أكل مال اليتيم
قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم – ” اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، و السحر ، و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، و أكل مال اليتيم ، و الولي يوم الزحف ، و قذف المحصنات المؤمنات الغالفلات . ” رواه البخاري .
الموبقات : في الفقه هي الكبائر من المعاصي و الذنوب المهلكات ، فأوضح لنا رسول الله الكبائر السبع متضنة أكل مال اليتيم ، أي أخذ حقه من ميراث والديه له ، فهي معصية مساوية للشرك بالله عز و جل ، و هذا يوضح لنا مدى اهتمام الدين الإسلامي بحقوق الأطفال اليتامى ، و حثه لنا بحسن معاملتهم .
من هو اليتيم؟
اليتم في اللغة العربية يعني الإنفراد ، و اليتيم هو من فقد أباه و هو مازال طفلا ، و لا يقال على من فقد أمه يتيم بل يقال عليه منقطع . يقول ابن بري : اليتيم هو من مات أبوه ، و العجي هو من ماتت أمه ، و اللطيم هو من مات كلا أبويه ، و يسمى اليتيم يتيما حتى يبلغ ، فإذا بلغ زال عنه اسم اليتيم .
اليتيم في القانون
يعرف اليتيم في القانون بأنه إبن المتوفى بمن فيهم الابن المتبنى و الحفيد ، الذي كان المتوفى هو معيله الوحيد و تكون شروطه ،أنه لم يبلغ 18 من العمر بعد ، إلا إذا كان مستمرا في التعليم و ليس له معيل أو أي مصدر دخل و لازال دون سن 21 فيبقى تحت وصاية أحد أقاربه ليكون معيلا له حتى يبلغ سن الرشد .
وضع الطفل اليتيم تحت الوصاية طالما يكون قاصرا يعني حصر أموال القاصر اليتيم من عقارات و ممتلكات حصل عليها بالوراثة حتى يبلغ سن الرشد ، و يعين عليه وصي يرعاه و يعوله من ميراثه و تشرف عليه الدوله و تحاسبه وفق تعليمات يصدرها مجلي رعاية القاصرين و القيام بإدارة الأموال ، و إن كان اليتيم ليس له أي ميراث أو ممتلكات يتعين على أحد أقاربه بأن يعيله حتى يصل إلى سن يتمكن فيه من أن يعيل نفسه .
اُنظر ايضاً:
موضوع بحث عن المعاقين (ذوي الإحتياجات الخاصة)
انواع اليتم
لليتيم نوعان هما :
- اليتيم الحقيقي : و هو كل طفل – سواء كان ذكرا أم أنثى – فقد أباه و هو دون سن البلوغ .
- اليتيم الحكمي : و هو كل طفل فقد معيله و حاميه ، و يمكن أن تطلق على الأطفال الذين أبتعد عنهم آبائهم ، و توقفوا عن إعالتهم إما لانشغالهم أو لعدم مقدرتهم أو لإهمالهم . فيتم أعتبار هؤلاء الأطفال أيتاما من الناحية الفعلية من حيث فقدهم للشخص الذي يوفر الأمان و الإعالة المادية .
اهتمام الإسلام بالأيتام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: كافل اليتيم -له، أو لغيره- أنا وهو كهاتين في الجنة. وأشار بالسبابة والوسطى.كما حث الله في القرآن الكريم على بر اليتامى . حيث قال تعالى: ” لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ ” .و من مشيئة الله أن رسوله الكريم قد ولد يتيما فقد فقد أباه ثم أمه و من ثم جده و لا توجد في مشيئة الله و إرادته أي صدف .
حقوق اليتيم في الإسلام
اهتم الإسلام بالطفل اليتيم اهتماما خاصا من خلال توصيات عديدة تدعونا لإحاطته بالعطف و الرحمة و المحبة ، و أعطى الإسلام أجرا عظيما للشخص كافل اليتيم .ومن حقوق اليتيم في الإسلام:
- حفظ ماله:يجب على المسلم أن يحفظ مال اليتيم من الضياع والتعدي ،وأن ينميه ان استطاع، حتى يبلغ اليتيم ويكون قادراً على إدارة أمواله.ويحذر الله تعالى من أكل اموال اليتيم ،فقال الله تعالى:”وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا”.
