيضاً باسم العصور المظلمة، وذلك بسبب الجهل والاضطراب وشتات الذي كانت تمر به أوروبا، لكن عند الانتقال إلى المنطقة العربية، كان المسلمون يعيشون عصرهم الذهبي.وفي هذه الفترة برز الكثير من العلماء في مجالات شتى، ولذلك سنبحث عن العلماء المسلمين في العصور الوسطى:
- ابن رضوان المصري (380-453 هـ): ابن رضوان هو نابغة مصري في مجال الطب، ولد في الجيزة، وكان رئيس الأطباء عند الحاكم، وكان له منهج خاص في التعلم، فلم يتلقى العلم عن الأطباء، بل بقراءة والتهام الكتب والتجربة العملية. ولابن رضوان الكثير من المؤلفات، تزيد عن مئة مؤلف، لكن للأسف الكثير منها تم فقدانه.
- أبو علي المراكشي (…-660هـ): هو عالم عربي مسلم من مدينة مراكش المغربية، وبرع في علوم الفلك والرياضيات والجغرافيا، وصحح الكثير من الأخطاء التي وقع الجغرافيين القدامى من الرومان، فعدّل على خطوط العرض والطول التي كانوا قد وضعوها للأرض، وألف الكثير من الكتب.
أسماء العلماء المسلمين من غير العرب
هذه المقالة معنونة بأنها بحث عن العلماء المسلمين، وبما أن الإسلام يتخطى الحدود والأعراق والألوان، فهذه قائمة ببعض العلماء المسلمين غير العرب:
- البيروني: عالم رياضيات وفيزياء من أوزباكستان، وله العديد من الكتب والاكتشافات، كتفسير ظاهرة خروج المياه من الينابيع والآبار الارتوازية.
- أبو بكر الرازي: عالم مسلم يعود أصله إلى مدينة طهران الإيرانية، برع في الطب والجراحة، وترك إرثاً مكوناً من عشرات الكتب.
- ابن بطوطة: رحالة وجغرافي يعود أصله إلى الأمازيغيين، أمضى 30 عاماً يرتحل من مكان لآخر، وجَمَع ما شاهده في رحلاته في كتاب “تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”.
- عباس بن فرناس: عالم أندلسي شهير، يُعرف بأنه من أول من حاول الطيران، وقد كان عالماً في الرياضيات والفلك والكيمياء، وله الفضل في عدد من الاختراعات.
- جيفري لانج: بروفيسور رياضيات أمريكي ولد عام 1954، ونشأ لدى عائلة مسيحية، وتحول إلى الإلحاد في السادسة عشرة، وفي عمر الـ 28 أعلن إسلامه.
- روجيه جارودي: فيلسوف مسلم فرنسي الأصل، بدء حياته كملحد، ثم كمسيحي بروتستانتي، ثم كان مؤيداً للحزب الشيوعي الفرنسي، لكن في النهاية اعتنق الإسلام عندما كان عمره 69 عاماً.
اقرأ ايضاً:
أشهر علماء المسلمين في العصر الحديث
يتوهم البعض أن الحضارة الإسلامية اندثرت، وأن العلم في هذا العصر أصبح حكراً على بني الأصفر فقط دون المسلمين، ولذلك كان من الضروري القيام ببحث عن العلماء المسلمين المعاصرين، والذين لهم فضل كبير على الإنتاج العلمي:
- أحمد زويل: عالم مصري، ومن أبرز العلماء العرب. استطاع نيل جائزة نوبل في الكيمياء، وذلك بعد اختراعه كاميرا تحلل الطيف بسرعة الفيمتوثانية.
- شريف الصفتي: عالم مصري مسلم في الكيمياء، درس في إنجلترا، وهو بروفيسور في جامعة واسيدا اليابانية، ويعمل على رأس مجموعة بحثية في العلوم النانومترية.
- أسامة عثمان: عالم فيزياء من أصول سودانية، درس البكالوريوس في جامعة الخرطوم، وحصل على الدكتوراه من جامعة إنجليزية.
- عزيز سانجار: عالم فيزيائي تركي كردي، متخصص في العلوم الحيوية والوراثية، وفي عام 2015 حصل على جائزة نوبل في الكيمياء مع زميل له.
- أسامة الخطيب: بروفيسور من سوريا، حصل على درجة الدكتوراه من جامعة مونبلييه الفرنسية في مجال الأنظمة الأوتوماتيكية، ومن أبرز اختراعاته هما الذراعان الآليين “روميو وجولييت”.
- كمال يوسف: عالم جزائري تخصص في الهندسة الميكانيكية والروبوتات، وحصل على الدكتوراه من جامعة ماساتسوستس، وهو بارع في تجويد القرآن الكريم.
- وسام بربارة: دكتور جزائرية، ولمع اسمها بعد أن اخترع دواء يعالج الحروق العميقة حتى القديمة منها، واسمه “Cicatoop”.
خلاصة البحث عن العلماء المسلمين
للمسلمين فضل كبير على المجال العلمي، ولهم دور كبير في تصحيح الكثير من المعلومات المغلوطة التي كانت تنتشر في أوساط العلماء اليونان. ومن يقوم بالبحث عن العلماء المسلمين سيجد قائمة طويلة تمتد منذ القرون الهجرية الأولى،وصولاً إلى العصر الحديث، والكثير منهم يجمع بين ما يتعلمه وبين الدين القويم، الذي يحث على نفع الناس وإعمار هذه الأرض.
لذلك كفانا اتهاماً لأنفسنا بأن الجهل مزروع في جيناتنا، وأن القاع هو دائماً مكاننا، وبدلاً من ذلك فلنعتز بهويتنا، ولنبدأ التعلم والعمل من جديد، لكي يكون لنا أحمد زويل آخر، وخوارزمي جديد.
No Comment! Be the first one.