قناة السويس
لمصر موقع جغرافي ممتاز بين قارات العالم القديم ، مما جعلها محطاً للأنظار و النزاع على مر التاريخ ، و خاصة بعد حفر قناة السويس لأنها وفرت الطريق التجاري المثالي لنقل البضائع بحرا ، حيث تعتبر القناة هي أسرع طريق للنقل عبر قارتي آسيا و أفريقيا ، كما أنها أقصر طريق بين قارة أوروبا و البلاد الآسيوية المطلة على المحيط الهندي.حيث توفر القناة حوالى 15 يوما بالنسبة لطريق رأس الرجاء الصالح الذي يدور حول قارة أفريقيا .قناة السويس هي ممر مائي اصطناعي ، يبلغ طولها حوالي 193 كيلومتراً.توصل بين البحرين الأبيض المتوسط و البحر الأحمر ، و تنقسم القناة إلى قسمين شمال و جنوب البحيرات المرة ، و تمر القناة بين ميناء السويس و خليج السويس و الذين يقعون في محافظة السويس .تعد الضرائب و التي يتم فرضها على السفن المارة بقناة السويس مصدرا هاما للدخل بالنسبة لمصر.
تسميتها
قناة السويس سميت بذلك نسبة الى المدية أو المنطقة التي حُفرت فيها ،وهي مدينة السويس ،وكانت مدينة السويس إحدى القلاع التي تحمي الصحراء الشرقيّة من الغزوات منذ العصور الفرعونيّة القديمة.وقيل ان سببب تسميتها بذلك هو نسبة إلى برزخ السويس الذي تجتازه القناة.
تاريخ قناة السويس
بدأت أول محاولة فعلية لحفر القناة،عند قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر عام 1798.حيث أتجه نابليون بونابرت بصحبة مجموعة من المهندسين على رأسهم مهندس يدعى لوبير لمعاينة الموقع هندسيا و قياس مستوى البحرين ، و لكن بعد إتمام القياسات الهندسية اكتشف لوبير أن مستوى البحر الأحمر أعلى من مستوى البحر المتوسط ، و لذلك تم العدول عن الفكرة و لم يتم إتمامها .في عام 1854 و صل فرديناند دي لسبس إلى مصر،متزامنا مع جلوس سعيد باشا على عرش مصر،والذي كان صديقا لدي لسبس . أستطاع دي لسبس إقناع سعيد باشا بإعادة محاولة حفر القناة و وافق سعيد باشا على ذلك .أسس دي لسبس شركة قناة السويس البحرية العالمية للإشراف على الحفر ، و أوكل إلى المهندس الفرنسي فوازان بك برئاسة المهندسين و الأيدي العاملة من مختلف الجنسيات و الفلاحين المصريين .
اُنظر ايضاً:
الصراع حول اكتشافات الغاز فى البحر الابيض المتوسط
أمتيازات حفر قناة السويس
وافق سعيد باشا على منح صديقة دي لسبس امتياز حفر قناة السويس و استثمارها ( الانتفاع بها ) 99 عاما من تاريخ افتتاحها للملاحة في نوفمبر 1869 م.وجاءت شروط هذا الامتياز مجحفة و ظالمة للمصريين ، حيث تقضي بأن :
- تتنازل الحكومة المصرية لشركة قناة السويس البحرية العالمية عن الأراضي المطلوبة لحفر القناة مع الإعفاء من الضرائب .
- تلتزم الحكومة المصرية بحفر ترعة توصل المياه العذبة للعاملين بالشروع ( و التي عرفت فيما بعد بترعة الإسماعيلية ) .
- للشركة حق انتزاع الأراضي المملوكة للأفراد و اللازمة للمشروع مقابل تعويض مالي عادل .
- للشركة امتياز استخراج المواد الخام للمشروع من المناجم و المصادر الحكومية دون ضرائب .
- تقدم الحكومة 0.8 من العمال من المصريين لحفر القناة .
- تحصل مصر مقابل الأراضي و الامتيازات الممنوحة للشركة على 15 % من صافي الأرباح .