- الإحسان اليه: سواء كنت واصي على اليتيم من حيث القرابة ،او لم تكن كذلك ،فينبغي عليك أن تحسن اليهم لوجه الله،في الفعل والقول،وأن تأخذ بايديهم الى الصواب ،وتدخل عليه الفرح والسعادة .
- مراعاة مشاعره: يحتاج الأيتام الى معاملة خاصة ،لأنهم يفتقدون الى أمان وعطف الأباء،لذا تكون مشاعره نوعاً ما منكسرة،فيجب على كل شخص ان يراعي مشاعر اليتيم وأن لا يجعله يفتقد أباه بذكر أو فعل .كما يجب على الأطفال أن لا ينادوه باليتيم ،أو ان يحكو أمامهم قصصهم مع أبائهم.
- الحرص على تعليمه وتهذيبه: لا ينبغي على المسلم أن يحفظ مال اليتيم من الضياع فقط،بل يجب عليه ان يعلمه وينمي مهاراته ،ويهذبه ويحثه على الصلاة والأخذ بتعاليم الدين،وردعه عن الإنحراف السئ والسلوك الغير منضبط،ولو تطلب الأمر الى ضربه من اجل ذلك.
- اعطائه الأمان والحنان اللازم: يفتقد اليتيم لحنان وأمان والده ،لذا علينا أن نفهم ذلك ونحاول أن نعطيه ما فقده من الحنان والأمان.
حكم التبني في الإسلام
رغم كل هذا التأكيد على رعاية اليتامى إلا أنه يوجد الكثير من من جحدد قلوبهم ، و جهلوا عن فضل رعاية اليتيم ، فيتخلون عن الأطفال باعتبارهم عالة لا يمكنهم تولي كفالتها ، فيلقونهم في دور الأيتام ، و رغم حث الإسلام على حسن معاملة الأيتام و رعايتهم حتى بلوغهم إلا أن تبني الأطفال من الملاجئ حرام شرعا .
التبني هو استلحاق طفل معروف النسب أو مجهول النسب بغير أبيه ، مع التصريح بأن يتخذه ولدا له و هو ليس بولد حقيقي ، و هذا حرام شرعا بتأكيد الشيخ أسامة الحديدي ، إمام و خطيب مسجد الحسين ، و نزل ذلك في قول الله تعالى في سورة الأحزاب:”ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا” .
اُنظر ايضاً:
واجب المجتمع تجاه الأيتام
المجتمع له دور عظيم في تنشأة و تهيئة الأطفال اليتامى ليكونوا أناس أسوياء قادرين على التعامل مع المجتمع و من حولهم ، فالأطفال يحتاجون أكثر بكثير من مجرد الرعاية المادية و توفير المأكل و المشرب و المسكن ، فالأطفال يحتاجون للمشاعر الإنسانية من الحب ، و الأهتمام ، و الرعاية ، و اللعب ، حتى ينموا قادرين على التفاعل مع المحيطين بهم و فهم مشاعر الآخرين .
رعاية الأيتام ليست واجبة على المؤسسات الحكومية و الجمعيات الخيرية فقط ، بل من واجبنا كمواطنين أن نزور دور الأيتام و التبرع لها بشكل دوري و توفير الألعاب و الهداية لإدخال الفرحة و اسرور على الأطفال ، و من فضل ذلك على المسلم ، عن أبي أمامة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال : ” من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ” .
اُنظر ايضاً:
موضوع بحث عن ختان الإناث وعواقبه
الخاتمة
لطالما كان الإسلام يرعى كل مظلوم أو كل شخص لا حول له و لا قوة ، فالله يكون في عون عباده و في عونهم على تخطي أبتلائاتهم في الحياة ، و الله يجازي كل شخص على عمله في المقام الأول و على نواياه الحسنة في الأساس ، فإخلاص النية لله تضمن للشخص الحصول على ثوابه جراء العمل الحسن .على كل مسلم أن يتعامل بقلبه و عقله فيفكر في مشاعر من حوله و أن يتعامل بإنسانية و رحمة مع كل ضعيف لم يحصل على نفس الحقوق التي حصل هو عليها .
No Comment! Be the first one.