- تحصل مصر على 44 % من أسهم الشركة .
افتتاح قناة السويس
بدأ حفر قناة السويس في عهد الخديوي سعيد ، و تم الإفتتاح بعد عشر سنوات من بدء الحفر و الذي كان في عهد الخديوي إسماعيل الذي سافر إلى أوروبا في 17 مايو 1869 م لدعوة ملوك و أمراء أوروبا لحفل الأفتتاح ، و الذي أنفق عليه الخديوي إسماعيل أموالا طائلة. كما أنه دعى المصريين من جميع أنحاء مصر لمشاهدة فعاليات الأفتتاح .أعربت الحكومة المصرية في عام 1869 .عن اهتمامها بتصميم منارة لقناة السويس ، فقام المصمم فريدريك بارتولدي تمثالا ضخما على شكل امرأة ترتجي وشاحا و تحمل شعلة. ذهب بارتولدي إلى مصر لعرض فكرته على الخديوي إسماعيل ، و كان يحمل المشروع أسم ( مصر منارة الشرق ) ليتم وضعة عند المدخل الجنوبي لقناة السويس ، و رغم ترحيب الخديوي إسماعيل بالمشروع في بادئ الأمر إلا أنه أضطر للتراجع عن قراره بسبب إفلاسه .
اُنظر ايضاً:
اشهر الاماكن التاريخيه في مصر للسياحة
تأميم قناة السويس
رغم أهمية مشروع قناة السويس في مجال التجارة،إلا أن تطورات تنفيذه جعلت منه مظهر من مظاهر التدخل الأجنبي و ضعف الإرادة السياسة للدولة آنذاك.و لذلك كان تأميم قناة السويس في 26 يوليو عام 1956 م من أحد أسباب قدوم العدوان الثلاثي على مصر و الذي قامت به بريطانيا و فرنسا و إسرائيل .على الرغم من محاولة شركة قناة السويس البحرية العالمية لمد مدة امتيازات الشركة أربعين عاما أخرى من عام 1968 م إلى 2008 م ، بالإضافة إلى دعم الحكومة البريطانية إلى هذا الطلب،إلا أن هذه المحاولة بائت بالفشل ، و تم تأميم القناة قبل موعد أنتهاء الأتفاقية الأولى بإثني عشر عاما بعد وقوع ثورة 1952 م.
أهمية قناة السويس لمصر
القناة تعد شرياناً رئيساً لحركة التجارة العالمية المنقولة بحراً، حيث يعبر من خلالها 8.3 في المئة من إجمالي حركة التجارة العالمية، وما يقرب من 25 في المئة من إجمالي حركة البضائع عالمياً، و100 في المئة من إجمالي تجارة الحاويات المنقولة بحراً بين آسيا وأوروبــا، فضلاً عن كونها إحدى أهم حلقات سلاسل الإمداد العالمية، نظراً إلى موقعها الجغرافي الفريد، وما تقدمه من خدمات ملاحية للسفن العابرة.ومن أهميتها:
- ساهمت قناة السويس في تعزيز الإقتصاد المصري،بواسطة رسوم العبور التي تفرضها القناة على السفن.والعائدات الكبيرة التي يتم تحصيلها من الدُول، والشركات، والجهات الناقلة للبضائع
- توفير فرص إستثمارية للشركات المحلية والأجنبية،وتسهيل عمليات النقل لهم.
- زيادة معدل الدخل للعملات الأجنبية لمصر،مما يعطيها قوة اقتصادية كبرى.
- توفير فرص عمل للمواطنين ،لتنظيم حركة المرور خلالها،بالإضافة الى وظائف اخرى.
- تسهيل حركة السفن التجارية ،وتوفير أكبر قدر ممكن من الأمان لحمايتها.
- ساهمت في تسهيل عمليات نقل وشحن المواد، والبضائع، والمنتجات بين دول الشرق الأقصى، والشرق الأوسط، والقارتين الأفريقية والأوروبية، وذلك من خلال خلق وإتاحة طريق أقصر وأسهل للشحن والنقل.
- انخفاض في التكاليف المالية،والوقت لنقل بضائع الشركات،بالإضافة إلى انها ساهمت بخفض وتقليل حركة النقل البحري على مستوى العالم.
اُنظر ايضاً:
تعطل الملاحة في القناة
تم تعطيل الملاحة في قناة السويس لعدة مرات عبر التاريخ و لأسباب مختلفة ، و هي عبارة عن تسع حوادث تقريبا و هي :
- تعطلت القناة لمدة يومين عام 1882 ز بسبب الإحتلال الإنجليزي لمصر .
- لمدة 11 يوما بسبب تصادم كراكة بسفينة و أدي ذلك إلى غرق الكراكة في 10 يونيو 1885 .
- تعطلت لمدة عشرة أيام بسبب تصادم سفينتين في 2 سبتمبر 1905 ، و الذي أدى بدوره إلى اندلاع حريق .
- لمدة يوم واحد عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى بسبب غرق عدد من السفن في القناة .
- تعطلت لمدة 76 يوم خلال الحرب العالمية الثانية .
- تعطلت بسبب غرق إحدى السفن في سبتمبر 1952 .
- لحوالى خمسة أشهر بسبب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 م ، و تم فتحها مرة أخرى عام 1957 م .
- لمدة 8 سنوات بعد حرب يونيو 1967 م ضد إسرائيل ، و تم فتحها مرة أخرى عام 1975 م .
- تعطلت لمدة 6 أيام بسبب جنوح سفينة ( إيفر غيفن ) في 23 مارس عام 2021 م .
تسبب التوقف الأخير لقناة السويس عام 2021 م في خسائر فادحة علي صعيد التجارة العاليمة بأكملها و الذي يقدر ب 7 مليارات جنيه إسترليني يوميا ، أما بالنسبة للخسائر التي تكبدتها مصر فتقدر بحوالي مليار دولار .
نبذة عن قناة السويس الجديدة
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع قناة السويس الجديدة،في 6 أغسطس 2015 ،وهو مشروع لتطوير وتوسعة قناة السويس يشتمل على تفريعة جديدة بطول ٣٥ كيلومترًا يمر بموازاة قناة السويس الأصلية التي يبلغ طولها ١٩٠ كيلومترًا.تم انشاء قناة السويس الجديدة بهدف تلافي المشكلات القديمة لقناة السويس من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد عن 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة.وبذلك يمكن للسفن المرور في الاتجاهين دون توقف في مناطق انتظار داخل القناة وكذلك تقليل زمن العبور مما يسهم في زيادة الإقبال على استخدام القناة ويرفع دخلها بنسبة 259%،و من درجة تصنيفها.
تمت عمليات حفر قناة السويس الجديدة بواسطة الحكومة المصرية ،وبمساعدة من بعض الشركات الوطنية ،بتمويل كامل من الشعب المصري من خلال طرح سندات ذات فائدة في سوق الأسهم المالية وقد تم جمع 8.4 مليار دولار أمريكي في غضون 8 أيام فقط ،وتم الإنتهاء من المشروع خلال عام واحد فقط.
لتحميل بحث قناة السويس كاملاً بصيغة الوورد “Word” جاهزاً للطباعة، اضغط هنا:بحث عن قناة السويس
الخاتمة
لطالما كانت مصر موضعا للأنظار من قبل الدول الأستعمارية ، و الذي جعل من الشعب المصري يناضل بكثرة على مر التاريخ ، و نضال ثورة 1952 م و محاربتهم للأحتلال و الإصرار على إرجاع حق مصر بتأميم قناة السويس ، و الذي كان أبهى صور النضال و بدأ صفحة جديدة في تاريخ مصر . صفحة من الديمقراطية و العدل في توزيع الحقوق ، و من أهمية تعلمنا للتاريخ أن نتعلم من أخطاء من سبقنا ، فبالنظر إلى القرارات المجحفة التي اتخذها الخديوي سعيد ، ظالما بها عدة أجيال ، نتعلم أن نتعمق في التفكير حول تبعيات قراراتنا و ما مدى تأثيرها على من سيلينا و من حولنا .
No Comment! Be the first one.